اقتراب الزمن الجميل

 

يُطلق السوريون والعديد من أشقائنا أبناء الدول العربية مصطلح (الزمن الجميل) على فترة تمتد لعقودٍ خلت كانت تمتاز بحالاتٍ ووقائع عشناها.. أو سمعنا عنها وافتقدناها، أو افتقدها الجيل الذي عاصرناه، وهي تتعلق بنواحٍ عديدة تُحدثُ تغييراً عميقاً و- أحياناً – جذرياً في حياة المجتمع واتجاهاته وصبغته عبر تحولات تطال نمط العيش ومعدن الناس فتُخترق العادات والتقاليد وحتى منظومة القيم والمبادئ والأمزجة، والاهتمامات أيضاً.

هذه التغييرات وإن كانت تحصل بفعل فاعلين يقدحون جذوتها بحكم التطور تارة وحب التغيير، أو تراكم الخبرات تارة أخرى، وتنتشر تدريجياً مُتغلغلة بين المفاهيم والقيم حتى تصير نمطاً عاماً، فإن الأصل المُتغيّر يبقى – على ما يبدو – كامناً في الأعماق، يقف خلف أبواب القلوب سرعان ما يطرقها عند كل هبة حنين ناجمة عن موقف أو حتى كلمة، وهو أصلٌ مُحبّب وإلاّ ما كنّا وصفناه بالجميل.

والتطور لا يوصلنا وحده إلى الزمن الجميل ولا حتى تراكم الخبرات وحدها فقد يكون ناجماً أيضاً عن فراغاتٍ يُحدثها ذلك التطور ذاته حيث يضعنا أمام افتقادنا لأشياء ومفاهيم لم تعد موجودة، وعندما نتذكرها بشوق نعطيها صفة أنها من الزمن الجميل، ويمتد غياب هذه الأشياء والمفاهيم عقوداً من الزمان عادة حتى تستحق تلك الصفة الجميلة.

غير أن ما يحصل اليوم قد غيّر تلك المفاهيم عن الزمن الجميل، وضيّق الفجوة بينه وبين الواقع القائم، ولم يعد يستغرق عقوداً حتى نستذكر أحداثه ولكنه بات شبه ملتصق بالواقع الذي نعيشه، فمنذ أيام ذكّرني أحد الأصدقاء أننا مررنا يوماً في دمشق ضمن سوق السريجة واشترينا صحن نخاعات ببضع مئات قليلة من الليرات، وقال لي كنتَ يومها ستسافر إلى القرية فمررنا إلى محطة وقود وملأنا السيارة بالبنزين بنحو ألف وسبعمائة ليرة، حيث كان سعر الليتر لا يتجاوز الأربعين ليرة، فضحكنا وقلتُ له: يا إلهي صحيح وحالياً فإن ذلك الصحن من النخاعات بسعر اليوم كان يشتري خروفاً كاملاً في تلك الأيام، كما أن تعبئة صفيحتي بنزين اليوم تكلف 100 ألف ليرة، وكان هذا المبلغ كفيل بشراء سيارة مستعملة معقولة..!

هذه الفترة الوجيزة من الزمان لم يمضِ عليها أكثر من 12 سنة فقط، وهي اليوم من أجمل أيام الزمن الجميل، حتى أن هناك أحداثاً ووقائع ومعطيات منذ نحو خمس سنوات – وربما أقل – باتت من الزمن الجميل في هذه الأيام العصيبة، ويكفينا أن نستذكر الأسعار كيف كانت وكيف صارت، وليس فقط اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض والزيوت، بل مختلف أصناف السلع والخضار والفواكه، فضلاً عن تكاليف النقل المرهقة.

صحيح أن بعض مؤسساتنا لم تتصدَّ لهذه المتغيرات بكفاءة تُبعد عنّا فترة الزمن الجميل، وكونها لم تفعل – ولأي سبب كان – فإنها من المساهمين في تضييق هذه الفجوة، غير أن السبب الأساسي في محاولة التصاق الزمن الجميل في أيامنا الحالية واقترابه منّا أكثر فأكثر وصولاً إلى حالة الإلغاء، فهو هذا الحصار الجائر وهذه الحرب الغادرة التي فرضوها على بلادنا، وهذا النهب الذي لا يتوقف لمقدراتها وثرواتها، كي تتخلى عن إرادتها وسيادتها وتخضع لإراداتهم وسياداتهم.. وليس لنا أن نستسلم ونحقق لهم ذلك، ولا بأس من بعض الصبر.. ولكن لا بأس أيضاً أن تكون الحكومة أكثر قدرة وكفاءة على اجتراح الحلول أقلّها ليبتعد الزمن الجميل عنّا قليلاً كي لا نفتقده ونفتقد متعته.

آخر الأخبار
وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة الهوية البصرية الجديدة لسورية من ساحة سعد الله الجابري بحلب وزير الإعلام: الهوية البصرية الجديدة تشبه كل السوريين خلال احتفالية إشهار الهوية البصرية الجديدة..  الرئيس الشرع : تعبر عن سوريا الواحدة الموحدة التي لا ت... رئيس اتحاد العمال: استعادة الدور النقابي المحوري محلياً وعربياً ودولياً تطوير البنية التحتية الرقمية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي تمثال الشهداء..  من ساحة سعد الله إلى جدل المنصّات.. ماذا جرى؟  الفرق النسائية الجوالة .. دور حيوي في رفع الوعي الصحي داخل المخيمات إجراءات لتحسين خدمات المياه والصرف الصحي في بلدة حلا مفاعيل قرار إيقاف استيراد السيارات المستعملة على سوق البيع باللاذقية  الاستثمار في الشركات الناشئة بشروط جاذبة للمستثمر المحلي والدولي  سوريا.. هوية جديدة تعكس قيمها وغناها التاريخي والحضاري الهوية البصرية للدولة.. وجه الوطن الذي نراه ونحسّه  تطبيق "شام كاش" يحذر مستخدميه من الشائعات تأهيل مدرسة "يحيى الغنطاوي" في حي بابا عمرو أهال من جبلة لـ"الثورة": افتتاح المجمع الحكومي عودة مبشرة لشريان الخدمات فتح باب الاكتتاب على مقاسم جديدة في حسياء الصناعية