الثورة – لينا شلهوب:
في ظل التحولات المتسارعة في أنماط التعليم عالمياً، برزت المدارس الافتراضية كأحد أهم الابتكارات في ميدان التعليم الرقمي، ومع ازدياد أعداد السوريين المقيمين خارج البلاد، استجابت وزارة التربية والتعليم لهذا الواقع من خلال ترخيص مدارس افتراضية خاصة تعمل وفق أنظمة وضوابط محددة، لضمان استمرارية التعليم وفق المناهج الوطنية السورية.

ترخيص مدارس افتراضية
وفي هذا الشأن بين مدير التعليم الخاص في الوزارة معن السيد لصحيفة “الثورة” أن العالم اليوم يشهد تحولاً جذرياً في مفهوم التعليم، إذ لم يعد مرتبطاً بالمكان أو الزمان كما في السابق، بل أصبح التعليم الرقمي أحد أهم الوسائل لتوسيع فرص التعلم والوصول إلى الطلبة أينما وجدوا، لافتاً إلى أنه انطلاقاً من ذلك، برزت مبادرة وزارة التربية والتعليم لترخيص مدارس افتراضية خاصة، وهذا ما يمثل نقلة نوعية في منظومة التعليم الوطني، تستجيب لحاجات واقعية فرضتها الظروف الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية للسوريين داخل البلاد وخارجها.
وبحسب مدير التعليم الخاص، فإن المدارس الافتراضية الخاصة هي مؤسسات تعليمية غير حكومية تعمل بترخيص رسمي بموجب التعليمات التنفيذية الصادرة بالقرار رقم 943/5832 بتاريخ 18/12/2021، والمعدلة بالقرار رقم 1656/943 بتاريخ 23/5/2024.
وقد حددت هذه القرارات آليات العمل، وضوابط الترخيص، وأساليب الإشراف التربوي والفني على هذه المدارس، بما يضمن التزامها الكامل بالمنهاج الوطني والسياسة التربوية المعتمدة في سوريا.

الامتحانات والاعتراف بالشهادات
وأوضح السيد أن هذه المدارس تستهدف فئة الدارسين المقيمين خارج الأراضي السورية، الذين تحول ظروفهم دون الالتحاق بالتعليم النظامي داخل البلاد، وتقدم لهم منظومة تعليمية عن بُعد متزامنة، تعتمد على التفاعل المباشر بين المعلمين والطلاب باستخدام الوسائط الرقمية الحديثة، مع مراعاة فروق التوقيت وظروف الاتصال في الدول المختلفة، كما تشمل المراحل الدراسية في هذه المدارس مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي، وتُدرّس جميع المواد وفق المناهج السورية المعتمدة، مع اعتماد أساليب تقييم إلكترونية تعزز من مبدأ المتابعة المستمرة للطلاب، مضيفاً أن المدارس الافتراضية الخاصة المرخصة يصل عددها إلى 47 مدرسة.
كما أشار السيد إلى أنه تجرى امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوية العامة داخل الأراضي السورية حصراً، بما يضمن النزاهة الأكاديمية وتوحيد المعايير التعليمية وتُعتبر الوثائق الصادرة عن هذه المدارس، والمصدقة أصولاً من وزارة التربية والتعليم، وثائق رسمية متكاملة الحقوق، تخوّل حاملها متابعة دراسته في المدارس أو الجامعات السورية والعربية، كذلك يُعامل طلاب هذه المدارس معاملة الدارسين النظاميين، ويسمح لهم بالانتقال أو التسجيل في المدارس العامة والخاصة داخل سوريا متى رغبوا بذلك.
الأهداف والغاية التربوية
تهدف هذه المبادرة، كما ينوه السيد إلى ضمان استمرارية التعليم السوري لأبناء الوطن في الخارج، وتعزيز استخدام التكنولوجيا في التعليم بما يواكب التطورات العالمية، كما تسعى الوزارة إلى بناء بيئة تعلم رقمية آمنة تتيح فرصاً متكافئة لجميع الطلاب السوريين، وتربطهم بالهوية الوطنية عبر المناهج التربوية الموحدة، كذلك تمثل هذه المدارس خطوة استراتيجية نحو نظام تعليمي أكثر مرونة وانفتاحاُ، يسهم في تطوير مهارات التعلم الذاتي والمسؤولية الشخصية لدى الطالب.
وتطرق مدير التعليم الخاص إلى أنه من الواضح أن المدارس الافتراضية الخاصة ليست بديلاً كاملاً عن المدارس التقليدية، بل هي مكمل حيوي ضمن منظومة التعليم الشامل في سوريا، فبينما توفر المدارس الحكومية بيئة اجتماعية وتفاعلية مباشرة، تتيح المدارس الافتراضية فرصاً للتعلم المستمر دون قيود جغرافية، ومع استمرار تطور البنية التحتية الرقمية، يتوقع أن تتوسع تجربة التعليم الافتراضي لتشكل نواة لنظام تعليم مدمج (حضوري وافتراضي) أكثر شمولاً وفاعلية، يسهم في بناء جيل قادر على مواكبة العصر، ومتمسك بجذوره التعليمية والوطنية.