الثورة – منهل إبراهيم:
يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتصعيد المواجهة مع خصومه التقليديين الصين، وروسيا، في معارك أشبه ما تكون بكسر العظم للسيطرة الاقتصادية والعسكرية والهيمنة عالمياً، ويبدو أن قوة الارتباط الروسي – الصيني مرهونة بالقوة الاقتصادية التي تحاول واشنطن فصم عراها بتشديد العقوبات الاقتصادية، ولي ذراع الصين التي تتقدم عسكرياً واقتصادياً على حساب الولايات المتحدة.
وفي هذا الإطار كتبت صحيفة الغارديان البريطانية مقالاً بعنوان “شي جين بينغ يستعدّ للمواجهة مع دونالد ترامب، في نزال لن يخرج منه إلا منتصر واحد فقط”، لافتة إلى لقاء مرتقَب في وقت لاحق من الشهر الجاري بين الرئيس الأميركي ترامب، ونظيره الصيني شي جين بينغ، وقالت إن السباق بين الولايات المتحدة والصين على الهيمنة في القرن الحادي والعشرين يشهد تقدماً سريعاً من جانب الرئيس الصيني “مدعوماً بأخطاء ترامب الاستراتيجية”.
ورصدت الغارديان جدلاً محتدماً في الولايات المتحدة وبريطانيا حول أهداف النظام الصيني، وعما إذا كانت بكين عدوة أم إنها فرصة استثمارية؟ ورأت أن الرئيس الصيني يقدم جواباً صريحاً مفاده أن تعزيز السيطرة الصينية على الصادرات العالمية من المعادن النادرة والمغانط على نحو يشبه الاحتكار، هو عمل مضر بشكل متعمد تأتيه قوة معادية.
ونبهت الصحيفة البريطانية إلى أن هذه المواد، التي تحتكر الصين صادراتها عالمياً، هي ضرورية لتصنيع معظم الأجهزة الإلكترونية بما في ذلك الهواتف والسيارات، لكن الأخطر من ذلك أن منتجات المعادن النادرة تدخل في تصنيع صواريخ كروز والطائرات المقاتلة والغواصات النووية والمسيرات وغيرها من أنظمة التسلّح الحديثة.
وتحظر القوانين الصينية الجديدة استخدام تلك المواد لأي غرض عسكري، ما دفع حكومات غربية إلى البحث عن بدائل، وترى الغارديان أنه في حال بدأ سريان هذا الحظر الصيني بداية من الشهر المقبل، فسوف يؤثر على تزويد الغرب لأوكرانيا بالسلاح ضد روسيا، حليفة الصين.
كما تسعى الصين، وفقاً للغارديان، إلى السيطرة على استخدام هذه المواد عبر تدشين مؤسسات خارج الصين وعبر البحار تقوم بتصنيعها، على خطى الولايات المتحدة التي تفعل ما يشبه ذلك منذ عام 1959، “لكي تدخل بكين بذلك في مواجهة مع واشنطن في مضمار بدأته الأخيرة قبل عقود– هو استخدام التجارة كسلاح لأغراض سياسية”.
ولفتت الغارديان إلى أن ترامب غضب بشدة لدى إعلان الصين عن هذه التدابير الجديدة، مهدداً بفرض رسوم جمركية بنسبة 100 في المئة، وبإلغاء لقائه المرتقب مع نظيره الصيني، لكن وسط ما أحدثه ذلك من ذعر في الأسواق، اضطر ترامب إلى التراجع.
وأضافت الغارديان أن “ترامب كعادته يمضي بلا خطة، بخلاف شي جين بينغ الذي يبدو عازماً على مواجهة نظيره الأميركي إذا ما أصر الأخير على حرب تجارية شاملة، ورأت أن بكين تقف على ما أدت إليه سياسات ترامب الخاصة بـ “أمريكا أولاً” من تهميش للحلفاء القدامى والجدد على حد سواء، موجدة بذلك فراغاً يمكن أن تملأه الصين.
و”بينما تتقهقر الولايات المتحدة، تتقدم الصين بقيادة شي جين بينغ، الذي يبدو عازماً على وضْع بلاده في موضع الصدارة عالمياً”، وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية.
وفي سياق متصل لفتت صحيفة نيويورك بوست الأميركية إلى خطوة ستجعل الصين تتكبد ثمناً فادحاً على دعمها لروسيا، وقالت: “ينبغي على ترامب أن يحاصر بوتين قبل أي مواجهة في بودابست”.
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى لقاء مرتقب بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في غضون أسابيع، وسط آمال بإنهاء الحرب في أوكرانيا، وأعربت عن أملها في أن “يستفيد ترامب من درس دبلوماسيّته في الشرق الأوسط- وأن يستبِق اللقاء ويقوم بتثبيت الرئيس الروسي مقدماً”.
ونصحت “نيويورك بوست” بأن يزود ترامب أوكرانيا بعدد من صواريخ توماهوك الأميركية بعيدة المدى، مع وعد بزيادة هذا العدد عند اللزوم، وليدع موسكو والعالم كله يعرف أن العقوبات الثانوية على روسيا ستفرض إذا لم يسفر لقاء بودابست عن وقف فوري لإطلاق النار، محذرة من تكرار سيناريو لقاء ألاسكا في آب الماضي، حين لم يلتزم بوتين بما ألمح دبلوماسيوه إلى أنه سيوافق عليه.
ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أن صواريخ توماهوك كفيلة بتمكين الأوكرانيين من تدمير منشآت النفط والغاز الروسية التي تمثل الممول الرئيسي لتلك الحرب، ورأت أن الخطوة التالية ينبغي أن تتمثل في إخطار رسمي بأن العقوبات الثانوية- التي ستجعل الصين تتكبد ثمناً فادحاً على دعمها لروسيا- ستطبق إذا لم يوافق بوتين في بودابست على وقف إطلاق النار.
واعتبرت “نيويورك بوست” أن ترامب “يمسك بكل أوراق اللعبة، وأن نظيره الروسي يرتكب حماقة إذا تسبب بأن يضطر ترامب إلى استخدام كل هذه الأوراق”.