الثورة- منذرعيد:
ليس من باب المصادفة أن تتزامن تصريحات حكمت الهجري التي قال فيها إن تقرير المصير لأبناء السويداء “حقّ قطعي لا يمكن التراجع عنه”، وتأكيده أن رؤيته تقوم على الاستقلال التام لمحافظة السويداء، مع محاولة الاحتلال الإسرائيلي توظيف ما يسمى بورقة “الأقليات” عبر مؤتمراتها، والتي كان آخرها المؤتمر الذي انعقد أمس داخل “إسرائيل”، ليشكل ذلك غطاء مزيّفاً لمشروع صهيوني هدفه تمزيق سوريا والمنطقة بأسرها، وتكريس واقع الاحتلال في الجولان والأراضي الفلسطينية.
يؤكد الباحث والإعلامي منذر الأسعد في تصريح لـ”الثورة” أن مؤتمر الأقليات هو عبارة عن فرقعة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وليس مشروعاً استراتيجياً لإسرائيل، وهذا لا يعني أن الإسرائيلي لا تراهن على تفتيت المنطقة، لكن لا يوجد مشروع عملي لتنفيذ ذلك، لأن الأمر معقد وليس بيد هؤلاء، موضحاً أن نتنياهو يهرب دائماً إلى الأمام، ووجد الآن أنه استنفد وسائل العدوان العسكري المباشر بعد اضطراره للقبول بإملاءات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ووجد أن هناك سقفاً لتطاوله وتحرشه واستثماره بظروف الدولة السورية بعد التحرير.
وقال الأسعد:” المشروع نفسه يعني مشروعاً انتخابياً لكسب أصوات الدروز، وانتمائهم وحرصهم على الخدمة في جيش الاحتلال، لا يوجد أفق لمثل هذا المشروع الذي عجزت عنه الدول الكبرى بنفسها في فترة الاحتلال في القرن العشرين، وما استطاعوا تنفيذ مثل هذا التفتيت، وأقصى حد هو سايكس بيكو، الآن الأمر أعقد من ذلك بكثير، واللاعبون ليسوا على قلب رجل واحد حتى لو اتفقت أطماعهم من حيث المبدأ، لكن التنافس الحاد على النفوذ والسيطرة يمنعهم من أن يتفقوا على خطة واحدة كما اتفقت بريطانيا وفرنسا مطلع القرن العشرين”.
وبالنسبة لتصريحات الهجري قال الأسعد:” الهجري بيدق صغير جدا، وهذا ليس من باب الأحكام القيامية، وإنما من باب الحديث في السياسة، رجل لا يملك شيئاً، ليس بيده شيء سوى فرض السيطرة على بقعة من الأرض معزولة، يريد إقامة دولة في بقعة لا تملك أي مقوم من مقومات الدولة، فضلاً عن سياساته الرعناء وفرض نفسه بالقوة عن طريق الميليشيات وفلول النظام البائد، احتكر السويداء للدروز، طرد أهلها الأصليين كما اعترف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بحقيقة تاريخية أن الدروز وفدوا إلى السويداء إلى جبل العرب قبل مئتين وخمسين سنة تحديداً عند صراع الدروز للشهابيين، يعني بين القيسية واليمانية”.
وأشار إلى أن الهجري لجأ إلى القوة وأسلوب البطش والميليشيات وفرض ما يريد، وممارساته أسوأ من ضيق أفقه، مبيناً أن الفساد يعم محافظة السويداء، وهناك التناقض الصارخ بين الشعارات والواقع على الأرض، يتكلم عن إنشاء دولة وهو لا يستطيع تأمين الطحين، ويأخذ المساعدات ممن يفترض أنهم أعداؤه، ويحارب الدولة السورية ويطالبها بالمعونات، ويزعم أنه محاصر وقوافل السيارات وشاحنات المساعدة تتوالى وبمشاركة أممية من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة والعاملين في الحقل الإنساني.
وختم الأسعد بالقول:” الهجري يراهن على أن نزق نتنياهو سيحميه وهذا صحيح، لكنه لو كان رجلاً يقرأ السياسة لأدرك أن لا مستقبل لمشروعه البتة”.