خاص:
من يتجول في أسواق دمشق ومولاتها يلمس الارتفاع الكبير وتضاعف أسعار الألبسة الشتوية، حيث أصبح شراء أي قطعة لباس بالنسبة لموظف يعادل راتبه، وبالتالي فإن الأمر بالنسبة له أشبه بضرب من الخيال والجنون لذلك يعد أدراجه متناسياً الأسواق، فيتوجه إلى أسواق البالة التي اعتاد أن يشتري منها، وهنا يصطدم بأسعار أعلى بآلاف الليرات من أسعار الألبسة الجديدة تحت حجة أن»قطعة البالة تحفة ولن تتكرر».
لا تتميز عن غيرها
وفي متابعة الثورة لأسواق الصالحية والحمرا والجسر الأبيض تم تسجيل تباين في الأسعار بين محل وآخر وأسعار محلقة للماركات دون وجود مايميزها عن غيرها لجهة النوعية.
فعلى سبيل المثال سعر البنطال تراوح بين٦٠ ألفاً و٢٠٠ ألف حسب نوعيته وموديله والبلوز بين ٤٠-١٨٠ ألفاً والقميص بين ٤٥-٢٠٠ ألف والجاكيت بين ٨٠ ألفاً – ٥٠٠ ألف ليرة، والحذاء بين ٤٥ألفاً و٢٥٠ ألفاً والبجامة بين ٧٥ ألفاً و٢٠٠ ألف وهكذا .. علماً أنها أسعار وسطية مع وجود بعض العروض على موديلات قديمة دون توافر المقاسات.
فكا كماشة
الخبير الاقتصادي فاخر قربي قال «للثورة»: إن المواطن يعيش بين طرفي كماشة جشع التجار من جهة وضبط سعر الصرف المتذبذب الذي انعكس سلباً على أسعار المواد الأولية المستخدمة في عملية الإنتاج المحلي من جهة أخرى، إضافةً إلى قلة العرض بالنسبة إلى الطلب في الأسواق المحلية».
ويرى قربي أنه نتيجة لتدني النوعية في عملية الإنتاج المحلي وضعف القوة الشرائية لدى المواطن بسبب ضعف دخله اليومي نلاحظ أن المواطن يلجأ لأسواق البالة ظناً منه أنه يحصل على جودة أفضل، في وقت يقع به ضحيةً سهلةً لهذه البضائع التي يتم إخضاعها بشكل مباشر لأسعار صرف القطع الأجنبي،هذا ما جعلنا في حالة اقتصادية أحوج مانكون إليه لبضائع محلية ذات جودة عالية وأسعار منافسة مقارنةً بالبضائع التي تُبَاع بالسوق السوداء «البالة» التي تسيطر على القوة الشرائية للمواطن شكلاً ومضموناً.
ضبط الأسعار
وعن الحلول لضبط أسعار الألبسة في الأسواق ينوه قربي إلى أنه لابد أولاً من ضبط سعر الصرف وهو بدوره يسهم إلى حدٍ كبير في عملية تحديد أسعار البضائع المنتجة محلياً وتضبط جماح جشع التجار، وتسهيل عمليات استيراد المواد الأولية وإعفائها بالحد الأدنى من الرسوم الجمركية ما ينعكس إيجاباً على أسعار المنتجات المحلية، ويسهم في توافر المواد الأولية لعملية الإنتاج.
ويشير القربي إلى ضرورة زيادة وتسريع عجلة الإنتاج المحلي بما ينعكس في زيادة العرض ويخلق حالة تنافسية في الأسواق بالتزامن مع زيادة نشاط رقابة دوائر التسعير في المؤسسات الرقابية لأن الوقاية خير من العلاج، وبمعنى آخر الاستعداد للمحاسبة يمنع المخالفة وضرورة إعادة النظر في عملية التسعير في الأسواق انسجاماً مع الدخل الحقيقي للمواطن بدلاً من ارتباطه بأسعار الصرف السوداء.
دور الأسواق الخيرية
ويتطرق قربي إلى دور نشاط غرف التجارة والصناعة ولا سيما من ناحية تفعيل الأسواق الخيرية التي تحقق بالحد الأدنى حالة بيع من المنتج إلى المستهلك وإلغاء حلقة وجود تاجر وسيط وجشِع وزيادة نشاط مؤسسات التدخل الإيجابي لتكون منافسة لنشاط التجار وليس مماثلة لعملهم التجاري الربحي غير المعهود حتى خلال سنوات الحرب العدوانية على سورية، وضرورة أن تأخذ دورها في عملية التدخل الإيجابي الذي يحتاج للاستيراد الذاتي ولدور مؤسسات الصناعة العامة لتوفير المنتج المحلي.
ويرى قربي أن جزءاً من الحل يعتمد على رفع القدرة الشرائية للمواطن، وذلك بترجمة الدعم المادي بشكل حقيقي ومباشر، بدلاً من تحويل هذا الدعم إلى إلكتروني قبل أن يكون دعماً اجتماعياً، والبحث عن آليات دعم حقيقي تخرج بالمواطن من حالة الخوف والهلع من دخول الأسواق.
بيانات التكلفة
مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق تمام العقدة أكد للثورة أن متابعة أسعار الألبسة تكون من خلال تقديم المنتج بيانات للتكلفة تحدد من خلالها سعر القطعة المصنعة، وذلك بناء على التكاليف الفعلية وعند وجود شكوى على ارتفاع في بيانات التكلفة وعدم تناسبها مع مواصفات القطعة تشكل لجنة من الجهات المختصة لدراسة التكلفة والتدقيق في البيانات ووضع سعر واقعي يتناسب مع التكلفة الفعلية.
وحول تباين سعر منتج لنفس المصنع بين محل وآخر قال العقدة إن عناصر حماية المستهلك تعمل على التأكد من السعر الحقيقي وفق بيانات التكلفة للمصنع والمنتج والفواتير وفي حال وجود فارق في السعر وخروج عن الحد المسموح به بالربح تعمل حماية المستهلك على تنظيم ضبط بحق المخالف وفق القانون رقم ٨ مشيراً إلى ضرورة التوجه بالشكوى من قبل المواطنين في حال ملاحظة ارتفاع وتباين الأسعار سواء الالبسة أو مواد أخرى.
قرض المليون
وأما حال المواطن محدود الدخل عند دخوله إلى الأسواق فتقول إن (الفرجة ببلاش) وإنه يحتاج لقرض المليون حتى يشتري بديلاً واحداً مؤلف من قميص وجاكيت وبنطال وبجامة وحذاء وحتى سوق البالة لم يعد قادراً على الشراء منه بعد أن أصبح أغلى من المنتج الجديد وأما حال التاجر فتتحدث عن تراجع في عمليات البيع رغم أن بعضهم أكد بيعه بسعر الجملة، لكن القدرة الشرائية للمواطن تتقلص يوماً بعد يوم وتجعله يحجم عن شراء الألبسة إلا في حدودها الدنيا والتركيز على الأساسيات.