الثورة أون لاين – فؤاد مسعد:
تتراوح النظرة حول تنفيذ الإعلان التلفزيوني بين طرفي نقيض فبينما يراه بعضهم أنه مجرد ترويج لسلعة بأي طريقة كانت وبأقل التكاليف، يراه بعضهم الآخر أنه رؤية إبداعية تحتاج إلى لمعة وذكاء لا بل هو ثقافة فنية جمالية تخدم المُنتج المراد الترويج له بإطار يتزاوج فيه الفني مع التجاري بحيث يُخدّم كل منهما الآخر .
هاتان الحالتان اللتان تقفان على طرفين لا يلتقيان نتلمس انعكاسهما على آلية تعاطي الممثلين مع مسألة المشاركة في الإعلانات والظهور فيها أو التسويق لمُنتج وسلعة ما بطريقة من الطرق ، فهناك فنانون يرفضون الظهور في الإعلانات ويرونها انتقاصاً من مكانتهم ، في حين أن هناك من يضعون شروطهم (ربما القاسية) لقبول المشاركة فيها ليحافظوا على ألق الظهور ولعل من أهم تلك الشروط المقابل المادي وأن يكون المنطلق حالة فنية إبداعية ، الأمر الذي يبدو أنه بات يتم تكريسه عبر مجموعة من إعلانات عالية المستوى على الصعيد الفني والفكرة المطروحة حتى أصبحت تضم بين طياتها أسماء لامعة من نجوم الفنانين الذين لهم تاريخهم المتميز ويمتلكون شعبية وحضورا لدى الجمهور ، وبالمقابل هناك من يتعاطى مع الأمر من زاوية أخرى ويراه مجرد (شغل) لا أكثر حتى وإن جاء ظهوره فيه كيفما اتفق ، ولأجله يوظف اسمه ومكانته عند الجمهور ليحقق ربحاً مادياً وإن قضم هذا الإعلان جزءاً من مكانته عند الناس ، وهو في النهاية فعل مدفوع الثمن .
لا يمكن إغفال حقيقة أن نجوماً عالميين خاضوا تجربة الإعلان ، وبالتالي ليس من ضير في الانتقاء والمشاركة المدروسة ، وربما هذا ما دفع العام الماضي فنانين بحجم ومكانة أيمن زيدان وفايز قزق وعبد المنعم عمايري لخوض التجربة ، واليوم نشهد فنانين آخرين ينخرطون في اللعبة ، منهم صباح الجزائري وأمل عرفة .. وإن كان لا يمكن إغفال الجانب المادي كواحد من عوامل الجذب الرئيسية إلا أنه لا يمكن إغفال أنهم أقدموا على تجربة تحمل مستوى عاليا من الحرفية على صعيد الفكرة والابتكار أو الحالة الفنية المُقدمة أو المستوى الإنتاجي ، بغض النظر عن المنتج الذي تم الاعلان عنه ، فما نتكلم عنه هنا محصور بالحالة الفنية ومشاركة الفنانين فيها .
أمام التراجع الكمي لعدد الأعمال الدرامية والشللية الواضحة في عدد من شركات الإنتاجية إضافة إلى الإغراء المادي الذي يمكن أن تحققه المشاركة في إعلان أو فيديو كليب ، لن نسأل عما يجذب الفنان لهذا المكان ولكن تُرفع القبعة لمن يعمل دون أن يتنازل واضعاً حدوداً لا يمكن تجاوزها تحت أي ظرف . وربما الضامن لهذا الشرط وجود قائد عمل بصفة مخرج يكون صمام الأمان يعمل الممثلون معه وهم على يقين أنهم سيظهرون بإطار لائقٍ وراقٍ ، مما يشي أن هناك سعياً لترسيخ مفهوم مختلف عن آلية التعامل مع الإعلان التلفزيوني والتعاطي مع مفرداته وذهنية تقديمه على الشاشة ، بحيث يترك بصمة لا تشبه التجارب الأخرى وإنما تضيف حتى على صعيد التعاون مع الممثل وإظهاره بإطار يترك تأثيره على المتلقي ، والشغل المختلف بدا أيضاً في عدد من الإعلانات التي تقدم دون ممثلين ولكن وقف وراء نجاحها محترفون مؤمنون بفكرة ، ويضاف إلى ذلك نظرة المُعلن نفسه وقناعته بأهمية إنجاز إعلان يحمل رؤية جاذبة ، فهو أمر بحد ذاته يدل في أحد أوجهه أن هناك حراكاً اقتصادياً ينتعش على الساحة.