حمص – سهيلة علي إسماعيل:
يعترف المعنيون بقطاع المحروقات «مازوت التدفئة والغاز المنزلي» وتوزيعها في محافظة حمص أن الكميات المخصصة للمواطنين عبر البطاقة الذكية لا تكفي وهي قليلة جداً.. لكنهم يبررون ذلك بتخفيض عدد الطلبات المخصصة للمحافظة عامة ولاسيما في الظروف الحالية، ما انعكس سلباً على عملية التوزيع في جميع أحياء المحافظة وفي المناطق الريفية.
هذه الحالة جعلت معظم المواطنين يلجؤون إلى حلول كثيرة وصعبة ومكلفة لتأمين التدفئة المنزلية، لأن برد الشتاء في حمص لا يرحم ولا يميز بين مقتدر وبين فقير لا يتمكن من شراء مازوت للتدفئة من «السوق السوداء» بأسعار مرتفعة ومرهقة لجيبه، وكان الأولى بالحكومة أن تراعي طبيعة كل محافظة من ناحية الطقس والظروف الجوية قبل أن تعمل على تخفيض حصتها، وأن تضع حداً لما يحدث في السوق السوداء وتترصد مصدر المواد الموجودة من مازوت وبنزين وغيرها من مواد يصعب عليها تأمينها بالطرق النظامية.
أما بالنسبة لتأمين حاجة المزارعين للموسم الحالي فهنا الطامة الكبرى. فالزراعة ليست أهم من المستشفيات والنقل…!!
«الثورة» رصدت آراء المواطنين والجهات المعنية بقطاع المحروقات في المحافظة لمعرفة موطن الخلل الحاصل وإلقاء الضوء على معاناة مواطنين لا حول لهم ولا قوة غير الانتظار..
مواطنون: لم نحصل على حصتنا حتى الآن!
ذكرت سيدة في حي كرم الشامي أنها لم تحصل على حصتها من مادة المازوت البالغة 50 ليتراً حتى الآن بالرغم من أن الكثيرين من جيرانها حصلوا عليها وكذلك اسطوانة الغاز، وتساءلت عن السبب خاصة وأن البرد قارس ولديها أطفال صغار وبحاجة لأي وسيلة تدفئة، مضيفة بأن الكمية المخصصة للأسرة عبر البطاقة الذكية قليلة جداً وقد لا تكفي سوى بضعة أيام لكنها من حقها وعلى المعنيين في المحافظة تأمينها.
أما أحمد وهو موظف في جامعة البعث ويسكن في حي الشماس جنوب المدينة فقال: حين تأخرت رسالة المازوت سألت بعض المعنيين بالموضوع فكان الرد بأن من استلم مخصصاته العام الماضي سيتأخر وصول الرسالة لهذا العام.
وأضاف معلقاً على الأمر: ربما تصلني بعد نهاية فصل الشتاء وانفراج الطقس، أي حين لا أكون بحاجة لها وليس ذنبي أنني حصلت على مخصصاتي العام الماضي، وهذا يندرج ضمن ما يسمى المضحك المبكي..!! وعن تأخر رسالة الغاز قال: لولا التقنين الكهربائي الجائر لاستطعنا الاستغناء عن الغاز، لكن في الوضع الحالي لا كهرباء ولا غاز يتوفر لدينا..!!
أما أم محمد في حي وادي الذهب فذكرت هي أيضاً أنها لم تستلم مخصصاتها من مادة المازوت وألقت اللوم على المعنيين في المحافظة، وأضافت أن أولادها يعانون من الرشح والكريب بسبب البرد، وهي لا تستطيع أن تشتري – كما أغلبية المواطنين – مازوت التدفئة من السوق السوداء حيث قارب سعر الكالون الواحد الـ 200 ألف ليرة سورية، فماذا يفعل المواطن في ظل الظروف الصعبة..؟؟ وكذلك الأمر بالنسبة إلى أسطوانة الغاز فهل يُعقل أن تكفي الأسطوانة لمدة ثلاثة أشهر..؟؟
والمزارعون أيضاً
لم يقتصر موضوع عدم وصول الرسائل الخاصة بمازوت التدفئة على المواطنين فقط، وإنما هناك مزارعون في ريف المحافظة ولاسيما مالكو الجرارات الزراعية لم يحصلوا على مخصصاتهم من المازوت لحراثة أراضيهم وزراعتها في الموسم الزراعي الحالي، وتساءل عدد ممن تواصلنا معهم في ريف المحافظة الغربي والشرقي عن التناقض الموجود في تصريحات الجهات المعنية، فهي من ناحية تصرح بدعم القطاع الزراعي باعتباره قطاعاً مهماً لإنقاذ الاقتصاد الوطني من خلال المحافظة على الأمن الغذائي ورفد الكثير من الصناعات الغذائية بالمواد الأولية.
ومن ناحية ثانية فإنها لم تعمل على تأمين حاجة المزارعين من مادة المازوت! فعن أي دعم يتحدثون في ظل الوضع الراهن؟ وسيكون تأمين حاجة أي مزارع عبئاً عليه لأن القضية لن تقف عند المحروقات فقط، بل هناك تكاليف أخرى مرافقة للزراعة كالحصول على البذار وأجور اليد العاملة وقد بات أي عمل من هذه الأعمال مكلفاً جداً، لذلك من الطبيعي أن نرى الكثير من المزارعين وقد تركوا أراضيهم بوراً.
المحافظة: قلة التوريدات هي السبب
بدورنا توجهنا إلى عضو المكتب التنفيذي المعني بتوزيع المحروقات عمار داغستاني، وسألناه عن سبب ما يحصل بخصوص توزيع مازوت التدفئة على المواطنين والمزارعين، فقال: بلغت نسبة توزيع مازوت التدفئة عبر البطاقة الذكية في مدينة محافظة حمص 36% حتى الآن مع وجود أحياء بلغت نسبة التوزيع فيها 64% وأخرى تراوحت بين 15-10% فقط، أي ما يعادل 148 ألف بطاقة من أصل 428 ألف بطاقة مُفعلة، وتزداد وتيرة التوزيع ونسبته أو تقلُّ بحسب الموارد المتاحة للمحافظة، وهي تتعلق بها طرداً، ونأمل أن نصل إلى نسبة توزيع جيدة أي ما يقارب 75- 80% من عدد البطاقات.
وعن ضآلة حصة المواطن من المادة أضاف داغستاني: إن خمسين ليتراً لا تكفي، ولكنها تفي بالغرض بنسبة 25%، وحين توفر الكميات نوزع 100 ليتر، وهذا الأمر يتعلق بكمية التوريدات، علماً أن هناك قطاعات تعاني هي أيضاً من قلة التوريدات، ولها أهمية موازية لقطاع التدفئة كقطاع النقل والمخابز والصحة والزراعة، لكن الكميات الواردة للمحافظة تُوزع حسب الأولوية.
80 ألف أسطوانة غاز بحاجة للصيانة
وعن سبب تأخر وصول رسائل الغاز المنزلي قال داغستاني: لدينا 80 ألف اسطوانة غاز بحاجة لتركيب صمامات وصيانة، وقد أبرمت شركة المحروقات في حمص «سادكوب» عقداً لإصلاحها، وعند الانتهاء من تنفيذ العقد ستُحل أزمة الغاز المنزلي لتصبح مدة الاستلام 60 يوماً فقط مثل بقية المحافظات، وقد طلبنا منذ فترة من المعتمدين في المدينة والريف أن يجمعوا الأسطوانات الفارغة لدى المواطنين ليتسنى لنا تأمين حاجة المواطنين، وهذا الإجراء جعلنا نخفض مدة استلام الأسطوانة إلى أقل من 100 يوم.
أما فيما يتعلق بالقطاع الزراعي وأهمية دعمه فأردف قائلاً: كان هناك ستة طلبات للقطاع الزراعي الشهر الماضي وهي غير كافية، حيث تبلغ حاجته الفعلية عشرة طلبات، ويتم توزيع الكمية على المزارعين حسب الحيازات الموجودة لديهم وبإشراف لجان محروقات فرعية تم تشكيلها لهذه الغاية في مناطق المحافظة.
اتحاد الفلاحين: الأفضلية للمخابز والمستشفيات والنقل
كانت محطتنا الأخيرة مع رئيس اتحاد فلاحي المحافظة سليمان عز الدين، ورداً على سؤالنا عن سبب عدم حصول المزارعين على مخصصاتهم من المازوت لزوم حراثة الأرض وبذارها قال: المادة غير متوفرة وخاصة خلال الآونة الأخيرة والأزمة عامة في القطر ولا تقتصر على محافظة حمص من دون غيرها، وقبل تأمين المادة للمزارعين هناك أولويات تعمل الجهات المعنية على تأمينها بالمادة مثل قطاع النقل والمخابز والصحة، وحين تتوفر المادة لا نتوانى عن توزيعها، بعد أن يقدم المزارع وعن طريق الجمعيات الفلاحية الأوراق المطلوبة كإثبات الملكية وكتاب من الجمعية الفلاحية وغيرها من الأوراق الثبوتية الأخرى