الثورة – فادية مجد:
المشروعات الصغيرة من أهم أدوات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات النامية والمتقدمة على حد سواء، فهي لا تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة، وتمنح الشباب فرصة للابتكار، وتحقيق الاكتفاء المادي.
وفي ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه الشباب السوري، برزت نماذج ملهمة لشباب قرروا أن يصنعوا فرقاً من خلال مشروعاتهم الخاصة، ومن بين هؤلاء يبرز اسم الشاب عروة أسعد الذي آمن بأهمية المشروعات الصغيرة، وقرر أن يخوض تجربة فريدة في مجال الزراعة الاستوائية في محافظة طرطوس.

بداية المشروع
يقول عروة: إن الفكرة بدأت من ملاحظة الخسائر المتكررة التي يتكبدها المزارعون في الزراعات التقليدية، وأنا واحد منهم، وخاصة في البيوت المحمية، حيث كانت تكاليف الإنتاج مرتفعة جداً، بينما أسعار مبيعها لا تغطي جزءاً من هذه التكاليف.
ومن هنا بدأ التفكير في رديف اقتصادي أكثر جدوى، فعمل على دراسة المناخ والتربة في المنطقة الساحلية، وتوصل إلى أن الشريط الممتد من اللاذقية إلى سهل عكار يتمتع بمناخ شبه استوائي، وهو مناسب تماماً لزراعة أنواع من الفواكه الاستوائية التي كانت تستورد سابقاً بأسعار مرتفعة.

التخطيط والتنفيذ
يضيف: كانت خطتنا الأولى تأمين الغراس الاستوائية من خارج سوريا، مع مراعاة طبيعة كل أرض وكل تربة، وما يناسبها من أنواع، فالفواكه الاستوائية إجمالاً تحتاج إلى مياه كثيرة وتربة نفوذية، فبدأنا بزراعة أصناف مثل “المانجو، القشطة، الأفوكادو، الدراغون فروت، الكيوي، الباشن فروت، السابوتا السوداء والبيضاء، الببايا، الليتشي، اللونجان، الكرامبولا، والبلو بيري” وغيرها.
و تم تنفيذ المشروع بمساعدة أفراد العائلة، الذين كانوا الداعم الأكبر له، سواء في الزراعة أم في المتابعة اليومية، وقد شكل هذا الدعم الأسري عنصراً حاسماً في نجاح المشروع.
التسويق والتصريف
ولفت أسعد إلى أنه في البداية، تم تصريف المنتجات في سوق الهال بطرطوس، لكن سرعان ما أدرك أهمية التسويق المباشر، فعمل على التسويق بنفسه، لمن يريد الزراعة مثله أو لمن يريد الشراء، وبأسعار مناسبة للجميع، مع تقديم معلومات، سواء لطريقة الزراعة أم للفائدة الصحية للفاكهة للمزارع والمستهلك، موضحاً أن منتجاته وصلت إلى العديد من المحافظات السورية، وكذلك بعض الدول العربية.
وأوضح أسعد أن الفواكه الاستوائية المنتجة محلياً أثبتت جودتها، بل وتفوقت على نظيراتها المستوردة، من حيث الطعم والقيمة الغذائية، وهو ما عزز ثقة المستهلك المحلي بها.

التحديات والصعوبات
يشير أسعد إلى أنه على الرغم من النجاح، لم تخل التجربة من التحديات، وخاصة في البداية، حيث كانت تعتبر هذه الزراعات أيام النظام المخلوع غير مصرح بها من قبل وزارة الزراعة، بل وصفت بأن الثمار “مهربة”، ولكن مع الإقبال الكبير عليها، بدأت الجهات المعنية بإعادة النظر في هذه السياسات، وخاصة أن الإنتاج المحلي أثبت جدارته.
وختم حديثه برسالة وجهها للشباب، هي تقديم نصيحة لكل شاب باستثمار أي متر أرض متاح لديه، فالزراعة ليست فقط مصدر دخل، بل هي مشروع حياة، ومردود اقتصادي مستدام له ولعائلته.
قيمة غذائية كبيرة
من جهتها، خبيرة التغذية كنانة فادي معقالي، بينت أهمية الفواكه الاستوائية، فهي بمثابة كنز غذائي طبيعي، لغناها بالفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة التي تعزز المناعة، وتدعم صحة القلب والهضم، وتمنح الجسم طاقة وحيوية لا مثيل لها.
وذكرت أن فاكهة القشطة تحتوي على فيتامين C بنسبة عالية، وهو مضاد أكسدة قوي، يساعد على مكافحة الجذور الحرة، وتعزيز مناعة الجسم ضد الأمراض والالتهابات، كما يتميز بغناه بالبوتاسيوم والمغنيسيوم، ويحتوي أيضاً على مركّبات نباتية مثل الأسيتوجينينات التي أظهرت الدراسات الأولية قدرتها على محاربة أنواع معينة من البكتيريا والطفيليات وتقليل الالتهاب في الجسم.
أما فاكهة الدراغون، فتحتوي على فيتامين C والحديد والمغنيسيوم الذي يدعم العضلات والأعصاب، كما أنه غني بالألياف، ومضادات الأكسدة مثل البيتالين والفيتامين C والكاروتينات والتي تساعد على حماية الخلايا.
وبينت معقالي أن بعض الدراسات تشير إلى أن فاكهة الدراغون قد تساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم، وخاصة النوع الأحمر منها، بسبب احتوائها على الألياف ومضادات الأكسدة، ولكن يفضل تناولها طازجة، وليس على شكل عصير محلى، مع تجنب الإفراط في تناوله،
وفاكهة الأفوكادو غنية بالسعرات الحرارية (حوالي 250 سعرة للحبة الواحدة)، لذا يُنصح بتناولها باعتدال، وخاصة في الحميات، كما تحتوي على فيتامين K والمغنيسيوم والفوسفور، وهي ضرورية للحفاظ على كثافة العظام والوقاية من هشاشتها، كما تتميز بغناها بـ أوميغا 3 وفيتامين E والفولات، وهي عناصر تحافظ على صحة الدماغ والخلايا العصبية، وتحسين التركيز والذاكرة.