الثورة أون لاين – حسين صقر:
مع أن الدروس الخصوصية أصبحت أمراً حتمياً تلجأ إليه معظم الأسر، لرفع عبء متابعة أبنائها أكاديمياً، ومساعدتهم على المذاكرة والتحضير، إلا أن البعض الآخر من تلك الأسر يعدُّ أن هذه الظاهرة تخلق لدى الأبناء الاتكالية، وعدم المبادرة والتفكير، والخمول العقلي، وقد تنتقل هذه العادة المدمرة معهم إلى مرحلة الدراسات الأعلى.
بعض التربويين يقولون: إن أسباب اللجوء للدروس الخصوصية، تتوزع على الطالب وأسرته والمعلم والمدرسة، ومن بينها، صعوبة وطول المناهج، وعدم وضوحها، وضعف الطالب في بعض المواد، وكثرة غيابه، وعدم انتظامه في حضور الحصص الدراسية، وإلغاء معظم المدارس، ومنها الخاصة بشكل رئيسي، للكتاب المدرسي، والاستعاضة عنه بمواقع الكترونية، والاهتمام بالأنشطة على حساب المادة العلمية، إضافة إلى ضعف مستوى بعض المعلمين، وانشغال الكثير منهم بالأعباء الإدارية، وتدني رواتبهم، واضطرارهم إلى تشجيع الطلبة على تلقي دروس خصوصية لتحقيق دخل إضافي، يساعدهم على مواجهة أعباء الحياة المعيشية لهم ولأسرهم.
“الثورة” التقت مع بعض الفعاليات وتواصلت مع البعض الآخر، وكان
السؤال: كيف ننقذ أبناءنا من هذه الظاهرة التي تتفاقم يوماً بعد آخر، مع أن التربية استحدثت برامج ووسائل تربوية بديلة لإقناع أولياء الأمور بالعزوف عن هذه العادة.
*إرهاق مادي
وتؤكد عفاف أبو شنب وهي ولية أمر أن الدروس الخصوصية مرهقة مالياً، وتعد عبئاً على ميزانية الأسرة، في وقت لا يمكن لأولياء الأمور التغاضي عنها، نظراً لصعوبة المناهج الدراسية من وجهة نظرهم، وأشارت أن معظم الأسر تجد صعوبة في مساعدة أبنائها، وتحتاج إلى متخصصين.
ونوهت أن ظاهرة الدروس الخصوصية تستفحل قبيل بدء الامتحانات، كما تشتد وتيرتها في موسم الامتحانات النهائية من كل عام دراسي، حيث يصل سعر الحصة الدراسية إلى قرابة خمسة عشر ألف ليرة أحياناً، أما ليلة الامتحان يتقاضى بعض المدرسين نحو خمسين ألفاً.
*دورات رمزية
بدوره تمنى كل من عبد الله أحمد و جمعة الخطيب وحسن علواني، وهم أولياء أمور على الإدارات المدرسية في التربية بأخذ زمام المبادرة، واستحداث برامج تقوية على مدار العام، لدعم الطلاب الذين يحتاجون إلى دروس تقوية في بعض المواد الدراسية، مقابل مبلغ رمزي للمعلمين، على أن يختاروا مدرسين كفوئين لهذه المهمة.
*مستوى المناهج لايتناسب مع ثقافة الأهل
وقالت سعدى محمود ونوال عطالله ورمزية نجم الدين: إن معظم الأُسر تلجأ إلى الدروس الخصوصية وتعدها طريقة مثلى للتخفيف من عبء متابعة أولياء الأمور لأبنائهم من صغار السن حيث يعيش الآباء في دوامة بين أداء مهامهم الوظيفة، ومتابعة أبنائهم، كما توجد أمهات لا تتمتع بمستوى تعليمي يمكنها من متابعة دراسة أبنائها لأن مستوى تعليمهن لا يتناسب مع المنهاج، فضلاً عن أن بعضهن موظفات أيضاً.
وألقت هؤلاء باللوم على بعض المدرسين الذين لايمتلكون مهارات تعليمية ومعلومات حسب المستوى المطلوب.
ترويج للدروس الخصوصية
من جهتها علياء سالم وهي مدرسة فيزياء إن الإعلانات التي تروّج لدروس خصوصية في جميع المواد الدراسية، تملأ مواقع التواصل الاجتماعي مع أرقام مدرسين مجهولين، محذرة من خطورة التجاوب مع مروجي الدروس الخصوصية الذين قد يشكلون خطراً على الأبناء.
شرود دائم
وفي السياق ذاته لفت مدرس الرياضيات هاني عبد القادر عمشة أنه
لكل شيء إيجابياته وسلبياته، وهكذا الدروس الخصوصية، فمن سلبياتها أنها تجعل الطالب لايهتم بالحصة الدرسية لاعتماده على الدرس الخصوصي، ولا ينتبه لشرح المدرس ، منوهاً أنه من أسباب اللجوء للدروس الخصوصية رغبة الطلاب في الحصول على معدل عال ولكن ذلك يسبب أعباء اقتصادية تترتب على أولياء الأمور، وفي ذات الوقت برر بأن هناك صعوبة في المنهاج وعدم وضوحه وهو مايؤدي لضعف الطالب في بعض المواد، وضعف التأسيس في بعضها الآخر، فضلاً عن الإهمال وكثرة الغياب وكراهيته للماده أو المدرسة نتيجة بعض العوامل التي لا مجال لذكرها.
تعوّد على الكسل
وعن فوائد الدروس الخصوصية وسلبياتها قال الموجه الاختصاصي لمادة اللغة الإنكليزية محمد عبد الصمد تكسر حاجز الخجل عند الطالب، كما توفر الوقت للأهل لمتابعة أطفالهم، ولاسيما الحالات الخاصة منهم، و إعطاء الطالب الفرصة لإعادة بعض المعلومات و المهارات
أما عن سلبياتها فهي تعود الطلاب للتكاسل و الاعتماد على الغير، وتشكل أعباء مادية إضافية على الأهل، كما يمكن أن تدفع الطالب للشغب والفوضى لأنه يعلم بأنه سيتلقى درساً خصوصياً.
*المدرسة هي الأفضل
من ناحيته قال أحد الموجهين التربويين والذي فضل عدم ذكر اسمه: قد يكتفي بعض طلابنا بما يأخذونه من معلومات ضمن الدروس المخصصة داخل المدرسة، وهذا مايغنيهم عن الدروس الخصوصية، بينما يكون البعض بحاجة لترميم بعض المعلومات، لكن بسبب الحالة المادية، و ارتفاع أجور الدروس الخصوصية لا يستطيعون القيام بذلك، فيما يلجأ لأخذ تلك الدروس الخصوصية، وخاصة في الشهادتين الإعدادية والثانوية والأخيرة أكثر، و قد يكون لعدة أسباب منها ضعف الكادر التدريسي لمادة أو عدة مواد، ربما بسبب الإمكانية العلمية عند المدرس نفسه، أو عدم إعداده بالشكل المناسب، سواء ضعف بحصيلة دراسته الجامعية أو عدم اتباعه دورات تدريبية تؤهله لاتقان الطرائق والاستراتيجيات والتقنيات اللازمة، وخاصه المدرسين الجدد، بالإضافة لنقص الكادر التدريسي المختص ببعض المدارس، وخاصة مدارس الريف.
وأوضح أن المواد العلمية واللغات الأجنبية لها دور بالاتجاه للدروس الخصوصية، رغم قيام وزارة التربية بمسابقات لانتقاء المدرسين لهذه المواد وغيرها، لكن جنوح بعض المدرسين للأعمال الإدارية أدى لإفراغ الشعب الصفية من المدرسين الكفوئين، وبالتالي تعيين مدرسين غير خريجين لايتمكنون من تقديم المعلومة بشكل سلس، فضلاً عن عدم التحاق البعض الآخر بعملهم نتيجة غلاء أجور النقل وبعدهم عن مناطق سكنهم.
وأشار أيضا على مستوى التحصيل والذكاء هناك أثر عند الطالب للاعتماد على الدروس الخصوصية، بالإضافة لكثافة و اتساع المناهج وسعي الطالب للحصول على العلامة الكاملة أو شبه الكاملة، حيث معدلات الجامعة لا ترحم رغم جهود الطلاب وأهاليهم الذين ايضا لهم دور بارز بدفع أولادهم إلى تلك الدروس نتيجة خوفهم وحرصهم الشديدين عليهم للوصول بهم إلى أفضل الاختصاصات الجامعية، ونوه بالقول: هناك طلاب لا يذهبون إلى دروس خصوصية إلا ماندر ويعتمدون على جهودهم وجهود مدرسيهم ويحصلون على نتائج إيجابية وطموحة.
لكن بالمجمل للدروس الخصوصية لها أثر سلبي على الطلاب بإهمالهم يومهم الدراسي في المدارس، وعدم رغبتهم بالاستفادة والاتكالية، وقال تبقى المدرسة هي السبيل الأفضل والأكمل للتحصيل العلمي، وخاصة إذا تكاتفت الجهود من الجميع لإنجاحها.