الثورة – غصون سليمان:
في مجامر الوطن يرتقي الشوق إلى نيسان، ففيه روزنامة عيد الاستقلال، حيث غزلت البطولات قصائدها من دون خوف أو وجل ضد مستعمر فرنسي غاز قدم من خارج الحدود والبحار ليستعمر أرض الطهر والكرامة، لكن إرادة أبناء الشعب السوري أبت إلا أن تكون حرة أبية.
فانطلقت شرارة المقاومة منذ اللحظات الأولى حين وطأت أقدام المستعمر الغازي الساحل السوري عن طريق البحر، لتأخذ صداها على امتداد جغرافية الوطن، فكان المجاهدون الأبطال من ثوار جميع المناطق من الشيخ صالح العلي، إلى سلطان باشا الأطرش، وإبراهيم هنانو، وفوزي القاوقجي، ويوسف العظمة، وغيرهم الكثير الكثير.
ومع احتدام المعارك على مدى سنوات رغم قلة العدة والعتاد ووحشية المستعمر الغازي، إلا أن الحق لابد أن ينتصر، وأن الحياة لا يعدو لها طعم إلا بمساحة نفس مفتوحة للوفاء والحب والإخلاص.
وهكذا كان وفاء أبناء سوريا من آباء وشباب وأمهات عنواناً لكرامة هذه الأرض، إذ كان الولاء بالقلب والفكر والعقيدة لجذور الأرض، للتاريخ والجغرافية، للتراث والثقافة، والهوية عنواناً، لا تمزقه مصطلحات ولا خرائط مبعثرة، سكه حبر التآمر في مطابخ البلدان المستعمرة.
إن هذا اليوم العظيم، يوم السابع عشر من نيسان لعام ١٩٤٦ تخفق الأفئدة ويبتسم الصباح له بذاك التحية لكل من صان الشعار والأمانة.. فسوريا وطن العزة وعنفوان الوجود، ستبقى وشهداؤها تاج فخرنا وكبريائنا، عصية على كل غاصب ومستعمر، مهما أراد أن يكبل قيود الوطن بذاك الطيف الثقيل الذي أرهق جسدها، لكن شعبها لن يقبل إلا أن يكون أبياً، فعلى امتداد الكبرياء، كانت روح السابع عشر من نيسان وعداً محققاً بإصرار الرجال والأبطال الذين مزقوا في النفوس شريعة الخوف وأعلنوا أن التراب لا تصونه إلا الزنود السمر من صغير وكبير، هكذا كان أبطال الاستقلال على موعد مع الكرامة، مع النصر، رغم قلة العدة والعتاد، أمانات أودعها سجل حافل لهوية وطنية، لا تغيرها نقاط التفرقة ولا سطور الاستعمار والاستعباد.
لقد أبدع مجاهدو الثورة السورية الكبرى في تضحياتهم لتبقى سوريا الوطن أم العيش والحياة الكريمة