الثورة – القنيطرة – عبد الحميد غانم:
بمناسبة أعياد تشرين وتأكيداً على أهميّة العمل المشترك في تعزيز الهوية الوطنيّة الجامعة وبيان علاقة اللغة فيها، وبرعاية رئيس جامعة دمشق، شارك فرع القنيطرة لاتحاد الكتاب العرب بالمؤتمر العلمي الذي شهدته كلية التربية الرابعة في القنيطرة اليوم تحت عنوان: “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهُويّة الوطنيّة الجامعة”، وذلك بالتعاون مع الاتحاد الوطني لطلبة سورية ومؤسّسة أرض الشام، وبحضور محافظ القنيطرة طوني حنّا، وأمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في القنيطرة جاسم الصالح، وجمهور من أساتذة الكليات والطلبة وفعاليات ثقافية وسياسية واجتماعية.
شارك في فعاليات المؤتمر وجلساته أساتذة جامعيون وكتاب وباحثون وطلاب كليات الجامعة.
استراتيجية ثقافية ومعرفية
في الجلسة الافتتاحية، ألقى رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني كلمة أكد خلالها أهمية عقد المؤتمرات والندوات وورشات العمل الخاصة بلغتنا العربية بالتعاون مع المعنيين بالتعليم والثقافة من جامعات واتحادات ومؤسسات عامة وخاصة، لتزيد التمسك بها وتعزز الحفاظ عليها بخطط تقوم عليها المؤسسات التربوية والثقافية والتعليمية، مشيراً إلى أن الخطط تهدف إلى تنقية اللغة من كل ما علق بها من سلبيات نتيجة إهمال أبنائها لها، وحرب الأعداء عليها.
وشدد الدكتور الحوراني على أنَه آنَ الأوانَ لنَقِف صفاً واحداً في وجهِ المُخَطَّطات التي تَستَهدفُ لُغتَنا وثقافتَنا وتاريخنا، كما آنَ الأوان للعمل على إستراتيجِيَة ثقافيّة ومعرفيّة من شأنِها أن تُحافظ على لغتنا العربية، وتعزز حضورها في التربية والتَّعليمِ والإعلامِ، وهو الكفيل بالحفاظ على قوة المجتمع، وتحصينه من محاولات الاختراق الثقافيّة التي تهدد هويتنا وأمتنا، كما آنَ الأوان للعِناية والاهْتمام بلغتنا العربية، ووَضعِ حَد لحالةِ الردَةِ اللغوية التي نواجهها في كثيرٍ مِنْ مفاصل حياتِنا، ثقافيا وإعلاميّاً وتربويا وتعليميا، وفي الأوساطِ المجتمعية كافة، وتكثيفِ الجهود لوضع استراتيجية حقيقية قادرة على استعادة ثقة أجيالِنا بمكونات هويتهم، وفي مقدمتها اللغة العربية لأنها أساسُ الهوية والضامن لها.
– محاور حداثيّة..
وفي كلمة له، أشار الدكتور رئيس جامعة دمشق محمّد أسامة الجبان التي قدّمها نيابة عنه مدير فرع كليّات القنيطرة في جامعة دمشق الدكتور خليل يحيى، إلى أهمّيّة وضرورة استقطاب الباحثين في اللغة والأدب وعلم الاجتماع والفكر في هذا المؤتمر لأنّ أهداف المؤتمر كبيرة، ومحاوره غنيّة، وعنوانه الأساس هو اللغة العربيّة، وهذا يستحقّ الكثير من الاهتمام والدقّة، لافتاً أن اللجان التحضيريّة التي أعدّت لهذا المؤتمر سعت إلى طرح محاور حداثيّة تلامس كلّ ما هو جديد في دراسات لغويّة واجتماعيّة، لن تغفل عن العالم الافتراضيّ والرقميّ وثورة المعلوماتيّة، ولم تتجاهل تأثيرات العولمة، وما يمكن أن تنقله من سموم هدم الهُويّات الثقافيّة في المجتمعات.
أمّا عميد كلية الآداب الرابعة بالقنيطرة الدكتور محمّد العبد الله فتحدّث عن أهمّ قضيّة تواجه العربيّة، وهي حسب رأيه تطويرها لتصبح معاصرة، كما هي لغة أصالة وإنسانيّات، وهذا يعني استعادة دورها الحضاريّ لتكون وعاء للمعرفة العلميّة والثقافيّة والتقانيّة والمعلوماتيّة من خلال وسائل التعريب والترجمة وآليات النحت والمجاز لما لها من أبعاد لغويّة اجتماعيّة وفلسفيّة ومنطقيّة، ولما لها من دور فاعل في تاريخ العلوم والمعارف، مشيراً إلى أن احتفالنا بالعربيّة لغةً وهُويّةً وانتماءً ليس تقليديّاً ولا عابراً، إنّما هو التزام وميثاق ودليل وعي لغويّ وثقافيّ وحضاريّ من منطلق الضرورة والحتميّة التي تملي علينا التمسّك بثوابت الأمّة وأبعادها التاريخيّة، وشاهد أيضاً على الارتباط بالأصالة والتأصيل تأكيداً لوجودنا الثقافيّ والحضاريّ.
– لغة الأمل..
بينما استذكرت رئيس فرع الاتّحاد الوطنيّ لطلبة سورية في القنيطرة إسراء العبد الله خلال افتتاح المؤتمر، أهلنا الصامدين في الجولان المحتلّ، فهم عنوان الصمود والمقاومة والعزّة والكرامة، ومازالوا متمسّكين بالأرض والهُويّة واللغة والعادات والتقاليد، مؤكدة أهمية اللغة العربيّة التي هي لغة التبشير ولغة الأمل، ولطالما كانت عنوان الوجود والهويّة، ومتجذّرة في قاع الأرض، ولا تزول إلا بزوال الأمّة.
– التحديث والتطوير..
بدوره، دعا مدير مجلس الأمناء في مؤسّسة أرض الشام باسل الدنيا إلى جعل هذا المؤتمر منصّة لتجديد العهد وتوحيد الجهود لإعلاء صوت الحقّ، مشيراً إلى مكانة اللغة العربية كإرث عظيم وبوصلة تقودنا لحماية هويتنا الوطنيّة وتعزيز ثقافتنا الأصيلة، مؤكّداً أنّ الهويّة الوطنيّة السوريّة كانت وستبقى عصية على الانكسار، وأنّ تحرير الجولان هو جزء لايتجزّأ من نضالنا الوطنيّ والقوميّ المقاوم. وأكد أن أهمّ ما يهدف إليه المؤتمر هو إلقاء الضوء على التطوّرات التقنيّة والتغييرات المجتمعيّة ومدى تأثيرها في اللغة العربيّة، والعمل على دعم استعمال العربيّة الفصحى في النواحي جميعها؛ تعزيزاً للارتباط بالتراث، والانطلاق نحو أفق التحديث والتطوير في مواجهة العولمة، ودعم استعمالها في المراسلات والكتب الرسميّة والوثائق وشبكات التواصل الاجتماعيّ.
ثم تابع المؤتمر جلساته، وعقدت الجلسة الأولى التي كانت بعنوان: (أثر المؤسّسات الثقافيّة والتعليميّة في تعزيز اللغة العربيّة)، والتي ترأسها الدكتور محمّد الحوراني، وشارك فيها أساتذة جامعيون وهم الدكتور نبيل أبو عمشة، وقدم بحثاً حول أهمية النحو العربي في تحديد هوية العربية، والدكتورة سناء الريس، وقدمت بحثاً حول نظرات في تجديد النحو العربي. أما الدكتورة منى داغستاني، فقدمت بحثاً حول اللغة العربية والبحث العلمي.
تلاها جلسة ثانية بعنوان (اللغة العربيّة والفكر) بإدارة الدكتور أحمد علي محمّد، ومشاركة أ.د. محمّد العبد الله، حيث قدم بحثاً عن الهوية الوطنية والقومية المقاومة، والدكتورة ريما الدياب، تحدثت في بحثها عن الازدواجية اللغوية.
أما الدكتورة رهام الشريف، فتناولت في بحثها اللغة العربية والعولمة.
بينما الدكتور حوران محمّد سليمان، فتحدث في بحثه حول اللغة العربية لغة الوحي.
كما شارك فيها الأستاذ الدكتور عصام الكوسا في بحث عن اللسانيات بعنوان جماليات النبر والتنغيم في اللغة العربية.
ويتابع المؤتمر جلساته غداً، على مدى جلستين أيضاً الأولى يترأّسها الدكتور محمّد العبد الله، وتشارك فيها الدكتورة سناء شهاب الدين، والجلسة الثانية يترأّسها الدكتور محمّد العنيزان، ويشارك فيها الدكتور أحمد علي محمّد، والدكتور عيسى الشمّاس، والدكتور جمال أبو سمرة.