الملحق الثقافي:دلال إبراهيم :
أطلقت صحيفة لوموند الفرنسية منذ بضع سنوات مبادرة أدبية دعت إليها جمهورها على صفحتها على موقع تويتر للمشاركة في تأليف رواية، يبدأ سردها أحد الروائيين الفرنسيين، ومن ثم يشارك الجمهور بصياغة فصولها كل حسب تصوره للأحداث وأسلوبه. لم يتسن لي متابعة المبادرة التي شغلت فضولي بسبب محدودية انتشار الانترنيت في بلدنا آنذاك.
والجدير ذكره أن جل الأدباء الغربيين اعتبر تويتر شكلاً يمكن من خلاله تقديم أي محتوى بغض النظر أن كان أدبياً مع الاحتفاظ بجمالية اللغة وقدرتها على التوصيل والتواصل الأنيق.
والآن وفي ظل الانتشار السريع لمواقع السوشل ميديا، ولأنها تلبي شهوة الانتشار السريع بين الجمهور والوسيلة الأسرع والأقل تكلفة بدأ بعض الكتّاب والناشئة ومعهم رواد تلك المواقع استغلالها لتقديم أفكارهم وإبداعاتهم ضمن أطر مرة يطلقون عليها قصة قصيرة ومرة شعراً أو نثراً، يتوخون فيها الطبيعة المستعجلة لمتصفج السوشل ميديا، أي الايجاز ما أمكن، والاكتفاء بتجريب الكتابة الأدبية الخفيفة، والتي اكسبتها جاذبية وسهولة في الانتشار حتى صرنا نسمع «بالقصة الومضة».
تجارب في العالم الافتراضي هي أقرب إلى البوح الذاتي والحالة الوجدانية لصاحبها، الأمر الذي قاد الكثيرين إلى استسهال الخوض في بعض الأنواع الأدبية المتحررة من كافة المرجعيات والضوابط، وأعطت الحق لكل ما هب ودب لأن يطلق على نفسه الصفة التي يرغب بها من شاعر إلى قاص…الخ إلا أنها ظلت بعيدة عن تقديم نوع خطابي جديد نفرغ فيها عصارة إبداعنا، فقط نسخره للتعبير عن أفكارنا و»مواقفنا» التي لا نستطيع التعبير عنها في الوسائط الجماهيرية أو في المنتديات واللقاءات.
لقد ظلت الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي في عالمنا العربي بمنأى عن الكتابة بمعناها الإبداعي الذي يمكن أن يخلق متابعين متخصصين، أي بقيت هامشية إلى حد ما وبعيدة عن خلق المنتج الأدبي والثقافي، لأن المتلقي غالباً لا يكون من أصحاب النفس الطويلة القادرة على متابعة الإنتاجات الأدبية الطويلة، بل مستعمل عادي يهمه أن يمر مرور الكرام على العديد من الصفحات خلال وقت قصير وظل العالم الأدبي الافتراضي تعبيراً ليس عن رؤية ثقافية متواترة، ولكن رصد لقضايا واقعية يومية ومتابعة لها من رؤى الكتّاب ومواقفهم منها، بسبب التفاعل المباشر الآني مع الفضاء الواسع للمتصفحين الافتراضيين لتلك المواقع والنقاشات المستفيضة وتعليقات نقدية، أي اقتصرت تلك المواقع على تجريب الكتابة الأدبية البوحية الخفيفة.
التاريخ:الثلاثاء17-5-2022
رقم العدد :1095