الثورة- منهل إبراهيم:
تسعى تركيا لحشد دعم دول الخليج والولايات المتحدة وأوروبا لإعادة إعمار غزة، محذرة “إسرائيل” مراراً من “ثمن باهظ إذا أعادت الإبادة الجماعية في غزّة مرة أخرى”.
ووفقا لتصريحات نشرتها الرئاسة التركية مؤخراً، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حديث للصحفيين: “إن إعادة إعمار قطاع غزة أمر بالغ الأهمية وستعمل أنقرة بكل جهد لتلبية احتياجات السكان قبل حلول الشتاء”، وعبر عن اعتقاده أن تمويل المشاريع سيتوفر بسرعة. وسلطت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية الضوء على مبادرة تركية لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، كشفت فيها أن أنقرة عرضت على الولايات المتحدة المساعدة في إدارة الأوضاع داخل القطاع بعد توقف العمليات العسكرية، عبر تقديم دعم أمني ولوجستي للمناطق التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية، إضافة إلى المساهمة في إعادة الإعمار وإدارة الملف الإنساني. ووفق الصحيفة الأميركية، يرى الرئيس التركي أردوغان في هذا الدور فرصة لإبراز بلاده كقوة إقليمية مؤثرة، واستعادة مكانتها في العالم الإسلامي بعد سنوات من الفوضى والتوتر، لكن إسرائيل، بحسب “نيويورك تايمز”، رفضت أي مشاركة تركية في الترتيبات المقبلة، معتبرة أن أنقرة “قريبة سياسياً من حركة حماس”، ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: إن انخراط تركيا في هذه المرحلة “غير مقبول”.
وأضافت “نيويورك تايمز” أن أنقرة تعمل عبر قنوات دولية وعربية لتقديم نفسها كجزء من الحل لا عائقاً، مستفيدة من الزخم الدبلوماسي الذي حققته واشنطن في ملف الأسرى ووقف إطلاق النار المؤقت، غير أن بعض العواصم العربية، بحسب الصحيفة الأميركية، “تجد نفسها في موقف حرج بين الترحيب بالمبادرة التركية والحاجة إلى التنسيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن ترتيبات ما بعد الحرب”. وترى نيويورك تايمز أن الخلاف بين أنقرة وتل أبيب يعكس “صراعاً أوسع في الشرق الأوسط، فبينما تسعى إسرائيل لتثبيت حضورها الأمني والسياسي في غزة، تحاول تركيا لعب دور إيجابي من خلال موقعها الجغرافي وثقلها السياسي لتكون جزءاً من معادلة الحل لمعادلة ما بعد الحرب في الإقليم”.
وفي سياق متصل دعت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، واشنطن إلى مراجعة شاملة لاستراتيجيتها في المنطقة، والانتقال من “منطق القوة الدائمة” إلى دور دبلوماسي وتنموي أكثر استدامة وفاعلية، خصوصاً تجاه الوضع في غزة. وأضافت “واشنطن بوست” أن إعادة النظر في السياسات الأميركية تتقاطع اليوم مع تحوّلات دبلوماسية متسارعة في غزة، حيث تحاول قوى إقليمية، من بينها تركيا، المشاركة في حلّ قضايا المنطقة العالقة، وإعادة رسم خريطة القوى في ظل منافسات متزايدة.وتناولت “واشنطن بوست” في مراجعة لكتاب جديد بعنوان “ركل عشّ الدبابير”، السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط من ترومان إلى ترامب”، حيث رأت أن مسار السياسة الأميركية في المنطقة على مدى أكثر من ثمانية عقود، كان سلسلة من القرارات الخاطئة التي خلّفت تداعيات كارثية امتدت لأجيال، بحسب الصحيفة الأميركية.
وتشير “واشنطن بوست” إلى ما تصفه بـ”الفرص الضائعة” التي كان يمكن أن تغيّر مسار المنطقة، مثل إمكان قيام سلام تفاوضي أوسع في فلسطين، أو اتباع سياسة احتواء مختلفة كانت كفيلة بنبذ الفوضى والعنف في المنطقة، مؤكدة أن جذور أزمات المنطقة ليست أميركية بالكامل، بل ترتبط أيضاً بإرث الاستعمار والانقسامات الداخلية.