التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة

الثورة – دمشق – محمود ديبو:

بالنظر إلى خصوصية المنازعات الجمركية وطبيعة العلاقة التي تربط بين طرفي النزاع، ولأن التحكيم جاء ليكون الأسلوب القانوني لحل النزاعات بدلاً من القضاء في كثير من المجالات، إلا أنه في مجال النزاعات الجمركية فإن التحكيم يكون له طبيعة قانونية خاصة تختلف عن التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية.
وهنا تميز القاضي الأول لمحاكم بدايات الجمارك بدمشق المستشارة الدكتورة سحاب النعني بين نوعين من التحكيم الجمركي، الأول يكون قبل وصول الدعوى للمحكمة الجمركية والثاني هو التحكيم في الدعاوى أمام المحكمة الجمركية.
وفي النوع الأول (قبل وصول الدعوى للمحكمة الجمركية)، وهو تحكيم إلزامي قانوني بنص القانون ويتم اللجوء إليه عندما يحصل خلاف بين صاحب البضاعة وبين الدائرة الجمركية حول مواصفات أو منشأ أو قيمة البضاعة، عندئذ يحال الأمر للتحكيم الجمركي حسب نص المادة 89 من قانون الجمارك رقم 38 لعام 2006 والذي يحيل الأمر هنا هو مدير الدائرة الجمركية الإقليمية المختصة بشروط.
وتوضح القاضي النعني خلال محاضرتها في ورشة عمل التحكيم المعلن عنها من قبل مركز العدل والإحسان للتحكيم التجاري والاقتصادي أواخر شهر أيلول الماضي، أن هذه الشروط التي يجب توافرها لإحالة القضية الجمركية إلى التحكيم كثيرة وهي أولاً وقبل كل شيء أن تكون البضاعة نظامية وليست مهربة، ومستوردة بموجب إجازة استيراد أو بيان جمركي أصولاً، وأن يكون الخلاف حصراً حول قيمة أو منشأ أو مواصفات البضاعة، وأن تكون البضاعة تحت رقابة الجمارك حسب نص المادة رقم 92 من قانون الجمارك رقم 38 لعام 2006، وأن يكون قرار الإحالة الذي يتخذ من قبل مدير الدائرة الجمركية معللاً قطعياً إلا في حالتين: إذا كان من شأن هذا القرار أن يترتب على عاتق صاحب العلاقة فرقاً في الرسوم والضرائب لأكثر من خمسة آلاف ليرة سورية، وإذا كان هذا القرار يسبب ويؤدي إلى منع البضاعة وكانت قيمتها تزيد على خمسة وعشرون ألف ليرة سورية.
أهل الخبرة
وتضيف أنه من الشروط أيضاً أن يثبت الخلاف بين الطرفين في محضر ثم يحال للجنة التحكيمية حسب المادة 89 / ب من قانون الجمارك رقم 38 لعام 2006.
والشرط السادس أن تتألف اللجنة التحكيمية من محكمين اثنين فقط من أهل الخبرة ويعين كل طرف محكمه ويحلفان اليمين أمام القاضي الأول لمحاكم بدايات جمارك دمشق، وفي شرط آخر إذا لم يسم صاحب البضاعة محكمه خلال ثمانية أيام من تنظيم محضر الخلاف كان قرار مدير الدائرة الجمركية قطعياً وملزماً له.
وبحسب القاضي النعني- يتوجب على المحكمين إصدار قرارهما في الخلاف المطروح خلال عشرة أيام من تاريخ إحالة الملف إليهما وقرارهما ليس قطعياً وإنما قابل للاستئناف خلال مهلة خمسة أيام من تاريخ تبليغه للأطراف، وإذا تم الاستئناف خلال مهلة خمسة أيام يحال الأمر للجنة الاستئنافية التحكيمية بحسب المادة 89 / ج.
وتوضح في محاضرتها أن اللجنة التحكيمية الاستئنافية هي لجنة مؤلفة من ثلاثة محكمين (رئيس يعينه وزير المالية، وعضو يمثل جهة الجمارك ويختاره المدير العام أو من يفوضه ويعين الخبير كل حالة مستقلة وعضو يعينه صاحب البضاعة أو وكيله القانوني، ويصدر قرار اللجنة الاستئنافية بالإجماع أو بالأكثرية وهو قرار مبرم.
كفالة نقدية
وإذا وجد نص قانوني خاص أو نظام خاص أو قواعد خاصة لتحديد مواصفات أو منشأ أو قيمة البضاعة عندها لا يجوز اللجوء للجنة الاستئنافية، وهنا للجنة هذه الحق في الاستعانة بالفنيين وإجراء فحوصات للبضاعة وتنظيم المستندات، وبحسب قانون الجمارك رقم 38 لعام 2006 المادة التاسعة منه فإن وزير المالية هو من يحدد عدد اللجان ودوائرها ونفقات التحكيم، وإدارة الجمارك هي التي تحدد إجراءات التحكيم حسب قانون أصول المحاكمات المدنية وهي التي تحدد أصول أخذ العينات وفحص البضاعة، وهي التي تنظم تنظيم المستندات اللاحقة لرأي الخبراء، ويجب أن تكون البضاعة تحت رقابة الجمارك حتى يتم التحكيم وحتى انتهاء إجراءات التحكيم، بشرط أن يكون وجود البضاعة ضرورياً لإتمام التحكيم.
وإذا كان وجود البضاعة غير ضروري ولازم لحل النزاع، وبشرط عدم تعريض البضاعة للمنع مع هاتين الحالتين يمكن لدائرة الجمارك تسليم البضاعة قبل انتهاء إجراءات التحكيم لقاء كفالة نقدية تغطي الرسوم والغرامات المحتملة.
قانون الجمارك
وهنا على عضوي اللجنة الاستئنافية أن يحلفا اليمين أمام رئيس محكمة البداية الجمركية الأولى المختصة، أما رئيس اللجنة فيحلف اليمين أمام محكمة الاستئناف المدنية في المحافظة، والقانون الواجب تطبيقه أمام اللجان التحكيمية هو قانون الجمارك رقم 38 لعام 2006.

وهنا في التحكيم الجمركي لا يوجد مدة تحديد لإصدار القرار التحكيمي من قبل اللجنة التحكيمية الاستئنافية.
هذا فيما يخص النوع الأول من التحكيم الجمركي وهو (قبل وصول الدعوى للمحكمة الجمركية).
أما النوع الثاني من التحكيم الجمركي (التحكيم في الدعاوى أمام المحكمة الجمركية) فحسب القاضي النعني فإنه كان يتم سابقاً في ظل قانون الجمارك رقم 9 لعام 1975 وفي المادة 219 منه فقد حدد اختصاصات المحكمة الجمركية ولم تأتِ هذه المادة على ذكر الحالات الواجب إحالتها للتحكيم الجمركي، وبسبب هذا النقص تصدرت محكمة النقض لهذا النقص فاستقر الاجتهاد السوري على أن الخلاف في البضائع النظامية يتم حله بالتحكيم أما الخلاف في البضائع المهربة فيتم حله بالخبرة حول مواصفات ومنشأ وقيمة البضاعة.
القانون الجديد
ومن بعد ذلك جاء القانون الجديد للجمارك رقم 38 لعام 2006 وفي المادة 234 منه وجاء بنص جديد في الفقرة /د/ في المادة 134، وأوجب على المحكمة الجمركية إحالة الأمر للتحكيم بخصوص الخلاف حول مواصفات أو منشأ أو قيمة البضاعة وعلى التفصيل الوارد في المادة 89 وما بعدها منه.
وتقول: نجد هنا أن المادة رقم 234 / د من قانون الجمارك الجديد أنهت ذاك الخلاف، وأكدت على إحالة النزاع بين جهة الجمارك وبين صاحب البضاعة المهربة بخصوص المواصفات أو القيمة أو المنشأ للتحكيم الجمركي مع الشرح الوارد في الفقرة 89 منه، وبذلك نجد أن أي خلاف حول منشأ أو مواصفات أو قيمة البضاعة يحال للتحكيم الجمركي ففي حال كانت البضاعة نظامية يخضع للمادة 89 من قانون الجمارك الجديد رقم 38، أما إذا كانت البضاعة مهربة فيتم اعتماد المادة 234 / د من القانون وهنا في كلتا الحالتين فإن التحكيم أمر إلزامي وجوبي قانوني.
وتشير إلى أن القانون الواجب التطبيق في كلا حالتي التحكيم هو قانون الجمارك رقم 38 لعام 2006، وقد نصت المادة 233 منه على أن المحكمة الجمركية تطبق قانون أصول المحاكمات المدنية في كل ما لم يرد عليه نص في هذا القانون.
وجاء قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد رقم 1 لعام 2016 لينص في مادته رقم 503 على أنه (تلغى أحكام المرسوم التشريعي رقم 84 لعام 1953 (قانون أصول المحاكمات القديم) ويستثنى من ذلك أحكام المواد من 506 – 534 الإجرائية الموضوعية المتعلقة بالتحكيم والتي تبقى نافذة وسارية فقط بالنسبة لاتفاقيات التحكيم المبرمة قبل نفاذ قانون التحكيم الجديد رقم 4 لعام 2008 سواء أكانت إجراءات التحكيم بوشرت أم لا.
أصول التحكيم
وعليه تقول القاضي الدكتورة النعني إن قانون أصول المحاكمات القديم رقم 84 لعام 1953 تكلم عن أصول التحكيم، ثم جاء قانون الجمارك الجديد رقم 38 لعام 2006 وحدد إجراءات التحكيم وأوجب تطبيقه في كل أموره وكل ما سكت عنه فلجأ عندئذ إلى قانون أصول المحاكمات النافذ، ثم صدر قانون التحكيم رقم 4 لعام 2008 وألغى أصول التحكيم بحسب قانون أصول المحاكمات المدنية القديم رقم 84 لعام 1953.
وتتابع: صدر قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد رقم 1 لعام 2016 وأكد على سريان قانون التحكيم الجديد رقم 4 بخصوص التحكيمات الجديدة، وسريان قانون أصول المحاكمات المدنية القديم رقم 84 بخصوص اتفاقيات التحكيم المبرمة قبل نفاذ القانون رقم 4 لعام 2008 (قانون التحكيم) سواء إجراءات التحكيم بوشرت أم لا، وحالياً إجراءات التحكيم الجمركي تحددها إدارة الجمارك حسب ما نص عليه قانون الجمارك الجديد رقم 38 لعام 2006.

آخر الأخبار
مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة في اليوم العالمي للطفل.. جامعة دمشق داعمة لقضايا الطفولة بمناهجها وبرامجها التعليمية استشهاد 36 وإصابة أكثر من 50 جراء عدوان إسرائيلي على مدينة تدمر بالتزامن مع يوم الطفل العالمي.. جهود لإنجاز الاستراتيجية الوطنية لحقوق الطفل "التجارة الداخلية" بريف دمشق تبدأ أولى اجتماعاتها التشاورية أسطورة القانون رقم 8 لحماية الناس..!! حمى عناصر الرقابة التموينية والتضخم والغلاء.. مرسومان بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعدين شاغرين في دائرة د...