الثورة – ميساء السليمان
بدأ موسم الزيتون لعام 2025 بإنتاج يُقدّر بنحو 412 ألف طن، بتراجعٍ ملحوظ يقارب 45 بالمئة عن العام الماضي نتيجة التغيرات المناخية، وعلى الرغم من التحديات يواصل المزارعون جني «الذهب الأخضر»، وسط جهود حكومية لدعم وتحسين جودة الإنتاج.
انخفاض واضح
في تصريح لـ “الثورة” بيّنت مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة المهندسة عبير جوهر أن موسم الزيتون الحالي شهد انخفاضاً واضحاً في كميات الإنتاج مقارنة بالموسم السابق، نتيجة مجموعة من العوامل المناخية والبيئية والزراعية التي أثّرت سلباً على أشجار الزيتون في مختلف المحافظات.
وأضافت أن هذا التراجع جاء نتيجة تأثر البلاد بالتغيرات المناخية في حوض البحر الأبيض المتوسط، وتراجع معدلات الهطول المطري، وارتفاع درجات الحرارة في فترات حساسة من الإزهار والعقد، إلى جانب ظاهرة المعاومة التي تشهدها بساتين الزيتون في أغلب المناطق، فضلاً عن محدودية الخدمات الزراعية واندلاع الحرائق في بعض المناطق الساحلية والوسطى.
وأكدت جوهر أن الزيتون يعد من أهم المحاصيل الاستراتيجية في سورية، لما يمثله من قيمة اقتصادية وغذائية كبيرة، مشيرة إلى أن الوزارة تتابع بدقة واقع الموسم وتسعى لتطبيق برامج واستراتيجيات تهدف إلى تحسين الإنتاج وجودته وضمان استدامة هذا القطاع الحيوي.

حلب الأعلى إنتاجاً
وقُدر إنتاج الزيتون بشكل أولي بحوالي 412 ألف طن زيتون، يخصص منها حوالي 20 بالمئة لإنتاج زيتون المائدة، بينما يُخصّص الجزء الأكبر لاستخراج الزيت، الذي يمكن أن يصل إلى 66 ألف طن من زيت الزيتون، أي أن هناك انخفاضاً بحوالي 45 بالمئة عن الموسم الفائت، وأعلى إنتاج في محافظة حلب بحوالي 110 آلاف طن.
وقالت جوهر: كان لتراجع معدل الهطول المطري هذا العام تأثيراً كبيراً في كميات الإنتاج ونوعيتها، كون نحو 85 بالمئة من الزراعة بعلية، كما كان لارتفاع درجات الحرارة في فترات حرجة التأثير السلبي على العقد وتطور الثمار، مما أدى إلى تراجع الإنتاج بنسبة 45 بالمئة تقريباً عن الموسم الماضي.
وحسب تأكيد مديرة مكتب الزيتون يُعتبر هذا الموسم سنة معاومة في أغلب المناطق، إضافة إلى عدم قدرة المزارعين على تقديم الخدمات الزراعية المناسبة من تسميد وري تكميلي للحد من تأثير التغيرات المناخية، فضلاً عن أن الحرائق في المناطق الساحلية وريف حمص وحماة الغربي قضت على عدد كبير من الأشجار في تلك المناطق.
وعلى الرغم من هذا التراجع، فقد أشارت جوهر إلى أن إنتاج سورية من زيت الزيتون ما يزال كافياً لتغطية الاستهلاك المحلي، وذلك نتيجة انخفاض معدلات الاستهلاك بشكل واضح بسبب ارتفاع أسعار زيت الزيتون وانخفاض الدخل، ما انعكس على متوسط استهلاك الفرد من هذه المادة كغيرها من المواد الغذائية، موضحة أن معدل استهلاك الفرد حالياً لا يتجاوز 2-3 كغ سنوياً، بعد أن كان في المواسم السابقة يصل إلى 5-6 كغ للفرد الواحد.
دعم المنتجين
ولفتت إلى أن إستراتيجية وزارة الزراعة تتحدد في تحسين وتطوير سلسلة القيمة للزيتون بشكل كامل من خلال تطبيق ممارسات زراعية جيدة في حقول الزيتون، ومساعدة المزارعين على تقديم الدعم الفني لإجراء عمليات الخدمة الزراعية اللازمة من تقليم ومكافحة وري تكميلي في الوقت والشكل المناسب، إضافة إلى تأمين غراس زيتون موثوقة ومتوافقة مع الخارطة البيئية لتوزع أصناف الزيتون في سورية.
كما تشمل الاستراتيجية تطبيق الاشتراطات الفنية الصحيحة في معاصر الزيتون، وفق دليل عمل المعاصر الذي اعتمدته وزارة الزراعة وصدر كمواصفة قياسية سورية برقم 4083، بهدف إنتاج زيت زيتون بكر عالي الجودة ومطابق للمواصفات القياسية وبقيم مضافة ومنافسة في الأسواق العالمية.
وتعمل وزارة الزراعة بالتعاون مع المنظمات الدولية على تنفيذ برامج تدخل في مناطق زراعة الزيتون لدعم المنتجين من مزارعين ومصنعين للوصول إلى إنتاج جيد بمواصفات جودة عالية.
واختتمت المهندسة جوهر حديثها بالقول: أن الوزارة مستمرة في دعم قطاع الزيتون باعتباره من القطاعات الزراعية المهمة في سورية، وتسعى من خلال خططها واستراتيجياتها إلى تعزيز الإنتاج وتحسين نوعيته والمحافظة على الموارد الطبيعية، مبرزةً أن زيت الزيتون السوري سيبقى منتجاً ذا جودة عالية ومكانة مميزة في الأسواق المحلية والعالمية، بفضل جهود المزارعين والدعم الفني الذي تقدمه الوزارة وشركاؤها، على الرغم من كل التحديات المناخية والاقتصادية التي تواجه هذا القطاع الحيوي.