رهاب الزلزال.. عندما يغيب الأمان النفسي

الثورة:

تحاول البقاء مستيقظة طوال الليل، تقلقها العتمة وينتابها خوف النوم، تخشى أن تغفو عيناها فتصحو على ويلات الزلزال. تراقب حركة أثاث منزلها تنظر إلى الطاولة وكوب الشاي وكأس الماء بجانب سريرها لعل واحدا منها تحرك من مكانه.

ليس ذلك فقط، إنما فرضت على نفسها وردية ليلية إجبارية معتقدة أنها بذلك تباغت الزلزال قبل قدومه وتجد حلا للهروب فلا يقوى على أن ينال منها ومن أطفالها الصغار النيام. هذا هو حال الكثير من الأمهات التي تعيش حالة نفسية صعبة ومقلقة منذ الإعلان عن كارثة الزلزال التي خلفت ورائها عشرات الآلاف من الضحايا ودمّرت البيوت وشردت مئات الآلاف في جنوب تركيا و سورية.

حالة الخوف التي قد تكون “مبالغ بها” انتابت البعض منذ وقوع الزلزال ما أدخلهم حالة من الرهاب وجعلهم يعيشون بقلق دائم طوال اليوم على نفسها وعائلتها وأطفالها.

أصبحت تفكر في تفاصيل منزلها وتحصي النوافذ والأبواب وتفكر في طريقة الهروب حتى أنها لم تكن تلاحظ من قبل أن بيتها على الجهة المعاكسة للشارع وهو ما زاد خوفها بعد الزلزال.

والبعض أصبح لحظة غروب الشمس بالنسبة لهم خوفا وهلعا وقلقا فلم يعد الليل بالنسبة لها راحة وسكينة وطمأنينة، فقد حوله الزلزال  إلى سواد موحش ومقلق يخبئ لحظات مجهولة وحسرات على حد قولها.

الكثير من الأمهات اللواتي بكين مع أمهات سورية وتركيا وأوجعتهم قلوبهم على الأطفال والشيوخ الذين تواجدوا بين ركام بيوتهم يختبرون جميعا الخوف والألم، الأمر الذي ترك خوفا كبيرا وقلقا من النوم وخشية من قدوم الليل الذي أصبح للكثيرين رعب وخوف ودمار.

من جهة أخرى كان لمواقع التواصل الاجتماعي دور كبير في حالة الرهاب والخوف التي رافقت كارثة الزلزال، حيث ضجت هذه المواقع بالأخبار والتفاصيل الموجعة لضحايا الزلزال ونقلت الحدث بدقة، فأصبح متابعو تلك المواقع يعيشون الألم والمرارة ذاتها فضلا عن الكم الهائل من الفيديوهات القديمة والجديدة والأخبار التي جعلت الزلزال عنوانا لها، كلها تفاصيل أدخلت الكثيرين في حالة من الخوف المستمر وأصبحوا يعيشون فوبيا من الفقد ورهابا من الزلزال.

إلى ذلك، أوجد الزلزال صدمة عالمية لم تقتصر على مستوى تلك الدول حيث ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات الأخبار بنقل كل ما جرى من آثار مدمرة للزلزال مباشرة والتي رافقت عمليات الإنقاذ والقصص الموجعة التي صاحبت الزلزال من موت وخراب ودمار وأطفال تيتموا وفقدوا أسرهم وكبار سن أصبحوا بلا مأوى.

كل هذه التفاصيل وضعت العالم على المحك، خصوصا أن الكوارث الطبيعية والزلازل منها لا يمكن التنبؤ بها، فالعالم أجمع أصبح اليوم يراقب الزلزال وأصبح الوعي المعرفي والبحث عن المعلومات والتثقيف أعلى لدى الناس، وزادت متابعة الأخبار وأصبح الجميع أكثر حيطة وحذرا والبحث عن معرفة أكثر كيف يمكن التعامل مع الزلزال.

فقد خلف الزلزال عدة مفردات؛ قلق، توتر، حزن وخوف، الخوف من المستقبل وعيش تجربة الأتراك والسوريين والقلق الدائم من حدوث الزلزال في منتصف الليل والناس نيام، فضلا عن توتر الأطفال وخوفهم من فقدان ذويهم وخسارة بيتهم وكتبهم وألعابهم.

من جهة أخرى أثارت الفيديوهات التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي لزلازل قديمة وجديدة والقصص الموجعة والمحزنة لضحايا الزلزال والناجين أشبه ما يكون بالرهاب لدى المتلقي الذي بات يعاني من هاجس الزلزال ويعيش حالة الرعب والهلع رغم عدم وقوعها.

وأعطى الزلزال دروسا كثيرة للناس أهمها أن لا شيء دائم على وجه الكرة الأرضية، وزادت حالة التعاضد والتكافل والتعاون الكبيرة التي عاشها العالم أجمع الذي لم يوفر جهدا للوقوف إلى جانب الأسر المكلومة  والشعور مع الناجين من الزلزال ما بعث بالطمأنينة لديهم بأنهم ليسوا وحدهم وأن المصاب واحد في كل العالم.

ضرورة الالتفات إلى يتامى الزلزال وكبار السن الذين فقدوا بيوتهم وجيرانهم وأبناءهم وأمانهم الذي عاشوا فيه طويلا وهو أمر يستحق التفكير فيه وأخذه بعين الاعتبار.

وعلى أولياء الأمور رفع وعي أبنائهم بأن الكوارث الطبيعية والزلزال أمر خارج عن الإرادة ومن الممكن حدوثه بأي دولة في العالم، لافتا إلى أن الحديث عن الارتدادات التي ستحدث في الأردن وسورية والعراق واليونان وكل ما تتناقله وسائل الإعلام أثار الخوف والقلق بشكل أكبر.

علينا أن نستفيد من تجارب غيرنا في الكوارث الخارجة عن الإرادة و “الابتعاد عن التوقعات السلبية والأوهام التي توقف حياتنا ونشاطاتنا وتؤزم الحياة”.

كثير من المتلقين أصبحوا يضعون أنفسهم في ذات المكان، ويبدأون بالتساؤل ما الذي يمكن أن يحدث لأسرهم وأطفالهم، ما يضاعف شعور الخوف والقلق وفق الغزو.

حيث أن الأساس أن يكون لدى الإنسان ثقة وقوة إيمان أنه سيعيش قدره، وعدم التفكير بالكوارث الطبيعية وكأنها ستحدث بأي لحظة لأن ذلك سيجعله يعيش بتوتر دائم وعليه أن يأخذ دائما بالأسباب.

حيث بعثت الكثير من قصص الأطفال الناجين وكبار السن الأمل في العيش والإيمان بأن الأقدار مفروضة على الناس.

و ضرور النظر إلى الجانب الإيجابي للكوارث والأزمات وإعادة النظر في تقييم العلاقات الإنسانية وعلاقة الشخص مع الآخرين والابتعاد عن التفكير السلبي الذي يخلق أمراضا نفسية فالجميع بغنى عنها، خصوصا في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يختبرها الجميع.

فإن الفوبيا والرهاب الاجتماعي قد يدخل البعض في اكتئاب وحالة من عدم السيطرة على الأفكار ومشكلة في التفكير التي تنعكس على حالته العامة.

والقلق ليس من الرهاب من الزلزال بحد ذاته بحسب مطارنة، بقدر دخول البعض بحالة من الاكتئاب واليأس، إضافة إلى حالة من عدم الأمان النفسي والصراع الذاتي، يرافقها حالة من الحزن والألم الشديد الذي قد يسبب انعدام الرغبة في الحياة.

هذه كلها نتائج الصدمات التي تصيب الإنسان ونتيجة لأحداث سلبية ليشعر بغياب الأمان والسلام الاجتماعي، لافتا إلى أن أصعب الأشياء في حياة الإنسان فقدان الأمن النفسي والشعور بالخطر المهدد في كل مكان، علينا اولا القدرة على التعامل أو التفاعل مع الحالة العامة الموجودة بشكلها الطبيعي.

آخر الأخبار
سورية وإندونيسيا.. شراكة رياضية تنطلق بثقة تعاون مع اليابان في مجالي الإنذار المبكر والرصد الزلزالي مهرجان التحرير الأول يضيء سماء طرطوس.. وعروض فنية ورياضية مبهرة  عودة أكثر من 120 أسرة إلى قرية ديمو بريف حماة الغربي ضوابط القيد والقبول في الصف الأول الثانوي للعام الدراسي القادم نضال الشعار  .. الوزير الذي ربط الجامعات بالوزارات؛ والناس بالاقتصاد   "عمال درعا".. يطالب بتثبيت العمال المؤقتين وإعادة المفصولين  عناية مميزة بقطاع الخيول في حلب الشيباني: العلاقة مع كرواتيا ستكون متعددة الجوانب.. غرليتش رادمان: ندعم استقرار سوريا "ساهم".. تعزيز ثقافة الحفاظ على البيئة في إعزاز  طرطوس تكرّم متفوقيها في الشهادتين  بنزين ومازوت سوريا.. ضعف العالمي وأغلى من دول الجوار  نائب أميركي: حكومة نتنياهو "خرجت عن السيطرة" بعد هجوم الدوحة السعودية:الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا انتهاك للقانون الدولي "أهلاً يا مدرستي".. تهيئة الأطفال للعام الدراسي مباحثات استثمارية بين سوريا وغرفة التجارة الأميركية "المعلم المبدع".. في درعا إدانات دولية متصاعدة للعدوان الإسرائيلي على قطر: تهديد للأمن الإقليمي "الشمول المالي الرقمي".. شراكة المصارف والتكنولوجيا من أجل اقتصاد واعد الشيباني يستقبل وزير الخارجية الكرواتي