ورشة المرصد العمالي التفاعلية حول قضايا التنمية وتغيرات الواقع الراهن.. كيف نخرج الاقتصاد الوطني من عنق الزجاجة؟
الثورة – غصون سليمان ومريم إبراهيم:
تحديات إدارة عملية التنمية في سورية في ضوء الواقع الراهن وجملة المتغيرات الراهنة ،ومناقشة صيغ وأشكال التعاون الممكن في النشاط الاقتصادي بالقطاعين العام والخاص ومتطلبات المرحلة المقبلة الى جانب تقييم واستشراف دور وحجم الدولة في النشاط الاقتصادي في سورية مابعد الحرب، محاور ثلاثة ناقشتها الورشة التفاعيلية التي دعا إليها الاتحاد العام لنقابات العمال “المرصد العمالي للدراسات والبحوث” بالتعاون مع المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية وذلك انطلاقا من الدور الذي يؤثران به في مجال البحوث والدراسات التي تخص القوى العاملة للسكان.
الورشة التي حضرها نخبة من الخبراء والباحثين الأكاديميين على مستوى الجامعات والوزارات والمؤسسات والشركات العامة والخاصة كانت غنية بالطروحات عالية السقف في وضع الإصبع على الجرح الاقتصادي والاجتماعي والتشريعي والتنموي للنهوض، بإدارة عملية التنمية الاقتصادية في سورية في ضوء المتغيرات الداخلية والخارجية .
رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري بين في عرض موسع للمراحل التي مر فيها الاقتصاد السوري والذي لم يكن يوما بعيدا عن التحديات حيث واجهت عملية التنمية ظروفا قاسية على جميع المستويات وإن تباينت ايجابا أو سلبا بين مرحلة وأخرى بدءا من عام ١٩٦٣ ولغاية اليوم، فقيام ثورة الثامن من آذار عززت مفهوم الإصلاح الزراعي واستثمار الخطط الزراعية المناسبة بما يحق الحاجة الآنية والمستقبلية لسورية ، مرورا بالسبعينيات الذي لم يكن فيه توجهات الاقتصاد الوطني اشتراكيا خالصا وانما منوعا مابين عام وخاض ومشترك، وفي نهاية الثمانينات تم التركيز على موضوع الأمن الغذائي فبنيت عشرات السدود والسدات المائية وإصلاح آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية ،
وأوضح القادري جملة القوانين التي صدرت تباعا ومنها قانون الاستثمار بهدف توسيع مشاركة القطاع الخاص بعملية التنمية إلا أن الطموحات المرجوة لم تكن على المستوى المطلوب، مؤكدا أن الاتحاد العام بما يمثله من قوة عاملة وفاعلة دائما ماكان يدعو إلى التكامل، وبالتالي اقتصاد سورية لم يكن يوما بلون واحد، وإنما اقتصاد منوع .
واستعرض القادري سلسلة الأزمات المتلاحقة التي مرت على بلدنا من الحرب الإرهابية، وجائحة كورونا، وكارثة الزلزال،
والتداعيات السلبية الكثيرة التي تركت أثارا عميقة على بنية المجتمع ومقدراته .
مااستدعى اليوم استنهاض قدرات وخبرات الجميع باختصاصاتهم المتعددة للبحث ومناقشة متطلبات المرحلة الحالية ليبقى السؤال هل تعود سورية لما كانت عليه قبل الحرب ؟ ام نفكر بأساليب حديثة وآليات حديثة تلحظ جميع المتغيرات على مستوى العالم ،كيف نستثمر بالإنتاج ونساعد صاحب القرار على تخطي الصعوبات.
*فجوة الإنفاق والدخول
الدكتور جمعة حجازي عميد المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية والذي أدار الحوار أكد على أهمية الورشة ، ففي إطار التحديات التي فرضتها الأزمة على الاقتصاد والمجتمع السوري وأدت إلى تراجع النمو الاقتصادي والعملية الإنتاجية، وتراجع معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وتغير دور الدولة في العديد من السياسات والبرامج الاقتصادية والاجتماعية معا ، ما فرض تحديات على مستوى القوى العاملة والسكان عموما ، تمثل بتراجع المستوى العام للمعيشة وحدوث فجوة بين الإنفاق والدخول ، وتراجع مستوى الخدمات العامة والأساسية، وتراجع الإنفاق العام للدولة على الخدمات الاجتماعية المباشرة الممثلة بالدعم الاجتماعي المتعلقة بالتعليم والصحة بفعل تراجع الإيرادات العامة نتيجة الحرب والعقوبات وضعف عمليات الإنتاج والنمو والاستثمار .
واوضح الدكتور حجازي أن إدارة عملية التنمية تتطلب فهما وادراكا كبيرا للتوجهات العامة للدولة ، والأدوار التقليدية المتعارف عليها والتي استمرت الدولة بالقيام بها طيلة العقود والسنوات الماضية وتوجهاتها الجديدة بالنسبة لتلك الأدوار،
و بالتالي فإن فتح الحوار حول تلك السياسات والتوجهات غايته الوصول لبناء اجتماعي واقتصادي يحدد الأدوار الجديدة للدولة وايضا العلاقة بين القطاعات الاقتصادية بما فيها العام والخاص والمشترك والمسؤوليات لكل قطاع ، إضافة للبحث في إعادة بناء هيكل الحماية الاجتماعية في سورية بما يراعي تلك المتغيرات . لاتاحة النقاش وإبداء الآراء بصورة تفاعلية أكبر ، مع العمل لتمكين المشاركين من تدوين ملاحظاتهم ومقترحاتهم بالشكل الأمثل والخروج بفائدة أكبر واعم وأشمل .
*مداخلات الحضور
المشاركون في الورشة الحوارية التفاعلية قدموا أكثر من ثماني عشرة مداخلة صوبوا فيها حالات الخلل مع إمكانية تقديم المقترحات التي اغنت حالة النقاش للمحاور الثلاثة التي ركزت عليها الورشة في إدارة عملية التنمية في سورية والتعاون الممكن في النشاط الاقتصادي بين القطاعين العام والخاص واستشراف دور الدولة لأولويات أنشطة مابعد الحرب . بمعنى هندسة دور الدولة مع ملاحظة أن المشكلة هي بإدارة الموارد .
وما هو النموذج الاقتصادي المفترض والنابع من المصلحة الوطنية العليا بمعنى كيف نفكر أن نخرج من عنق الزجاجة .
*تحديد النموذج التنموي
الدكتور أيهم أسد أشار في مداخلته إلى عدة نقاط مهمة يمكن العمل عليها وابرزها تحديد النموذج التنموي الوطني المرغوب بشكل تشاركي ووضع استراتيجية واضحة للإصلاح الاقتصادي تكون رديفة وموازية لاستراتيجية الإصلاح الإداري ، إضافة إلى إعادة النظر في منظومة الدعم وتوجيهه لدعم الأشخاص والأسر إلى السلع بناء على معيار وطني مرجعي متفق عليه بمعنى إعادة هيكلة الدعم ، واتباع سياسة الشفافية المالية والاقتصادية أمام الرأي العام من قبل المؤسسات الحكومية وإلغاء سياسة التغييب ، وضبط الفساد المالي والإداري على المستويات كافة، والتركيز على استثمار الموارد الطبيعية والمالية المتاحة في الاقتصاد والتي يمكن التحكم بها ، والإسراع في عملية الانتقال إلى اللامركزية الإدارية بموجب ماينص عليه قانون الإدارة المحلية لتفعيل إمكانيات المجتمع المحلي بشكل عام.
ماتقدم هو غيض من فيض لما تم طرحه
ولا تكفي في هذا السياق مادة واحدة للإحاطة بما يجب أن يقدم للقارئ والجهات المعنية وهذا مانعمل عليه لاحقا لعرض جميع وجهات النظر كل من موقعه الوظيفي والعملي .