“غلوبال تايمز”: بعد انتقاد ماكرون لواشنطن.. مواقف الناتو إلى أين؟

الثورة – ترجمة رشا غانم:

عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مؤخراً عن شعوره بعدم الرضا تجاه الولايات المتحدة الأميركية في مناسبات متعددة.
انتقد ماكرون الولايات المتحدة الأميركية، لبيعها مصادر الطاقة والغاز إلى أوروبا، بأربعة أضعاف سعر المبيع لأسواقها المحلية.
وأفاد: “لا يمكن أن تكون هذه صداقة، فالصداقة لا تعني ذلك، مذكراً الرئيس الأمريكي جو بايدن بضرورة التكلم بتبصر عند التعليق على خطر الصراع النووي.
ونشرت وسيلة إعلامية مقرها الهند – تي إف جي غلوبال- مقالاً في ١٨ تشرين الأول الجاري، بعنوان: “دعكم من الحرب الباردة بين أميركا وروسيا، فالحرب الباردة جارية الآن بين فرنسا والولايات المتحدة الأميركية”.
وبينما يحاول الغرب جاهداً تصوير وحدته تجاه “الصراع الروسي الأوكراني”، يبدو أن فرنسا لا تحمي هيبة الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي من شأنه أن يفضح التناقضات العميقة في العلاقة عبر الأطلسي (الناتو).
من ناحية أخرى، فإن المصالح العملية لأوروبا والولايات المتحدة الأميركية في صراع متزايد.
فبسبب الصراع الروسي الأوكراني، ترتفع أسعار الطاقة العالمية بشكل حاد، ودفعت واردات الطاقة المكلفة لدول الاتحاد الأوروبي إلى عجز تجاري متزايد، والأسوأ من ذلك، يواصل المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة، ما يؤدي إلى ضغوط هائلة على البنك المركزي الأوروبي.
كما وصل اليورو إلى ما دون التكافؤ مع الدولار، انخفض إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، ولم يبق له سعر الصرف الفردي مع العملة الأمريكية.
من ناحية أخرى، فإن الأهداف الإستراتيجية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية ليست هي نفسها.
إذ تتحد الولايات المتحدة الأميركية مع حلفائها لحماية هيمنتها. وبينما هذا ليس هو طموح الاتحاد الأوروبي، يرغب الأخير في تشكيل سياسته الخارجية على أساس مصالحه الخاصة، بدلاً من إجباره على الانحياز في منافسة القوى الكبرى.
هذه هي القوة الدافعة الرئيسة لماكرون للتأكيد على الحكم الذاتي الإستراتيجي لأوروبا مراراً وتكراراً.
ومع ذلك، ومع استمرار “الصراع” في أوكرانيا، فإن أوروبا مضطرة لزيادة اعتمادها على الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، وعليها التضحية بمصالحها الاقتصادية مقابل ضمانات أمنية.
يبدو أن أوروبا ليس لديها بديل سوى السماح للولايات المتحدة الأميركية بفرض تكلفة “الصراع الأوكراني” باستمرار عليها، وقد تعرض استقلالها الاستراتيجي لخطر كبير.
على وجه الخصوص، تقوم الولايات المتحدة الأميركية بلا هوادة بتصعيد الأزمة الأوكرانية، التي لم تهدف إلى إضعاف روسيا فحسب، بل لتعزيز سيطرتها على أوروبا. وقد وضع هذا الأمر أوروبا في صعوبات اقتصادية أكبر، وجرفها إلى شفا حرب أكثر خطورة.
ووراء تحذير ماكرون للولايات المتحدة الأميركية، لا توجد مخاوف كبيرة بشأن اشتداد الأزمات المستقبلية فحسب، بل هناك أيضاً عجز عن السيطرة على مصير فرنسا، فضلاً عن دعوة قوية لأوروبا لتعزيز الوحدة، بالطبع، فرنسا لديها أسبابها الخاصة للعب دور “المقاتل المناهض للولايات المتحدة”.
فرنسا لديها استقلالية القوة العظمى، ولها دائماً اعتبار عالمي لا يمكن إغفال أهميته، ويذكر بأن الرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول، دعا إلى ضرورة التزام فرنسا بسياسة خارجية مستقلة وعدم تقييدها تماماً من قبل المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. لهذا السبب، قررت فرنسا ذات مرة الانسحاب من القيادة العسكرية المتكاملة لحلف شمال الأطلسي، وأصبحت أول قوة غربية كبرى تقيم علاقات سياسية مع جمهورية الصين الشعبية. علاوة على ذلك، كانت فرنسا من المدافعين عن التكامل الأوروبي، لقد أعطى صعود قوة ألمانيا وكذلك أزمة الديون الأوروبية الفرصة لألمانيا لقيادة أوروبا، ولكن بعد أن تركت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل السياسة، أعطت فرنسا الفرصة لمحاولة الهيمنة على السياسات الداخلية والخارجية الأوروبية.
إضافة إلى ذلك، لدى ماكرون احتياجاته السياسية الخاصة ليهتم بها. إذ اعتبر ماكرون إحياء فرنسا مسؤوليته الخاصة، وعزز الإصلاحات داخلياً، ويسعى من أجل مكانة فرنسا كقوة عظمى خارجياً.
ففي الانتخابات الرئاسية هذا العام، أعيد انتخابه، لكنه فشل في الحصول على الأكثرية المطلقة في البرلمان، كان برنامج الإصلاح المحلي محدوداً بسبب عرقلة المعارضة. لذلك، يحتاج ماكرون إلى تحقيق بعض الاختراقات في التكامل الأوروبي والقضايا السياسية الأخرى من أجل تعزيز حكمه.
إن التناقض بين فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، أو بين أوروبا والولايات المتحدة، هو أكبر تناقض في المعسكر الغربي، وهو نتيجة حتمية للتوزيع غير المتكافئ للسلطة والمصالح.

ومع ذلك، فإن خيبة أمل فرنسا تجاه الولايات المتحدة الأميركية لها تأثير محدود، فلن يتغير الهيكل المهيمن بين الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، ولن يوجه ضربة أساسية لنظام الهيمنة في الولايات المتحدة الأميركية، فمن المستحيل أن تتخلى فرنسا عن المكاسب المؤسسية للغرب أيضاً.
المصدر: غلوبال تايمز

آخر الأخبار
التحول نحو الاقتصاد الحر.. خطوات حاسمة لدعم المصرف المركزي السوري فزعة الأشقاء.. الأردن يهبّ لمساندة سوريا في إخماد حرائق الساحل أول شحنة منتجات من المدينة الصناعية بحسياء إلى الولايات المتحدة الأميركية رئيس الجمهورية يتابع ميدانياً جهود الاستجابة لحرائق ريف اللاذقية  تشكيل مجموعة العمل المشتركة حول التقنيات المالية بين مصرف سوريا المركزي ووزارة الاتصالات 138 خريجاً من مدرسة التمريض والقبالة في حلب يؤدّون القسم تحفيز إبداع فناني حمص مبادرة وطنية لحفظ وتثمين التراث السوري الهيئة الوطنية للمفقودين تطلق المرحلة الأولى من عملها هوية دمشق القديمة.. حجر اللبون بين سوء تنفيذ.. وترميم غير مدروس بحث تطوير مطار حلب وخطوات جديدة نحو الإقلاع الاقتصادي حركة نشطة عبر معبر السلامة.. أكثر من 60 ألف مسافر في حزيران وعودة متزايدة للسوريين بين المصالح والضغوط.. هل تحافظ الصين على حيادها في الحرب الروسية-الأوكرانية؟. صحة حمص تطور خبرات أطباء الفم والأسنان المقيمين تخفيض أجور نقل الركاب على باصات النقل الحكومي بالقنيطرة أطباء "سامز" يقدمون خدماتهم في مستشفى درعا الوطني استجابة لشكاوى المواطنين.. تعرفة جديدة لنقل الركاب في درعا كيف تخلق حضورك الحقيقي وفعلك الأعمق..؟ حرائق الغابات تلتهم آلاف الهكتارات.. وفرق الإطفاء تخوض معركة شرسة للسيطرة على النيران سوريا وقطر تبحثان توسيع مجالات التعاون المشترك