الثورة – ترجمة رشا غانم:
لسنوات عديدة، فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية وعقوبات وضوابط على الصادرات الصينية، الأفعال التي بسببها كانت العلاقات الثنائية بين البلدين في أدنى مستوياتها منذ عقود، وعلى الرغم من أنّ الولايات المتحدة تدعي بأن أسباب تلك الإجراءات تتعلّق بالأمن القومي، إلا أنّه يمكن اعتبارها كجزء من فخ “ثوسيديديس”، مما يضع الأساس لصراع حركي محتمل.
يُذكر أنّ من أشاع مصطلح فخ “ثوسيديديس” هوعالم سياسي أمريكي يُدعى غراهام أليسون، وقد كان يستخدمه لوصف النزعة والميل للحرب عندما تشكل قوة ناشئة تهديداً لإزاحة قوى عظمى حالية وتأخذ مكانها كقوة رائدة وقائدة إقليمياً ودولياً، حيث تركزت معظم التقييدات الأمريكية على صادرات الصين للتكنولوجيا كأشباه المواصلات والتي تدعي واشنطن بأنه يمكن للصين بأن تحولها لاستخدامات عسكرية، وعلى أي حال، ففي أيامنا هذه، يمكن استخدام العديد من التكنولوجيات لأغراض عسكرية ومدنية بآن واحد، هذا وقد أفاد خبيران ممن قامت صحيفة “تشاينا ديلي” بمحاورتهما عن تلك الإجراءات والتي من المعتاد استخدامها لقمع التطور الاقتصادي للصين في ظل ادعاء شامل بالأمن القومي أو الشواغل العسكرية.
ومن جانبه، فقد قال مدير شركة الهيئة الاستشارات العالمية ميدجلي آند كو في واشنطن-جاك ميدجلي:” انظر إلى كل الهيئة، فإن كل الإجراءات الاقتصادية للولايات المتحدة متخذة ضد الصين، انطلاقاً من الضوابط على هواوي انتهاءً بالقيود على استثمارات الصادرات الحالية تحت ادعاء حماية الأمن القومي لأمريكا، هذا هو الهدف المعلن، التحدي هو أننا نحاول حل مشاكل معقدة بوسائل بسيطة”.
وبدورها، تخطط شركة هواوي للعودة الكاملة للجيل الخامس من صناعة الهواتف الذكية بحلول نهاية هذا العام، وفقاً لما أعلنته شركات الأبحاث، بعدما أدى الحظر الأمريكي على مبيعات المعدات إلى تدمير أعمال الإلكترونيات الاستهلاكية، كما نقلت رويترز عن ثلاث شركات أبحاث تكنولوجية خارجية تغطي قطاع الهواتف الذكية في الصين قولها بأن هواوي يجب أن تكون قادرة على شراء رقائق الجيل الخامس الخاصة بها محلياً باستخدام التطورات الخاصة بها في أدوات تصميم أشباه الموصلات جنباً إلى جنب مع صناعة الرقائق من شركة هواوي.
تعد العودة إلى الجيل الخامس لسوق الهواتف الذكية انتصاراً لشركة هواوي والتي كانت ولمدة ثلاث سنوات في وضع نجاة، فقد بلغت عائدات أعمال المستثمرين لهواوي إلى ذروتها عند 483 مليار يوان في عام 2020، قبل أن تهبط بنسبة 50% في العام الذي تلاه.
وتنافست الشركة التي تتخذ من شنتشن مقراً لها مع كل من آبل وسامسونغ لتكون أفضل شركة لتصنيع الهواتف في العالم حتى قطعت القيود الأمريكية في عام 2019 وصولها إلى أدوات صناعة الرقائق الضرورية لإنتاج طرازاتها الأكثر تقدماً، بينما قال ميدجلي إنه قبل 30 أو 50 عاماً كان من السهل التمييز بين التكنولوجيا العسكرية والتكنولوجيا المدنية، لذلك ركزت تدابير حماية الأمن القومي المبكرة من قبل الولايات المتحدة على المواد الإستراتيجية أو تصدير الأسلحة أو الاستثمار فيها، أما على مدى السنوات 20 الماضية تغير كل ذلك.
وأضاف:” الآن هناك فرق ضئيل للغاية بين التكنولوجيا العسكرية المتقدمة والتكنولوجيا المدنية المتقدمة”، مستشهداً بأجهزة الكمبيوتر العملاقة والذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار المتقدمة التي يمكن استخدامها في التطبيقات الطبية والعسكرية.
وتابع:” أنظمة الاتصالات، مثل شبكات الجيل الخامس وتقنيات الاتصالات المتقدمة الأخرى، يمكن تطبيقها في الأماكن العسكرية للمساعدة في القيادة والتحكم، أو يمكن استخدامها في أماكن مدنية لمساعدة الناس على العيش بشكل أفضل، وقد تلاقت التكنولوجيات العسكرية والمدنية، وشيء آخر تغير هو أن الصين يمكنها الآن صنع العديد من هذه التقنيات نفسها، قائلاً:” إنه عندما تكون التقنيات العسكرية والمدنية هي نفسها، وحيث تتمتع الصين بقدرة ثابتة قوية، فإن استخدام العقوبات لا يمنع الجانب الصيني من التقدم، كما لا يعطي ذلك أي حماية حقيقية للولايات المتحدة، بل ويضر بالعلاقة السياسية والاقتصادية بين البلدين”.
وختم قائلاً:” إن السبب المعلن للعقوبات هو حماية الأمن القومي الأمريكي، لكن هذا السبب فضفاض جداً لدرجة أنه يغطي جميع التقنيات تقريباً”.
المصدر – تشاينا ديلي
