فؤاد مسعد:
حالة ترقب يشوبها تفاؤل حذر تسبق انطلاق عجلة عرض الأعمال الدرامية في شهر رمضان المبارك، فكثيرون روجوا لأعمالهم على أنها الأكثر إثارة وملحمية وآخرون رأوا أنها تخترق المألوف ورأى البعض أنهم قدموا أفكاراً ورؤى من خارج الصندوق، في حين فضل آخرون الصمت والعمل بعيداً عن آلة الترويج والتسويق لأنهم يرون بعملهم مفاجأة قد تُخربط أوراق العرض وتقلب الطاولة على أعمال ظن أصحابها أنها ستكون «بيضة القبان» في الموسم الجديد.
وبين هذا وذاك يبقى الجمهور متشوقاً إلى أن تحين الساعة التي يذوب فيها الثلج وتظهر الأعمال على حقيقتها، ولعل واحدة من ميزاتها التنوع الدرامي الذي ستشهده مائدة العرض رغم ميلان الكفة عددياً إلى المسلسلات التي تدور أحداثها في البيئة الشامية، والحضور الخجول للكوميديا، ومحاولة الدراما الاجتماعية طرق أبواب جديدة مؤثرة، هذه حال المسلسلات التي تم تصويرها في سورية لتكون زاد شاشات العرض في الشهر الفضيل، وفيما يلي نعرض لأهمها.
اجتماعي معاصر
تنوع واسع في الموضوعات تطرحه الأعمال الاجتماعية المعاصرة، وإن كان التشويق البوليسي له الصدارة فيها إلا أن هناك حضوراً لموضوعات تحمل الدفء والحب وتلقي الضوء على العلاقات الإنسانية . ومن تلك الأعمال مسلسل «كانون» إخراج إياد نحاس وتأليف وحوار علاء المهنا ومعالجة درامية خالد إبراهيم، وقد حرص صناعه على طرح العديد من الحقائق عبر أحداثه الصادمة التي حيكت بإطار بوليسي مشوق متناولة بيئات متنوعة ومقدمة وجهة نظر حول مفهوم «القاع» الذي قد يمتد ليشمل حتى الأغنياء، مسلطة الضوء على مجموعة أنشطة غير مشروعة، حيث تدور الكثير الأحداث في سوق الحرامية ويتصاعد الصراع بين «الشر والشر».
يتناول مسلسل «الكرزون» إخراج رشاد كوكش وتأليف مروان قاووق ورنيم العودة حكاية رجل ثري يتأثر بحادثة انفجار مرفأ بيروت ويجعلها حجة ليختفي عن الأنظار مدة معينة لتلقين ابنته المدللة درساً في الحياة حيث تنقلب الأمور بالنسبة إليها رأساً على عقب وتضطر لتغيير الكثير من تصرفاتها لتتماشى مع الوضع الجديد، أما مسلسل «خريف عُمر» إخراج المثنى صبح وتأليف وحوار حسام شراباتي ويزن مرتجى ومعالجة الدرامية د.رانيا الجبان، فيتناول حكاية محامٍ متقاعد يقرر بسبب حدث هام جرى معه أن يعيد حساباته في حياته المهنية متسائلاً إن استطاع تحقيق العدالة، الأمر الذي يدفعه إلى دخول دائرة الانتقام لتحقيق عدالة يرى أنها مُحقة.
ويطرح مسلسل «مال القبان» إخراج سيف سبيعي وتأليف علي الوجيه ويامن الحجلي، قضايا تلامس الواقع ملقياً الضوء على انعكاسات وتداعيات الحرب التي شنت على سورية وتأثيرها على حياة الناس وظروفهم وما يعيشونه من صراعات، أما الجزء الثاني من المسلسل البوليسي «مقابلة مع السيد آدم» المؤجل من موسم سابق فتتصاعد فيه حدة الغموض حيث يستمر الطبيب الشرعي (آدم) في عملية الانتقام المتسلسلة التي بدأها بالجزء الأول بعد وفاة ابنته الوحيدة وطالت عدداً من المتورطين في موتها، والعمل من تأليف وإخراج فادي سليم وشاركه في كتابة السيناريو شادي كيوان، وهناك أيضاً العمل الدرامي «وصايا الصبار» إخراج سمير حسين وتأليف فادي حسين، المأخوذة عن مسرحية (ماكبث) لشكسبير وتدور في إطار اجتماعي بوليسي نفسي، مسلطة الضوء على حكاية عائلتين من طبقتين مختلفتين بينهما خلاف قديم، تجتمعان معاً مجدداً مما يصعد من الصراع ويوصل النهايات إلى أماكن غير متوقعة.
بين الشعبي والشامي
ومن الأعمال التي تحمل سماتها الشعبية والملحمية مسلسل «الزند ـ ذئب العاصي» إخراج سامر برقاوي وتأليف عمر أبو سعدة، ويحكي قصة تحدٍ ووجود وصراع بين الإقطاعيين وأصحاب الأراضي في أواخر القرن «19» طارحاً حكاية شاب سرقوا منه أرضه وعائلته فقرّر التمرّد.
أما المســلســــلات التي تدور أحداثها ضمن إطار البيئة الشامية فعددها يبقى هو الغالب، وإن جاءت هذا الموسم متنوعة في محاولة لتقديم صيغة قد تقترب أو تبتعد عن الصيغ المعتادة في هذا النوع من الأعمال، ومنها نرصد ما يلي:
مسلسل «العربجي» الذي وصِف بالملحمي وهو من إخراج سيف الدين سبيعي وتأليف عثمان جحا ومؤيد النابلسي، يتناول حكاية عبدو العربجي الذي يتعرض للكثير من الظلم فيجابهه برحلة مليئة بالانكسارات التي يسعى إلى التغلب عليها بإرادته وإصراره وحنكته . أما الجزء 13 من مسلسل «باب الحارة» إخراج منال عمران وتأليف مروان قاووق، فتدور أحداثه في المراحل الأخيرة من الاحتلال الفرنسي وتستمر وصولاً إلى الاستقلال، ويعد استمراراً للحكايات التي بدأت منذ الجزء العاشر، وستتم فيه إنهاء حكاية حارة الصالحية وعودة الشخصيات الأساسية إلى حاراتها، في حين تجري أحداث مسلسل (زقاق الجن) إخراج تامر اسحاق وتأليف محمد العاص في أجواء لا تخلو من الغرابة والغموض وتحمل حكايته مقولتها المرتبطة بالعائلة والفرد المتحكم فيها ومدى صرامته بما في ذلك من إيجابية وسلبية.
ويحكي مسلسل «مربى العز» إخراج رشا شربتجي وتأليف علي معين صالح عن الأصالة منطلقاً من فكرة أن ابن العز يبقى ابن عز مهما جارت عليه الأيام، أما الجزء الثالث من «حارة القبة» إخراج رشا شربتجي وتأليف أسامة كوكش فيتصاعد فيه الصراع مع دخول شخصيات جديدة إليه، وقد أكدت مخرجته أن قصة بيت «أبو العز» لم تنتهِ ولايزال هناك الكثير من الأسرار التي ستتكشف خلال أحداث الجزء الجديد، في حين يقع مسلسل «حواري الخير» إخراج ظهير غريبة وتأليف مروان قاووق في عدة خماسيات، تحكي كل منها قصة مختلفة عن الأخرى، والمشترك فيما بينها العادات والتقاليد والعلاقات الإنسانية داخل العائلة وبين الأصدقاء وأهل الحارة بكل ما فيها من مقولات وحكم.
الكوميديا الـ «لايت»
حضور خجول للكوميديا الخفيفة «لايت كوميدي» يتمثل بعملين هما: الجزء السادس من مسلسل «صبايا فليكس» إخراج فادي وفائي وتأليف محمود ادريس، ويحكي قصة بيت مطوّق بالتفاصيل اليومية المشغولة على قالب البساطة والمتعة، جامعاً بين صبايا من الأجزاء السابقة بعد أن مرّت عليهنّ كلّ تلك السنين مع صبايا جديدات في مقتبل العمر، والعمل الثاني «قرار وزير» تأليف وإخراج طارق سواح، يتناول حكاية رجل يصبح وزيراً فيقوم باتخاذ قرار غريب يترتب عليه العديد من التغيرات مما يشكل صدمه للمحيطين به.