الثورة- منذر عيد:
تمثل مشاركة سوريا بوفد عالي المستوى برئاسة السيد الرئيس أحمد الشرع، في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض، محطة سياسية واقتصادية لافتة في مسار الحضور السوري على الساحة الإقليمية والدولية، إذ تعكس هذه المشاركة حالة الانفتاح التدريجي والمتنامي تجاه دمشق، بعد سنوات من العزلة السياسية والاقتصادية التي فرضتها الظروف الإقليمية والدولية المعقدة.

وفي قراءة لهذا الحدث السياسي والاقتصادي، يقول الكاتب والباحث السياسي علي تمي في تصريح خاص لـ”الثورة”: “هذا الحدث لا يمكن قراءته بمعزل عن التحوّلات الجارية في المنطقة، ولاسيما بعد أن بدأت العواصم العربية والعالمية تُعيد النظر في سياساتها تجاه سوريا، في ضوء توازنات جديدة تفرض نفسها على المشهد الدولي، من الشرق الأوسط حتى أوروبا وآسيا، فحضور سوريا في هذا المحفل الاقتصادي العالمي يحمل رمزية واضحة، وهي العودة إلى الفعل، لا ردّ الفعل، والمشاركة في صياغة المستقبل، لا الاكتفاء بمتابعته من بعيد”.
وأكد المحلل السياسي تمي أن “القطار السوري الجديد انطلق”، من خلال دخول دمشق مرحلة مختلفة في مقاربتها للعلاقات الدولية والاقتصادية بما يعكس تحوّلًا في الذهنية السياسية السورية، من الدفاع إلى المبادرة، ومن الانكفاء إلى الانفتاح، فالدولة السورية اليوم تنتهج سياسة أكثر واقعية وبراغماتية، تركّز على إعادة الإعمار، وجذب الاستثمارات، وتفعيل الشراكات الاستراتيجية مع الدول الصاعدة. وقال تمي: “دمشق اليوم تتحوّل بثبات، شيئًا فشيئًا، إلى لاعب إقليمي ودولي مؤثّر، أما صراخ بعض الفلول على حواف الطرقات فهو مجرد صدى باهت، أمام قطار ماضٍ بقوة نحو المستقبل المشرق، الزمن تغيّر، وعقارب الساعة في هذا البلد لن تعود إلى الوراء”، مشدداً على أن المشهد السوري الجديد يقوم على رؤية أكثر انفتاحًا وتعاونًا، حيث تسعى دمشق إلى ترسيخ موقعها كفاعل متوازن ومسؤول في محيطها العربي والدولي، منفتحة على كل من يرغب في شراكة تقوم على المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل.
وفي المحصّلة، فإن مشاركة سوريا في مؤتمرٍ بحجم “مبادرة مستقبل الاستثمار” ليست حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، بل إشارة سياسية عميقة إلى أن العزلة انتهت، وأن صفحة جديدة تُكتب في تاريخ البلاد، صفحة عنوانها “العودة إلى الساحة الدولية بثقة وثبات، نحو مستقبلٍ لا رجعة فيه”.