الثورة أون لاين – هناء الدويري:
للتاريخ تلك الأيام التي سجّل فيها السوريون مقاومتهم للعدوان الاسرائيلي والأمريكي ومخططاتهما، والقضية العربية بقيت فعلاً متميزاً لايتزعزع بقيادة القائد الراحل حافظ الأسد، وجملة من الأحداث التاريخية التي حصلت خلال النصف الثاني من السبعينات والنصف الأول من الثمانينات سجلّتها الدكتورة نجاح العطار في كتاب من منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب بعنوان ” أيام عشناها وهي الآن للتاريخ”
إعادة نشر تلك المقالات ضمن ثلاثمائة وخمسة وثلاثين صفحة تؤكّد وتجسّد أهمية الوعي والإدراك للمؤتمرات التي تُحاك ضدّ أمتنا بالكامل في الماضي والحاضر والمستقبل، وكأنّ الزمن يعيد نفسه في كلّ اعتداء صهيوأميريكي، فنحن أصحاب الحقّ في عيشنا وأرضنا وكرامتنا ووطننا وسيادتنا، ولايحقّ لأحد استلاب تلك الحقوق والاعتداء على مصائرنا (بحسب مقدمة الكتاب)
وبحسب إرادة الشعوب والأحداث التاريخية الحقيقية والواقعية التي تذكرها الكاتبة، فإن المقاومة مستمرة إلى اليوم، وكلّ المؤامرات إلى هزيمة وزوال…
“معاً في تشرين”… مقال عن الذكرى الثالثة لحرب تشرين التحريرية وفيه تؤكّد الدكتورة العطار أن تشرين ألغى حزيران ومرارته وسواده، ولكن ليس بالكامل لأن الأحداث التاريخية اللاحقة أثبتت ومن سير المعارك بيعت فيها دماء الأبطال في اتفاقية أخرج السادات مصر بموجبها من المعركة، وترك سيناء لإسرائيل وفتح ثغرة خلال معركة تشرين للعدوان، وأعطاه فرصة سحب قواته من سيناء وزجّها مع الاحتياطي على جبهة الجولان لأنه لم يصدر الأوامر للقوات المصرية بعد أن عبرت القناة للتقدّم…
في تلك الحقبة واستكمالاً للمخطط الإمبريالي تمّ تفجير الأوضاع في لبنان لتقسيمه…
في كلّ الأحداث التاريخية تتأكّد صحّة سياسة سورية القومية وتعود لتمسك زمام المبادرة في الشرق الأوسط، والشواهد التاريخية ضمن الكتاب كثيرة.
عندما أيقظ عبد الناصر القومية العربية من غفوتها عمل الرئيس حافظ الأسد خلال عقود من الزمن على إبقائها سلاحاً أيديولوجيا وعقائدياً وكفاحياً في أيدي جماهير الأمة العربية، وصانها من الردّة، وحافظ عليها من الانحراف، وصقلها وسقاها كالفولاذ دماء جديداً…
من الشواهد التاريخية أيضا.. بقيت سورية منذ الحركة التصحيحية قائدة في حركة النضال العربي.. وتجلى ذلك في حرب تشرين التحريرية ومابعدها، وفي المعركة الديبلوماسية، والمبادرة السورية في لبنان، ومجابهة زيارة السادات للقدس المحتلة، ومقاومة اتفاقيات كامب ديفيد، واتفاقية الصلح المنفرد، وإنشاء جبهة الصمود والتصدي وحركة مؤتمر بغداد، وميثاق العمل المشترك والخطوات الوحدوية بين سورية والعراق، ومواجهة الغارات الإسرائيلية المكثفة المتصاعدة جنوب لبنان….
أميركا وإسرائيل وعملاؤهما يئسوا من التأثير على سورية خارجياً، فعمدوا إلى تفجير الوضع داخلياً ومحاولة التأثير على السياسة الخارجية، فكانت من التاريخ مجزرة المدرسة المدفعية في حلب جريمة وحشية كشفت اتجاه القوى الإمبريالية والصهيونية وماتوقّعه “بيغن” حينها من تبعات سقط أمام الوحدة الداخلية للشعب السوري (كما اليوم) ولم تجدِ نفعاً حتى الاغتيالات الفردية والجماعية الوحشية لأبناء الشعب السوري..
ومن الشواهد التاريخية أيضا “اتفاق الإسكندرية بين السادات وبيغن” الذي وبحسب وكالة “نوفوستي” حينها في تعليقها على أحداث لبنان (إنّ الوجود السوري هناك عقبة أمام المخطط الاسرائيلي لاجتياح لبنان وهم – الاسرائيليون- لايتورعون عن التحرّش بالقوات السورية….)
وخلق مبررات أمريكية لاحتلال حقول النفط في الخليج العربي…
وميّزت الكاتبة في أحد المقالات بين السادات وبرّأت الساداتية منه والفرق بينهما…
وفي معظم المقالات تأكيد على دور سورية المركزي في الاحتفاظ بالقضية العربية حية ومقاومة التجزئة، وأهمية ودور القائد حافظ الأسد في الأحداث التاريخية للمنطقة العربية وعالمياً، وشهادة العدو برغمه أكدت ذلك عندما أضعفت مواقف الرئيس الأسد أميركا وأداتها العدوانية إسرائيل وعميلها السادات كتبت جريدة “الفايننشال تايمز” البريطانية المعروفة بمواقفها تقول: ( أحد عوامل الثبات في نظام حافظ الأسد، يتجلى في أنه لايستفز نفسه بسرعة غاضبة ليرد على الأحداث المستجدة بنزق وطفرة… إن له طاقة صبر واحتمال كبيرة، وهذا ماتعتبره الأوساط السياسية العالمية دليلاً على بُعد نظره وعظم تجلده).
١٨ شباط و٢٦ شباط ملعونان إلى أبد الدهر أيام عار السادات وبكاء الشاب والصبية وإنشاد المعتقلين (والله زمان ياسلاحي)، عار فوق الطاقة على الاحتمال فقبل ذكرى الوحدة بأيام سيجري تبادل أوراق اعتماد السفراء للعدو الاسرائيلي والسادات في محاولة لقتل شرف ذكرى الوحدة، لكن أعلام فلسطين في القاهرة والصيحات التي اخترقت الحزن (عاشت العروبة، وعاشت فلسطين…) والحشود أيبست الكلمات على شفاه يوسف هداس الإسرائيلي الذي رفع وسط الذعر علم الإرهاب..
مرحلة مابعد السادات وموته الكارثي بالنسبة لواشنطن، الرجل المتميز بخيانته وموته يعني موت التميز هذا، لكن مالم يحصل وماكان مطلوباً في تلك المرحلة من مصر واضح، وهو العودة عن سياسة السادات ونبذ اتفاقات كامب ديفيد، ووقف عملية الاستسلام مع إسرائيل، وتحرير الأرض واسترداد الحقوق، وهذه هي السياسة العربية المطلوبة، وهذه هي الاستراتيجية العربية المقررة والبديلة لكامب ديفيد، لكنّ ماأعلنه مبارك مخيّب للآمال فقد أعلن لصحيفة “مايو” أنه (سيكمل المشوار الذي بدأه السادات وفي المقدمة استكمال عملية السلام… إن السلام سيكون إلى الأبد ولاحروب بين مصر وإسرائيل بعد اليوم).
كثيرة هي الأحداث التاريخية التي تؤكد أن إسرائيل سند أميركا في الشرق الأوسط، ومخططات أميركا لاحتلال الأراضي العربية والوصول إلى الخليج (وهذا مايثبته حاضرنا، رغم أن النبوءة إذا صحّت تسميتها كانت تقول ذلك).
العطار لم تتحدث عن نبوءات فقط بل عن تسلسل أحداث لصراع كانت شاهدة على أحداثه، ونقلت وقائع التاريخ بأمانة وصدق ووثائق لاتحصى، ويمكن للقارئ أن يأخذ الحكمة والعبرة من أحداث التاريخ ليعرف عدوّه في كلّ زمان ومكان، وليعرف قامات يخلّدها التاريخ، ورجالات قالوا وأعلوا كلمة الحقّ في كلّ المحافل والميادين كالقائد الراحل حافظ الأسد، وأما الخائنون فإلى مزبلة التاريخ، ونحن المنتصرون بالعزيمة الصادقة والإرادة الصلبة مهما اشتدّ العدوان وتعاظم البغي