قد لا نقدم جديداً إذا ما قلنا إن العنوان العريض والأهم الذي تعمل وفقه الحكومة خلال هذه الفترة هو الإحاطة بكل القضايا والملفات الاقتصادية والخدمية والاجتماعية دراسة وتمحيصاً، وصولاً لوضع اليد على ما تواجهه من إشكالات ومعيقات كثيرة بقيت عصية عن الحل في العديد من جوانبها طوال الفترة الماضية لايصالها لمرحلة الحل المطلوب.
ولسنا هنا بصدد الدخول في تضارب الآراء بين من رأى حصاداً جيداً على أرض الواقع لكل حلقات النقاش والبحث الماراتونية تلك وبين من لايزال يعتبرها تدور في حلقة مفرغة لن تحقق أي جدوى طالما أن معاناة المواطن اليومية في تدبير شؤونه تسير نحو مزيد من التعقيد.
ولكننا سنركز على حقيقتين أساسيتين أفرزتهما حالة الحراك الحكومي والهمة والنفس الطويل الذي تتعامل بهما عند تناولها لمختلف القطاعات والملفات، أولها أن الهوة بدأت تتسع شيئاً فشيئاً بين الأفكار والمشاريع والطروحات العديدة التي تقدمها الحكومة والإجراءات التنفيذية المتخذة من الوزارات والإدارات العامة لترجمتها عملياً بما يوصل للهدف الأهم من كل ما يجري الحديث عنه وهو الارتقاء بالعمل الاقتصادي والإنتاجي والخدمي الذي سيضمن تحسن الواقع المعيشي للمواطن وعندها تحقق مقولة المواطن بوصلة الحكومة بأي خطوة تتخذها.
والحقيقة الثانية التي لا تقل أهمية هي أن حالة التفاؤل والايجابية التي تعامل بهما جل الشارع السوري مع الأداء الحكومي الجديد خاصة التواصل الميداني والمباشر الذي اعتمدته أحياناً في معالجة مشكلة هنا أو هناك يبدو أنها بدأت هي الأخرى تميل نحو دخول حالة التوجس وأحياناً الإحباط إذا لم يلمس سريعاً تغيرات نوعية بكل مستويات الحياة العامة للسوريين واقتصادهم.
والأمثلة العملية لما يمكن أن يتم العمل عليه تنفيذياً وليس فقط كلامياً فملف الفساد فاحت رائحته في مختلف القطاعات وأرهق المواطن واستنزف خيرات الوطن ومع ذلك فإن الخطوات المتخذة حتى اللحظة لمواجهته بطيئة جداً ومتواضعة، ولعل المؤشر البسيط الذي طرح منذ سنوات بأن الروتين والفساد يشكلان 30 % من تكاليف المنتج المحلي وارتفاع تكاليف التجارة الخارجية جراء الفساد وغيرها الكثير من المعطيات العلنية التي تستدعي من أصحاب القرار العمل على استئصاله من جذوره ليشكل نموذجاً يحتذى به عند التعامل مع أي قضية.
لاشك أن الطبخ على نار هادئة يعطي نتيجة جيدة ولكن بظل المرحلة الحالية وضغوطاتها الكثيرة على الناس لابد من تقليص مرحلة تحصيل النتائج لكل العمل والأداء الحكومي المهم الذي يجري حالياً.