الثورة أون لاين – نهى علي:
تؤكد مؤشرات واقعية أن ثمة توجهاً جديداً نحو الاستثمار في تربية النحل في الأرياف السورية، على اعتبار أن هذه المهن ليست بحاجة إلى تفرّغ كامل، بالتالي باتت المورد الرديف غير الصعب للموظفين ولذوي الدخل المحدود والفقراء الباحثين عن مصادر رزق معززة لقدرتهم على الإيفاء بالتزامات إنفاق أساسية في يومياتهم.
ويشكل هذا الإقبال الجديد العامل الأهم لإعادة إنعاش قطاع تربية النحل في سورية، بعد أن لحقت به أذية كبيرة جراء ظروف الحرب كغيره من القطاعات الأخرى.. وتشير أحدث الأرقام إلى أن سورية استطاعت تجاوز عتبة استيراد خلايا النحل، والتوجّه نحو تصدير العسل، واستعادة مكانة العسل السوري في الأسواق العالمية، بعد أن تسبب تراجع إنتاج أداء القطاع خلال سنوات الحرب، بآثار سلبية على مكانة سورية في أسواق العسل العالمية، كما أفسح المجال للجشعين لاستغلال حاجة المرضى لهذا المنتج ذي الاستخدام الدوائي في الكثير من الأحيان.
إلا أن كميات كبيرة من العسل المغشوش تعتري السوق حالياً، وفق خبراء وزارة الزراعة وخبراء أكاديميين في جامعة دمشق، إذ دفعت الحاجة وحالة النقص في المادة خلال سنوات الأزمة، هواة الربح السريع مهما كانت الوسيلة، إلى تصنيع العسل المغشوش، الذي يعتمد على السكر كمادة أساسية لتصنيعه وطرحه في الأسواق على أنا عسل طبيعي، وعلى الرغم من استعادة القطاع عافيته، والتحسن التدريجي والمتسارع حالياً، وإنتاج كميات فائضة عن السوق المحلية، إلا أن الأصناف المغشوشة مازالت حاضرة وبقوة وخاصة في المناطق الشعبية.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن إنتاج سورية من النحل قبل الأزمة كان حوالي 3150 طناً بوجود 730 ألف خلية نحل، ومع حلول الحرب تراجعت أعداد الخلايا إلى 150 ألف خلية عام 2017، بعد أن هاجر أغلب أصحاب المهنة، إضافة إلى التدمير الممنهج للخلايا والحرق المفتعل لها…
وتؤكد تقارير وزارة الزراعة، أنه وبالتعاون مع الأمانة السورية لاتحاد النحالين العرب والمنظمات الدولية، تم إطلاق برامج مكثفة لترميم القطاع عبر توزيع أعداد من الخلايا الخشبية ومعدات النحالين، وتدريب فنيين جدد، وإدخالهم في سوق النحل، وتقديم الدعم المادي والفني لهم، إضافة إلى دعم الأسر الفقيرة بمشاريع صغيرة لتربية النحل، كما تم خلال العام الحالي التوجّه لزراعة المحاصيل الرحيقية ذات الجودة المرتفعة، وتم تنفيذ مشروعين لزراعة الزعتر الخليلي الذي يعتبر نباتاً غذائياً طبياً ومرعى مميزاً للنحل ينتج أعسالاً متميزة لها طلب في السوق الخارجية للتصدير.
وتشير التقارير ذاتها إلى أن أعداد خلايا النحل وصلت بين عامي 2017-2021 إلى قرابة الـ 500 ألف خلية نحل، وقد ساعدت الظروف المناخية ببداية هذا العام على توافر المرعى الجيد للنحل، وبالتالي زيادة الإنتاج.
إلا أن هذا الاهتمام اصطدم بمشكلة فائض الإنتاج العائد لصعوبات التسويق، داخلياً بسبب انخفاض القدرات الشرائية – وخارجياً بسبب عدم وجود إمكانات كافية للتصدير، لأن تصدير هذا المنتج يتطلب وجود شركات شحن قادرة على إيصال العسل السوري إلى الأسواق العالمية، كما تسبب انتشار وباء “كورونا” بإغلاق الكثير من الدول وعدم استقبالها للبضائع، وبالتالي كساد الكثير من المنتجات في سورية.
ويتحدّث خبير في هذا المجال عن ميزات جاذبة نابعة من ميزات الطبيعة السورية، يمكن أن تتحقق في العسل السوري وتساعد في التصدير إلى مختلف أسواق العالم، وهي – الميزات – التي تتيح إنتاج ” العسل العضوي” المرغوب عالمياً، ولدينا في سورية بيئات متعددة ومنتشرة أفقياً لإنتاج هذا النوع من العسل.
والمطمئن أن انتشاراً أفقياً متسارعاً لخلايا النحل، وتزايداً ملحوظاً لعدد العاملين في هذا المجال، والباقي هو أن تبادر الجهات المعنية إلى مزيد من الرعاية و الإرشاد الإنتاجي للوصول إلى مواصفة عالمية تسهل تدفق العسل السوري نحو الأسواق العالمية، إضافة إلى مساعدة المربين في عمليات التعبئة والتوضيب ومنح شهادات المنشأ مع العلامات التجارية والباركود السوري الخاص..فالقطاع يبدو واعداً إذ ما حظي بالاهتمام الكافي.