الصحفيون الأكثر تضرراً.. «الاحتراق الوظيفي» يتعب القلب.. ويورث السلبية

ثورة زينية
صنفها استطلاع واسع للرأي عام ٢٠١٨ بأنها من بين أسوأ خمس مهن على صحة الإنسان،حيث تعتبر مهنة الصحافة من أكثر أنواع المهن خطورة على حياة العاملين فيها فهي “مهنة المتاعب “كما يسميها من يعمل بها كونها تجهد للبحث عن الحقيقة من خلال الأخبار والمواد الإعلامية التي يحاول الصحفي الوصول إليها، مما يجعله في حالة مستمرة من الترقب والانتظار والتوقع واليأس والإحباط والانتصار والانكسار حتى يصل إلى هدفه، لهذا لم يكن مستغرباً أن تشير الدراسات إلى أن هذه المهنة تؤثر بشكل كبير في العاملين بها.
ويعاني العاملون في حقل الصحافة نتيجة لطبيعة عملهم إلى الإرهاق النفسي والجسدي الذي يحدث بعد التعرض لفترات طويلة من التوتر والضغوطات في العمل،الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على سير الحياة الشخصية والعملية،كما يؤدي لفقدان الحماسة نحو العمل وتراجع في النشاط والإنتاجية وهو ما يسمى حسب مصطلحات علم النفس “الاحتراق الوظيفي”.
في الخطوط الأمامية للصدمة
مادعاني اليوم لتناول موضوع مايسمى “الاحتراق الوظيفي ” أن الصحفيين هم الأكثر عرضة له وما ساعرضه في مقالتي لاحقا ليس من باب الاستعراض فقط لهذا المصطلح وإنما من خلال تجربتي ومن حولي من زملائي العاملين في هذه المهنة التي لاتتوقف عند زمان أو مكان في حياة الصحفي، بل إنها ترفض أن تفارقه حيثياتها لبرهة وتعيش معه في كل تفاصيل حياته اليومية،وقد ترافقه آثارها حتى إلى مابعد تقاعده عن العمل بها سواء على المستوى النفسي أم الجسدي.
فالصحفي بصفته أول المتواجدين في الخطوط الأمامية للصدمة يجد نفسه دائماً، وأحياناً من دون أن ينتبه، في قلب معادلات تجعل الاعتناء بسلامته النفسية والجسدية أمراً صعباً ومعقدا، ولاسيما من العمل في ظروف غير طبيعية إلى مراجعة مواد بصرية قاسية والتعامل مع معضلات أخلاقية تحت ضغط المعايير المهنية المطلوبة ومواعيد التسليم الصارمة،ناهيك عن ضغوط تتعلق بإدارات ومفاصل العمل المتحكمة بعمل المؤسسات الإعلامية.
مسببات وعوائق
ومن خلال نقاشي مع عدد من زملاء المهنة أكدوا أن مصادر الضغط التي يواجهونها خلال عملهم ناتجة عن طبيعة المهنة في صعوبة جمع المادة الإعلامية ومعالجتها واﻻﻓﺘﻘـﺎر إلى المعلومات ﻹنجـﺎز اﻟﻌﻤـﻞ في الوقت المتاح للإنجاز،نتيجة محاولة حجب المعلومات عن الصحفي ولاسيما من قبل بعض الجهات المعنية بحدث ما لتقديم واجب تقديم المعلومة للجمهور والتي هي من أهم الواجبات التي يتسلح بها الصحفيون.
ورأى آخرون أن ما يساهم في زيادة الضغوط على الصحفيين ضغط الوقت بغرض النشر والفروق بين فريق العمل خاصة في ظل تباين المستوى المهني وتطفل العديد على مهنة الصحافة نتيجة محسوبيات واعتبارات كثيرة أخرى تتعلق غالباً بالعلاقات الشخصية، إضافة للافتقار لفرص الترقية في ظل وجود عوامل تتيح الترقية لأشخاص لايستحقونها بينما يبقى صاحب الكفاءة خارج دائرة أن يحظى بفرصة الوصول إلى الترقية التي يستحق،كما أن المسؤولية ﻋــﻦ أﻓــﺮاد آﺧــﺮﻳﻦ ﻳﺸــﻜﻞ ﺿــﻐﻄﺎً آﺧــﺮ ﻣــﻦ ﺿــﻐﻮط اﻟﻌﻤــﻞ يضاف إلى كل هذا اﻟﻈﺮوف المادية غير المريحة،ناهيك عن الضغوط الخارجية والاجتماعية.
وأشار بعض الزملاء إلى أن الصحفي يتعرض بشكل رئيسي لضغوط نفسية ومهنية بسبب العوائق التي يضعها أولئك القاصرون عن فهم الدور الذي يقوم به الصحفي نتيجة عدم وعيهم بدوره في نقل الحقيقة وضرورة إيصال الرسالة إلى المتلقي بكل دقة وموضوعية.
واعتبر زملاء المهنة أن بيئة الصحافة الإلكترونية التي باتت أبرز أنواع الإعلام في الوقت الحالي على حساب الوسائل التقليدية تحمل كماً كبيراً من الضغوط المهنية التي يعترض لها العاملون فيها تتمثل بعدم وضوح الهدف وعدم الشعور بالأمان وضغوط الوقت الشديدة وطول ساعات العمل، وهذه الضغوط من أبرز أسباب الإجهاد النفسي التي يعانيها العاملون فيها.
الاختلال بين المدخلات والمخرجات
الاختصاصية النفسية إيمان أبو محمد أكدت أن العاملين في مهنة الصحافة عمومًا يعانون جملة من الضغوط، من بينها المنافسة الحادة بين وسائل الإعلام، ومواعيد البث والنشر، وساعات العمل الطويلة، إضافة إلى تنامي المسؤوليات الملقاة على عاتق الصحفيين في مقابل تناقص الصلاحيات الممنوحة لهم، وجميعها أمور تنعكس سلبًا على الجوانب السيكولوجية للصحفيين ومستويات الرضا الوظيفي لديهم،مضيفة أن بيئات العمل تتسبب بحد ذاتها في خلق نوعيات معينة من الضغوط والإجهاد النفسي، وبالتالي إلى خفض أو رفع معدلات الرضا الوظيفي، وخاصة الضغوط المتعلقة بالبيئة التنظيمية، أوما يطلق عليه العوامل التنظيمية وتتلخص هذه الضغوط في عدم التوازن بين القدرة على اتخاذ القرارات حول كيفية القيام بالعمل على نحو فعال والمكافآت المتوقعة من العمل.
وشددت الاختصاصية النفسية على أن الأعباء النفسية التي يمكن أن تقع على عاتق الصحفي ليست مجرد ضجيج في الخلفية يمكن تجاهله إلى أن يزول من تلقاء نفسه وبناء وعي وثقافة داخلية مسألة جوهرية، وخاصة أن الدراسات أثبتت أن الصحفيين يملكون مواقف شخصية إيجابية تجاه الأمراض العقلية، لافتة إلى أن السبب الرئيسي وراء الوصول لمرحلة “الاحتراق الوظيفي”، هو الاختلال بين المدخلات والمخرجات، أي إن الصحفي يعطي لعمله أكثر مما يأخذ منه، ويُهمل حياته الشخصية.
أعراضه….
ايمان أشارت إلى أن أعراض الاحتراق الوظيفي تتبدى غالباً في عدة حالات تتصدرها المشاكل الصحية من مثل
آلام الظهر، أو من الاكتئاب، أو أمراض القلب، أو السمنة، او المرض كثيرًا بشكل عام إلى صعوبات في الإدراك من ارتكاب لأخطاء ساذجة، ونسيان الأشياء المهمة، وإبداء انفعالات متطرفة، أواتخاذ قرارات قد يندم عليها الشخص لاحقًا إلى صعوبات في العمل والعلاقات الشخصية،مضيفة إن الإجهاد والتوتر يتركان آثارهما ولا سيما كيفية التفاعل مع الناس. فحتى إن كان الشخص قادراً على ضبط انفعالاته أثناء ساعات العمل، فإنه قد يفرغ طاقته السلبية في المنزل، والتصرف بتهور، والتورط في مشكلات سخيفة أو قد يلجأ للانطواء والعزلة كما أن مواصلة العمل في المنزل يزيد من الإجهاد الأمر الذي يوقعه في دائرة”الاحتراق الوظيفي”.
وتضيف إيمان أبو محمد إن التعب هو الآخر من أعراضه حيث يظل الشعور بالارهاق مرافقاً رغم النوم الكافي لساعات كافية و”الاحتراق الوظيفي” يحول الفرد إلى شخص سلبي للغاية، حتى لو كنت ايجابياً عادة، إضافة للشعور بعدم الرضا عن أدائه وفقدان الدافع لمواصلة الإنتاج حتى وإن كان الفرد قادرًا على إنجاز المهام المطلوبة منه. وأحيانًا تتحول الدوافع إلى الجهة السلبية، مثل الخوف من الرؤساء أو التعرض للفصل أو الإخلال بالمواعيد المحددة.
وتنصح إيمان ابو محمد الصحفيين بتخصيص فترات نوم وراحة وترفيه بشكل منتظم وأخذ استراحة خلال الدوام، إضافة لمحاولة البحث عن قصص وزوايا إيجابية، والانتقال إلى صحافة الحلول، والامتناع عن مطالعة الأخبار المأساوية قبل النوم والبحث عن الدعم الاجتماعي واستشارة طبيب مختص عند الحاجة.
قلب الصحفي
ولاتتوقف الآثار السلبية لما يسمى الاحتراق الوظيفي عند الجانب النفسي بل يتعداه إلى الجانب الجسدي.
الدكتور علي حبوباتي اختصاصي أمراض القلب اعتبر أن مايعانيه الصحفي نتيجة هذه الحالات التي يمر بها ينجم عنه انهاك وتعب قد يؤدي بمرور الأيام بالدرجة الأولى إلى الإصابة بأمراض القلب، والتي تسبب للعديد منهم الموت المفاجىء في أغلب الأحيان نتيجة ارتفاع ضغط الدم المفاجىء والإصابة بالسكتات الدماغية والقلبية،مؤكداً أن هذا الضغط يختلف من شخص إلى آخر، وتكون حالات الضعف أكثر لدى أولئك الذين يواجهون مشكلات كبيرة، ويجدون أنفسهم عاجزين عن حلّها،يضاف إليها مشاكل بالجهاز الهضمي وضعف الجهاز المناعي والصداع المتكرر ومشاكل بالنوم والتركيز والاكتئاب، موضحاً أن العمل الصحفي يندرج تحت مسمى “الاحتراق الوظيفي” الذي تنجم عنه هذه الأمراض.

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة