الثورة-أسماء الفريح:
حذر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من تلقيه تقارير متعددة ومقلقة عن تنفيذ قوات الدعم السريع فظائع بعد سيطرتها على أجزاء واسعة من مدينة الفاشر المحاصرة بولاية شمال دارفور، ومدينة بارا بولاية شمال كردفان بالسودان خلال الأيام الأخيرة.
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، أعلن مساء أمس أن القيادة الموجودة في الفاشر قدرت ضرورة مغادرة المدينة على خلفية ما تعرضت له من تدمير وقتل ممنهج للمدنيين.
ونقلت وكالة سونا عن البرهان قوله في كلمة: “إن هذه محطة من محطات العمليات العسكرية التي فُرضت على البلاد، وأن القوات المسلحة ستنتصر لأنها مسنودة بالشعب، ويقاتل معها كل أبناء الشعب السوداني”، مبينًا أن هذه المعركة “ستحسم لصالح الشعب السوداني”.
وفي بيان له أورده مركز أنباء الأمم المتحدة، قال فولكر تورك المفوض السامي لحقوق الإنسان: “في الفاشر، تشير التقارير الأولية إلى وضع شديد الخطورة منذ أن أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مقر الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني “، وحذر تورك من تصاعد خطر وقوع مزيد من الانتهاكات والفظائع واسعة النطاق ذات الدوافع القبلية في الفاشر يوماً بعد يوم، مشدداً على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة لضمان حماية المدنيين هناك، وتأمين ممرآمن لمن يحاولون الوصول إلى أماكن آمنة نسبياً.
وذكر أنه تلقى تقارير عن إعدامات للمدنيين الذين يحاولون الفرار، مع مؤشرات على وجود دوافع قبلية لعمليات القتل، وكذلك قتل أشخاص لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية.
كما أفادت تقارير باحتجاز مئات الأشخاص أثناء محاولتهم الفرار، إضافة إلى تلقي المكتب أيضاً تقارير أخرى عن وقوع العديد من الوفيات بين المدنيين، بمن فيهم متطوعون إنسانيون محليون، نتيجة للقصف المدفعي الثقيل في الفترة من الـ 22 إلى الـ 26 من تشرين الأول الجاري رغم صعوبة تقدير عدد الضحايا في هذه المرحلة، نظراً لانقطاع الاتصالات والعدد الكبير من الأشخاص الفارين.
وقال تورك: “يجب على قوات الدعم السريع أن تتخذ بشكل عاجل خطوات ملموسة لوقف ومنع الانتهاكات ضد المدنيين في كل من الفاشر وبارا، بما في ذلك العنف ذو الدوافع القبلية والهجمات الانتقامية”.
وأكد أن القانون الدولي الإنساني يحظر العنف ضد الأفراد، الذين لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية، كما يُحظر أيضاً استخدام التجويع كسلاح حرب بشكل صارم.
وجدد تورك دعوته للدول الأعضاء ذات النفوذ للتحرك بشكل عاجل لمنع ارتكاب فظائع واسعة النطاق من قبل قوات الدعم السريع والمقاتلين المتحالفين معها، ولتكثيف الضغط لإنهاء هذا النزاع الذي لا يطاق.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيوغوتيريش صرّح في ماليزيا، حيث يحضر قمة الآسيان، بأن التقارير التي تشير إلى سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، تمثل “تصعيداً مروعاً” للنزاع، مشدداً على أن الوقت قد حان لكي يتحدث المجتمع الدولي بوضوح مع كل الدول التي تتدخل في الحرب وتقدم الأسلحة للأطراف المتحاربة، وحثها على التوقف.
بدورها، حثت دينيس براون منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، والمنسقة المقيمة في السودان قوات الدعم السريع على السماح للمدنيين الفارين من الفاشر بالمرور الآمن، خاصة مع اشتداد القتال على مدار الـ 24 ساعة الماضية.
وقالت براون: إن على “قوات الدعم السريع إظهار الاحترام للقانون الدولي الإنساني، والسماح لهؤلاء الأشخاص بالمغادرة، أو السماح للأمم المتحدة بدخول المدينة المحاصرة منذ أكثر من 500 يوم.
وتابعت في حديثها عبر الفيديو للصحفيين في نيويورك: إن المجتمع الإنساني يبذل قصارى جهده لمنع استهداف المدنيين، كما أن الأمم المتحدة تجري حواراً مع كل الأطراف الفاعلة في هذه الحرب، “لكن الأطراف لم تضمن لنا المرور الآمن.
ونبهت المسؤولة الأممية إلى أن “حصار المساعدة الإنسانية والغذاء على وجه الخصوص هو بمثابة استخدام التجويع كسلاح حرب، لذا فهو وضع بشع في الأساس، ويخاطر الناس بعبور طريق خطير للغاية لأننا لا نحصل على ضمانات المرور الآمن”.
كما أبدت براون قلقاً بالغاً إزاء القتال في كردفان، ولا سيما الوضع في بارا، وقالت: “نأمل أن يكون لدينا بعض الأخبار الجيدة في الأيام المقبلة بشأن قافلة إنسانية كبيرة للأمم المتحدة تتجه في ذلك الاتجاه”.
ويعيش السودان أزمة إنسانية غير مسبوقة جراء الحرب المتواصلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ نيسان 2023، إذ يعاني نحو 25 مليون شخص من نقص شديد في الغذاء والحاجة الماسة إلى المساعدات الإنسانية وفق تأكيدات العديد من المنظمات الإنسانية.