الثورة – تحليل لميس عودة:
بزئبقية سياسية وجموح عدواني يختصر المشهد الأميركي عناوينه العريضة، وبينهما تفاصيل كثيرة لعربدة عابرة للقارات وتمادٍ صارخ على القانون الدولي وإثارة للنعرات والفتن وإذكاء للاقتتال وتأزيم للأوضاع، يأتي الحديث عن زيارة مزمعة لنانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي إلى تايوان للشد على أيدي انفصالييها كخطوة استفزازية جديدة للصين تحمل في أبعادها ودلالات توقيتها لعباً أميركياً جديداً بأوراق التصعيد العدواني، ولهاثاً محموماً لتأجيج حروب بين بكين وتايبييه وعسكرة مضيق تايوان الاستراتيجي المهم، بعد أن كثفت واشنطن في الفترات السابقة إمدادات الأسلحة لتايوان التي هي جزء لا يتجزأ من الصين الواحدة وذلك لتوتير الأجواء وإلهاء الصين بتفخيخ حدودها بديناميت تهديد أمنها القومي والاستراتيجي.
“الذين سيلعبون بالنار سيحترقون” بتلك الجملة اختزل الرئيس الصيني شي جينبينغ الرد الصيني على الخطوات الاستفزازية الجاري الحديث بشأنها أميركياً عن نية بيلوسي زيارة تايوان، مشدداً على ضرورة التزام واشنطن بمبدأ “صين واحدة”، بالمقابل أفاد البيت الأبيض بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن أبلغ الرئيس الصيني أن سياسة واشنطن تجاه تايوان لم تتغير، كما أشار إلى معارضة واشنطن لأي تغيير بالقوة للوضع في تايوان، في مواربة معتادة أميركياً للتغطية على قباحة النيات وللتعتيم على المآرب الحقيقية المنشودة من وراء تسعير جبهة تايوان والتي لم تعد مبهمة بل تفضحها الممارسات العدوانية وتكثيف ضخ الأسلحة الأميركية لتايبيه.
فمن اتفاقية “اوكوس” لضمان بلطجة أميركية طويلة الأمد في المحيطين الهندي والهادي وتهديد أمن الصين، إلى عقد صفقات بيع الأسلحة لتايوان بقيمة 95 مليون دولار لتأجيج جبهتها وتشجيع غاياتها الانفصالية غير القانونية، تمارس واشنطن عربدتها ضد الصين في مشهد فيه الكثير من المجون العسكري المنفلت من ضوابط احترام سيادة الدول على كامل أراضيها المعترف بها دولياً.
تعي الصين مآرب أميركا سواء بزيارة بيلوسي أم برفع منسوب ضخ الأسلحة لتايوان المتواصلة منذ مدة، لذلك حذرتها من اللعب بالنار، فتايوان جزء من أراضي الصين الواحدة، وجاءت تحذيرات الصين أيضاً على لسان وزارة دفاعها التي حذرت واشنطن من زيارة بيلوسي لتايوان، مشددة على أن الجيش الصيني سيتخذ إجراءات قوية لإحباط أي تدخل خارجي من أجل انفصال تايوان،
وأكد السفير الصيني في واشنطن، تشين جانغ أن بلاده ستتخذ “إجراءات صارمة” لحماية سيادتها الوطنية وسلامة أراضيها ضد أي مساعٍ انفصالية من قبل تايوان، فبكين تتبنى مبدأ “الصين الواحدة” وتؤكد على الدوام أن جمهورية الصين الشعبية هي الجهة الوحيدة المخول لها تمثيل الصين في المحافل الدولية.
العلاقات بين بكين وتايوان تشهد توتراً منذ عام 1949، عندما سيطرت قوات يقودها ما يسمى”الحزب القومي” على تايوان بالقوة و لا تعترف بكين بانفصال تايوان وتؤكد أنها جزء من الأراضي الصينية وترفض أي محاولات لسلخها عن الصين.