الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
أظهرت مجموعة البريكس مؤخراً ميلها إلى توسيع عضويتها والنظر في المتقدمين الجدد، وهذا يثير التساؤل حول مدى استقرار هذا التحالف وتماسكه، وما هي رؤيته وأهدافه للمستقبل. ولماذا تريد البريكس ضم المزيد من الدول إلى منظمتها؟ وأي منطق وفهم للوضع الحالي أو لآفاق المستقبل يوجه قراراتها؟ فهل تتفق هذه القرارات مع الفلسفة الأصلية والغرض من تشكيل هذه المجموعة، أم أنها تعكس تحولاً في تصور مجموعة البريكس للنظام الدولي الجديد وأجندته؟ وهل تتبع مجموعة البريكس أجندة الصين في خلق نظام جديد لعالم أكثر سلماً وتعاوناً؟.. تشير هذه الأسئلة إلى أن البريكس ربما تمر بموجة ثالثة من التغيير النموذجي في تنظيمها.
تأسست البريكس في عام 2001 كمجموعة من الدول سريعة النمو في الاقتصاد العالمي، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.. وتغطي هذه الدول 27% من مساحة اليابسة في العالم، ويسكنها 42% من سكان العالم، وهم أيضاً جزء من مجموعة العشرين، وهي أكبر منتدى للاقتصادات الكبرى.
ومن بين السمات التي تميز مجموعة البريكس عن غيرها من المجموعات المماثلة، وخاصة مجلس الأمن الذي يهيمن على النظام العالمي، هي بنيتها الأفقية وغير الهرمية القائمة على المساواة والمنفعة المتبادلة. وقد أصبحت البريكس منظمة دولية في عام 2009، تعقد اجتماعات سنوية لمناقشة سياساتها المستقبلية. ومع ذلك، تواجه البريكس الآن مشكلة أكثر أهمية في تطورها، وهي التحول الثالث في نموذجها.
فقد شهدت مجموعة البريكس أول تحول نموذجي لها في عام 2009 عندما أصبحت منظمة حكومية دولية بعد الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، والتي نشأت من أزمة السوق المالية الأمريكية التي أثرت على بلدان أخرى.
والآن، في عام 2023، ربما تشهد مجموعة البريكس تحولاً نموذجياً ثالثاً منذ نشأتها، حيث تعمل على توسيع عضويتها وتسعى إلى إبعاد نفسها عن النظام الغربي. ويبدو أن مجموعة البريكس أدركت وجود أزمة جديدة في النظام الدولي، وتهدف إلى إنشاء نظام مواز في منطقة جنوب شرق البلاد، وقد تحاول مجموعة البريكس أيضاً تحويل النظام الصيني إلى نظام البريكس والصين، والذي سوف يقوم على تحالف بدلاً من قوة مهيمنة واحدة. ومع ذلك، فإن نظام التحالف هذا سيتطلب جيوسياسية جديدة تتحدى النظام الليبرالي الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وتهدف مجموعة البريكس إلى إنشاء محور جيوسياسي جديد يمتد من أمريكا اللاتينية إلى الشرق الأقصى، والذي يمكنه تحدي أو استكمال النظام العالمي الحالي من خلال تشكيل ممر حزام عبر القارات. وتعكس الدعوة التي وجهتها إيران ومصر وإثيوبيا والأرجنتين لحضور قمة مجموعة البريكس في جوهانسبرج هذا التحول النموذجي.
ويمر التوجه الأساسي لمجموعة البريكس بمرحلة انتقالية من التوجه الاقتصادي إلى التوجه الجيوسياسي الذي يولي أهمية أكبر للأبعاد الأمنية والسياسية. وهذا يعني ضمناً أن مجموعة البريكس قد تصبح منظمة سياسية أمنية وليست مجرد منظمة اقتصادية، إذا قبلت أعضاء جددا بحلول كانون الثاني 2024.
ويكمن التحدي هنا في أن مجموعة البريكس تحتاج إلى خارطة طريق استراتيجية والأدوات اللازمة لتنفيذها، من أجل إنشاء مجموعة جديدة من البلدان الأعضاء. ومن خلال إضافة أعضاء مؤثرين جدد، تستطيع مجموعة البريكس سد الفجوة التي كانت موجودة في الاتفاقيات الأمنية الإقليمية السابقة بين الولايات المتحدة، والتنافس مع التحالف بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
لقد عانت البلدان التي تنتمي إلى مجموعة البريكس أو التي قد تنضم إليها في المستقبل من التمييز العالمي وعدم المساواة، والاستعمار أو التدخل الأجنبي، وسيطرة القوى العظمى. إنهم يهدفون إلى إنشاء آلية تمنع إيذاء الدول المستقلة في النظام الدولي. وقد يكون هذا جانباً إيجابياً للآلية الجديدة التي تسعى إلى نظام عادل ومتساو وغير هرمي ومفيد لجميع الناس.
والسؤال هو ما إذا كانت مجموعة البريكس قادرة على التعامل مع الترتيبات الأمنية والاقتصادية الجديدة وكسر الاحتكار الأميركي الغربي للنظام العالمي في أوقات الأزمات.
المصدر- أوراسيا ريفيو