الثورة :
رحبت الجمهورية العربية السورية بقرار المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية القاضي بـ التدمير الكامل لبقايا برنامج الأسلحة الكيميائية في سوريا، معتبرة أن هذا القرار يشكّل منعطفاً مهماً في مسار استعادة دورها الدولي وترسيخ التزامها بالشفافية والعدالة.
وجاء القرار خلال الدورة الـ110 للمجلس التنفيذي للمنظمة، بمبادرة سورية ورعاية مشتركة من 53 دولة من الدول الأطراف في اتفاقية الحظر، من بينها دولة قطر التي تمثّل المصالح السورية داخل المنظمة، وقد أُقرّ القرار بالتوافق بين الأعضاء، في سابقة تعكس تبدّل النظرة الدولية تجاه سوريا وانفتاح المجتمع الدولي على التعاون معها في مرحلة ما بعد الحرب.
ينص القرار على تعديل اسم “البرنامج الكيميائي السوري” ليصبح “إزالة بقايا الأسلحة الكيميائية لحقبة الأسد المخلوع “، بما يعكس رؤية جديدة تتجاوز الماضي وتؤكد طي صفحة النظام السابق بكلّ ما ارتبط به من انتهاكات.
كما يدعو القرار إلى استمرار فرق المنظمة في التحقيق وجمع الأدلة المتعلقة باستخدام الأسلحة المحرّمة دولياً، على أن تُبذل الجهود في إطار وطني شفاف وبالتعاون الكامل مع الحكومة السورية الحالية.
وأكدت المنظمة في بيانها أن سوريا باتت تمتلك القدرة التقنية والمؤسساتية اللازمة للتعامل مع أي بقايا محتملة للأسلحة الكيميائية، بما يتناسب مع الواقع والإمكانات المتاحة، مشيرة إلى أن الهدف النهائي هو تحرير الأراضي السورية من أي إرث كيميائي بشكل نهائي.
وأشاد المجلس التنفيذي بالخطوات الإيجابية التي قامت بها الحكومة السورية خلال الأشهر الأخيرة لتسهيل عمل البعثات الدولية، مشيراً إلى أن التعاون الوثيق بين دمشق والبعثة القطرية لعب دوراً محورياً في الوصول إلى التوافق الدولي حول نص القرار.
وفي كلمته أمام المجلس، أكد الدكتور محمد كروب، الممثل الدائم لسوريا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أن هذا القرار يمثل اعترافاً بجهود دمشق في تعزيز الثقة الدولية وإرساء مبادئ العدالة والمساءلة، موضحاً أن سوريا “تسعى لإغلاق هذا الملف بروح من الشفافية والالتزام الكامل بالقانون الدولي”.
كما دعا القرار إلى إعادة النظر في القرار الصادر عام 2021 الذي علّق بعض حقوق سوريا داخل المنظمة، وذلك خلال مؤتمر الدول الأطراف المقبل في نوفمبر القادم، تمهيداً لاستعادة عضويتها الكاملة وإنهاء جميع القيود المفروضة عليها منذ سنوات الحرب.
يمثل القرار تحولاً جذرياً في مقاربة المجتمع الدولي لسوريا، إذ يُعد أول قرار دولي تُقرّه منظمة أممية بناءً على مبادرة سورية خالصة منذ سقوط النظام البائد، ويعكس ثقة متزايدة في قدرة دمشق على الالتزام بالاتفاقيات الدولية ونزع فتيل الملفات الشائكة.
ويعتبر هذا القرار ـ وفق خبراء القانون الدولي ـ انتصاراً للدبلوماسية السورية الجديدة التي استطاعت أن تنتقل من موقع الاتهام والعزلة إلى موقع الشراكة والتأثير في صياغة القرارات الدولية، كما يُعد مؤشراً على مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي والدولي تهدف إلى بناء سوريا مستقرة، خالية من الأسلحة المحرّمة، منفتحة على الشراكة والعدالة، وملتزمة بمسار السلام والأمن الدوليين.