توقيت الزيارة الذي يتزامن مع عيد التحرير له رمزية…ممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن في زيارة مرتقبة إلى سوريا

الثورة _ نيفين أحمد:

تستعد دمشق لاستقبال سفراء الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن الدولي في زيارة رسمية مطلع كانون الأول/ديسمبر المقبل، وذلك قبل أيام من الذكرى السنوية الأولى للتحرير.

وتشير المعلومات المتداولة إلى أن برنامج الوفد يشمل لقاءات مع الرئيس أحمد الشرع وعددا من ممثلي المجتمع المدني، إلى جانب محطات ميدانية مرتبطة بالمهام الأممية في البلاد.

ويرى الباحث السياسي في مركز “جسور” للدراسات، محمود إيبو، في تصريح لـ”الثورة السورية”، أن الزيارة تأتي في لحظة تشهد تحولا واضحا في مقاربة الأمم المتحدة للملف السوري، وخصوصا بعد صدور القرار 2799 في تشرين الثاني/نوفمبر 2025 الذي رفع العقوبات عن الرئيس الشرع ووزير داخليته أنس الخطاب بأغلبية واسعة داخل المجلس.

وقد شكل هذا القرار نقطة تحول في تعامل الدول الأعضاء مع المرحلة السياسية الجديدة في سوريا، مضيفا أنه فتح المجال أمام مقاربة جديدة تقوم على التواصل المباشر مع الحكومة السورية وتنظيم التعاون معها.

كما تأتي الزيارة أيضا في سياق نقاشات دولية جارية حول ثلاثة ملفات رئيسية تخص سوريا، وهي قرار جديد، ومبعوث جديد، ومستقبل البعثة الأممية داخل البلاد، وذلك بالتوازي مع مشاورات يقودها الأمين العام للأمم المتحدة لاختيار خلف للمبعوث السابق غير بيدرسون.

كما تتقاطع الزيارة مع اجتماع مقرر لوزراء خارجية مجموعة الاتصال في منتدى الدوحة المقرر في 6 و7 كانون الأول/ديسمبر، بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.

ويشكل ملف البعثة الأممية في سوريا أحد محاور النقاش، لكونه مرتبطا بمهام المراقبة والدعم الإنساني والتواصل مع الأطراف المحلية.

وأوضح الباحث السياسي، أن هذه الزيارة توحي برغبة مجلس الأمن في تكوين فهم أدق لتطورات المرحلة الجديدة، من خلال الاطلاع المباشر على واقع العمل الحكومي وطبيعة الترتيبات الجارية داخل البلاد، بما يساعد على صياغة رؤية مشتركة بين الدول الأعضاء بشأن دور الأمم المتحدة خلال الفترة المقبلة، ولا سيما مع التحضير لتسمية مبعوث جديد يتولى متابعة المسار السياسي، مؤكدا أن من هنا تأتي أهمية الاستماع إلى تقييم القيادة السورية لأولويات المرحلة المقبلة وآفاق التعاون مع المنظمة الدولية.

لماذا هذه الزيارة؟

يبدو التوقيت مرتبطا بثلاثة عوامل أساسية كما يرى الباحث، وهي استحقاقات أممية ملحة تتطلب تقييما ميدانيا قبل اتخاذ قرارات تخص سوريا، وخصوصا مع بحث صياغة قرار جديد بعد استقالة المبعوث الأممي وتبدل طبيعة العلاقة بين دمشق والمؤسسات الدولية، إضافة إلى الحاجة إلى تقييم الوضع الإقليمي بما في ذلك لبنان، الذي يشكل امتدادا مباشرا للملف السوري سواء في قضايا الحدود أو اللاجئين أو الأمن.

وأضاف إيبو أن الزيارة بهذا المعنى تحمل طابعا استكشافيا يهدف إلى جمع المعطيات من سوريا ومن المؤسسات الأممية العاملة في المنطقة، تمهيدا لتحديد اتجاهات العمل الأممي خلال العام المقبل.

أما على الجانب اللبناني، فتأتي الزيارة بعد تصاعد التوترات الأمنية وتواصل الضربات الإسرائيلية رغم اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، وهو ما أعاد ملف الجنوب اللبناني ومهام قوات “اليونيفيل” إلى صدارة الاهتمام الدولي.

وفي هذا السياق، أشار الباحث إيبو إلى أن الجولة تحمل بعدا إقليميا يعكس ترابط الملفين السوري واللبناني، إذ أصبحت قضايا مثل الحدود والتنقل وملف اللاجئين محط اهتمام مشترك داخل مجلس الأمن، باعتبارها ملفات تتأثر مباشرة بتطورات الوضع في البلدين.

ويرى مراقبون أن الملف الإنساني يشكل أولوية ثابتة في أي زيارة أممية، لذا يركز الوفد على هذا الجانب، وخصوصا في ظل استمرار الحاجة إلى قنوات أكثر تنظيما لإيصال المساعدات وضبط آليات التنسيق بين المؤسسات الأممية والجهات المحلية، فيما يرغب الوفد في تكوين صورة ميدانية محدثة.

ويرى المحلل أن الدول الأعضاء تسعى من خلال زيارتها للبلدين إلى إيصال مجموعة من الرسائل السياسية، أبرزها تأكيد الانفتاح على المرحلة السورية الجديدة، والإشارة إلى أن الأمم المتحدة مستعدة لتعزيز التعاون مع الحكومة السورية ضمن أطر مؤسسية واضحة، إضافة إلى توحيد مواقف أعضاء المجلس تجاه متطلبات المرحلة المقبلة بما يمنع تشتت الجهود أو تضارب المبادرات الدولية.

مشيرا إلى أنه ضمن هذا السياق سيركز الوفد خلال وجوده في دمشق على ثلاثة ملفات رئيسية: تطوير مسارات التعاون في إدخال المساعدات الإنسانية، وتعزيز التنسيق مع الوكالات الأممية، والاطلاع على المستجدات المرتبطة بالأوضاع الميدانية والمناطق التي تتعامل معها الأمم المتحدة ضمن ترتيبات خاصة.

ارتباط الملف السوري بالواقع اللبناني

يرتبط الملفان السوري واللبناني بعدد من القضايا المشتركة، من أبرزها مسألة اللاجئين السوريين في لبنان وما يثيره الملف من أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية، والحدود المشتركة التي تشهد تعاوناً بين المؤسسات الأمنية في البلدين.إضافة إلى تأثير أي تحولات داخل سوريا على الوضع اللبناني الداخلي، ولا سيما في الجنوب، ويمثل هذا الارتباط أحد أسباب زيارة الوفد إلى بيروت بعد دمشق، بهدف استكمال صورة المشهد الإقليمي من الجانبين.

يحافظ لبنان على موقعه كأحد الملفات التي تستدعي حضوراً دائماً داخل مجلس الأمن، لارتباطه بوجود قوات الأمم المتحدة على أراضيه وبالاشتباكات المتكررة على الحدود الجنوبية.

وتأتي هنا زيارة السفراء في ظل مراجعة مرتقبة لمهام “اليونيفيل” مع اقتراب نهاية ولايتها عام 2027، الأمر الذي يستدعي تقييماً مباشراً من قبل الدول الأعضاء.

كما تمهد هذه الزيارة، كما يرى محللون، لتحديد أولويات المبعوث الجديد بناء على معطيات يجمعها السفراء خلال جولتهم، وتطوير صيغة أكثر فاعلية للتعاون الإنساني في ضوء التغيرات على الأرض، وكذلك تعزيز الثقة بين دمشق والمؤسسات الأممية بما ينعكس على مسار العملية السياسية.

ومع تعدد الملفات المشتركة بين البلدين، فإن أي تطور في مقاربة مجلس الأمن قد يترك أثراً في مستوى التنسيق الأمني بين دمشق وبيروت وآليات إدارة ملف اللاجئين، إضافة إلى الموقف الدولي من الوضع على الحدود الجنوبية.

هل يظهر توجه جديد؟

أشار الأستاذ في القانون الدولي أحمد عمر، في تصريح لصحيفة “الثورة السورية”، إلى أنه وفق الرؤية القانونية، فإنه انطلاقاً من الزيارة ومخرجاتها على دول المنطقة، وعلى وجه التحديد سوريا ولبنان لما يربطهما من ملفات مشتركة، سيؤكد مجلس الأمن على تنفيذ قراراته، وهي جزء من منظومة الأمم المتحدة التي تتوافق مع القانون الدولي، مضيفاً إن هناك قرارات دولية في سوريا في ما يتعلق بملفات اللاجئين والأمن والحدود وغيرها.

زيارة سفراء مجلس الأمن إلى سوريا ولبنان تمثل واحدة من أكثر التحركات الدبلوماسية أهمية خلال العام الجاري، ليس فقط بسبب توقيتها، بل أيضا لأنها تأتي في لحظة تتقاطع فيها تحولات ميدانية وسياسية داخل البلدين مع نقاشات أممية حول ملفات حاسمة، وما ستخرج به من خلاصات قد يرسم ملامح الدور الأممي خلال العام المقبل، سواء على مستوى المساعدات أم التعامل مع الملفات المشتركة بين دمشق وبيروت.

آخر الأخبار
معركة التحرير في الاقتصاد.. من الاحتكار إلى الدولة الإنتاجية توقيت الزيارة الذي يتزامن مع عيد التحرير له رمزية...ممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن في زيارة مرتقب... الاقتصاد الدائري.. مسار جديد لمواجهة التحديات البيئية والخدمية القطاع الصحي في حمص.. تقييمات ميدانية تكشف مزيجاً من التحسن والشكاوى اطلبوا الإعمار ولو في الصين! طلاب المهجر بين فرحة العودة وصعوبات الاندماج.. الفجوة اللغوية في صدارة التحديات لقاءات ندية في دوري المؤتمر كومباني وفابريغاس.. جيل مدربين شباب يصنع مستقبل الكرة الأوروبية الحياة تعود إلى ملاعبنا بعد منتصف الشهر القادم صوت النساء في مواجهة العنف الرقمي صورةٌ ثمنها مئات آلاف الشهداء المواطن يدفع الثمن واتحاد الحرفيين يعد بالإصلاح عندما تكون المنتخبات الوطنية وسيلة وليست غاية! أولى أمطار دمشق تكشف ضعف جاهزية شبكات التصريف خبراء: "يتم حشد المكونات السورية على طاولة العاشر من آذار" العنف ضد المرأة.. جروح لا تندمل وتحدٍّ ينتظر الحلول مندوب سوريا الدائم في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية: مرحلة جديدة من التعاون واستعادة الحقوق السورية جولة المفاجآت الثقيلة في دوري أبطال أوروبا مواجهات قوية في الدوري الأوروبي الذكاء الاصطناعي التوليدي .. أنسنة رقمية أم تكامل تنموي؟