الثورة- تعليق لميس عودة:
يبدو أن لا نية معقودة لدى أميركا وحلف شمال الأطلسي رغم كل التداعيات الكارثية التي هزت عروش الاقتصاد الأوروبي، لنزع فتيل أزمة تزداد حدتها كل يوم وتضغط بقوة على سبل حياة مواطني القارة العجوز التي يصم حكام دولها ومسؤولوها آذانهم عن الإصغاء لصخب الاحتجاجات المتزايدة على الوضع المزري الذي بات يخنق إمكانات احتمالهم، كما لا رغبة لواشنطن وناتو عربدتها كما يتضح للآن في إطفاء نيران الحرب الأوكرانية في المدى القريب، بل على العكس كل ما يصدر عنهم من تصريحات يؤكد مجددا أن الجنوح إلى تمدد الهيمنة وتهديد أمن روسيا الاستراتيجي هو هاجس ملازم لأعضاء هذا الحلف العدواني، حتى لو غرقت أوروبا في ظلام شح الطاقة، وارتفعت مستويات التضخم وترنح اقتصاد دولها، وعانى مواطنوها من صقيع شتاء قادم.
المفارقة الصارخة في تصريحات الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ الذي دعا فيها الأوربيين بالاستعداد لحرب طويلة وأن ” الناتو يعمل على تعزيز وجوده في الجهة الشرقية، ووضع مئات الآلاف من القوات في حالة تأهب قصوى” أنها تأتي في وقت تبلغ فيه الأزمات ذروتها البيانية هذا من جهة، وعدم تحقيق أي هدف من الأهداف العسكرية أو الاقتصادية ضد روسيا التي تلهث أميركا والناتو لتحقيقها من جهة أخرى، فالخرائط العسكرية تدلل على انتصار موسكو وأن الاقتصاد الروسي أثبت متانته وقوته وثباته في وجه العواصف العدائية المثارة بحيث لم تزحزحه العقوبات الجائرة ولم تنل منه الإجراءات المسيسة المتخذة من دول الغرب الاستعماري.
إذاً الخسائر الميدانية الكبيرة لنظام كييف المدعوم غربيا التي صفعت كل من راهن على استنزاف قدرات موسكو لم تجعل ستولتنبيرغ يعترف بالأخطاء القاتلة و يقر بعقم الرهانات وفشل المؤامرات بل حاول المواربة غطرسة بالطلب من دول الناتو إلى أن تعمل “بنشاط أكثر” لتزويد أوكرانيا بالأسلحة من مخزونها، وإنتاج أسلحة جديدة” ظنا منه إن زيادة الحطب التسليحي لكييف سيغير من المعادلات الميدانية التي فرضتها روسيا بتفوق واقتدار وسينضج طبخة الناتو العدوانية.
تصريحات ستولتنبيرغ جاءت في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين،الذي أعلن أن زيارته لبروكسل رغبة في حشد دعم الحلفاء في حلف شمال الأطلسي لمواصلة تقديم الدعم إلى نظام كييف عسكرياً وماليا”.
روسيا حذرت أكثر من مرة دول حلف الناتو من اللعب بنار التصعيد، وأبدت معارضتها إمداد أوكرانيا بالأسلحة. وأشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى أن أي شحنة تحتوي على أسلحة لأوكرانيا ستصبح هدفاً مشروعاً لروسيا، مؤكداً أن ضخ الأسلحة الغربية في أوكرانيا يعمل على إطالة أمد الصراع فيها، وزيادة معاناة السكان المدنيين.
تصريحات ستولنبيرغ وزيارة بلينكن المفاجئة لكييف قبل أيام وهي الثانية له منذ بدء العملية الدفاعية الروسية في أوكرانيا، ووعوده بتقديم حزمة مساعدات عسكرية أخرى لها ولجيرانها يؤكد أن أميركا وحلف عدوانيتها لا يهمهم سوى تمدد الهيمنة الاستعمارية، ومحاولة حصار موسكو حتى لو ألقوا بنظام كييف في أفران أطماعهم، أو دفع الأوروبيون فواتير غوايات الهيمنة من استقرارهم ودفئهم وركود صناعتهم، فالغايات القذرة في العرف الاستعماري تبيح المحظورات الأخلاقية وتشرعن العربدة العدوانية.
