الثورة – رفاه الدروبي:
خصَّصت العائلات في أغلب البيوت السورية جزءاً من المنزل كقبو لحفظ الأطعمة المُحضَّرة أُطلق عليها المونة قديماً، إذ كانت تقوم ربات البيوت بتحضير وتخزين الخضار والبقوليات والمربيات من غلال فصل الصيف لكل عام استعداداً لموسم الصقيع والمطر.
الباحث أنس تللو بيَّن في تصريحٍ لصحيفة الثورة أنَّ أسباب تخصيص مكان للمونة آنذاك هو «عدم توفُّر ثلاجات في المنازل فأحسَّ السوريون بضرورة القيام بتخزين المواد الغذائية وكثيراً مابرعوا، وشرعوا يبتكرون طرقاً للمحافظة عليها»، ولفت إلى أنَّ تخزينها يحتاج إلى مكان واسع في الدار، فخصَّصوا مكاناً مناسباً لها سمُّوه بيت المونة، ويكون غالباً في القبو كي يُعطي برودة تناسب الحفظ أو في ساحة المنـزل أو في السقيفة، وعادةّ ما تكون في المطبخ أو قريبة منه، تتميَّز بمواصفات غرفة مرتفعة، تحتاج ربات البيوت للصعود إليها بوساطة سلُّم أو كرسي.
كما أكَّد أنَّ بيت المونة كان لتخزين المربيات والفواكه المُجفّفة والبقوليات والخضار، ومايضمّه البيت من أصناف متعددة كالمربيات مثل: المشمش، التين، الكبَّاد، النارنج، السفرجل، القرع، وحتى الباذنجان، ويتبعوها بتخليل الزيتون بأنواعه المختلفة والمكدوس، وأنواع الأجبان المحفوظة بالماء والملح لتبقى أطول مدة مُمكنة وتُحلَّى بالماء الساخن، مُنوِّهاً بأنَّه يبقى منظر «القطرميزات» القديمة الكبيرة بأشكالها المختلفة والمصفوفة على الرفوف أخاذاً، وبعضها كان يستخدم لتعبئة الزيوت والزيتون وغيرها، والبراميل الزئبقية لتعبئة كميات البرغل والأرز والعدس.
بيوت المونة تُعدّ تراثاً مُمتعاً، لكنَّه للأسف زال من بيوتنا ومن حياتنا، وبقيت ذكريات لا أحلى ولا أجمل تتحدّث عن عملٍ برعت به جداتنا وأمهاتنا.