الثورة أون لاين – دينا الحمد:
إن كان الإضراب الوطني العام الذي نفذه أهلنا الجولانيون في الرابع عشر من شباط 1982 رسالة للكيان الصهيوني بأن أحرار الجولان لن يستكينوا لسياساته التعسفية، وأن السوريين من خلفهم سيحررون الجولان المحتل ويعيدونه إلى ربوع الوطن، فإنه كان رسالة أخرى للعالم، وخصوصاً لداعمي هذا الكيان ومشغليه، بأن السوريين لا يتنازلون عن حقوقهم مهما كانت الظروف والتضحيات.
وقد عبرت السنوات التالية للإضراب عن هذه المعاني والرسائل العظيمة عبر استمرار الإضرابات والاحتجاجات وعدم توقف انتفاضات أهلنا ضد الاحتلال وجبروته، فقد أكدت انتفاضات أهلنا الجولانيين ضد الاحتلال على مدى سنوات الاحتلال والقهر والتعسف على أنهم متشبثون بأرضهم وبهويتهم العربية السورية وأنهم أكثر إصراراً على تحرير أراضهم المحتلة، وأكد السوريون تصميهم على تحقيق هذا الهدف الوطني مهما كلفهم الثمن.
لقد نفذ أهلنا الجولانيون الأبطال في الرابع عشر من شباط عام 1982 إضراباً استمر ستة أشهر رفضاً لقرار الضم المشؤوم الذي أصدره المحتل الإسرائيلي في الرابع عشر من كانون الأول عام 1981 ما أدى إلى شلل كامل في مختلف مناطق الجولان المحتل، وخرجوا بمظاهرات عارمة استطاعوا من خلالها فرض إرادتهم الرافضة بشكل قاطع لهذا القرار العنصري.
ورغم قيام سلطات الاحتلال وفور إعلان الإضراب بفرض حصارها العسكري الشامل على القرى والبلدات في الجولان، ومنعت وصول المواد الغذائية، وقطعت الكهرباء عن أهلنا في محاولة للتعتيم على ما يجري وعزلهم عن العالم الخارجي للضغط عليهم وإجبارهم على إنهاء الإضراب والقبول بقوانينها واعتقلت عشرات الشبان من أبنائهم، إلا أن أهلنا الصامدين واجهوا الاحتلال ببسالة منقطعة النظير وقاوموا قوات الاحتلال بكل السبل المتاحة لهم، وأكدوا تشبثهم بأرضهم وعروبتهم وأنهم جزء لا يتجزأ من الوطن الأم سورية.
وتم استكمال هذا الصمود الأسطوري للجولانيين الأحرار على مدى عقود الاحتلال البغيض فأثبتوا قدرتهم على التشبث بأرضهم ومقاومة أشرس حملة عدوانية عنصرية عرفوها في تاريخهم، ورغم كل وسائل القمع والإرهاب والإجرام والتعسف والاغتيال والاعتقال فإن سلطات الاحتلال لم تستطع فرض هيمنتها عليهم لأن الانتماء إلى الأرض والوطن والهوية أقوى من أي سلاح، وما انتفاضتهم ضد توربينات الاحتلال مؤخراً ومراوحه الاستيطانية إلا أحد وجوه مقاومتهم المستمرة حتى تحرير آخر ذرة من الجولان المحتل.