التميز المؤسسي لا ينجح إلا بالتخطيط التربوي الدكتورة موشلي لـ”الثورة”: لا يتحقق من فراغ بل بمنظومة متكاملة

الثورة – فردوس دياب:

يُعد التخطيط التربوي من أبرز الأدوات الاستراتيجية التي تعتمد عليها المؤسسات الجامعية في سعيها نحو تحقيق التميز المؤسسي، ولاسيما في ظلّ التحولات العميقة التي يشهدها قطاع التعليم العالي على مستوى العالم، فالتخطيط التربوي لا يقتصر على كونه عملية تنظيمية، بل يتجاوز ذلك ليكون ركيزة أساسية في تحديد الاتجاهات وصياغة الأهداف وتخصيص الموارد ومتابعة الأداء لضمان تحقيق النتائج المرجوة، وقد أدركت الجامعات الرائدة عالمياً أهمية هذا النوع من التخطيط في تحقيق رؤاها المستقبلية، ما انعكس إيجاباً على مخرجاتها الأكاديمية والبحثية.

تعزيز البحث العلمي

حول هذا الموضوع التقت صحيفة الثورة الباحثة في التخطيط التربوي- الأستاذة في قسم أصول التربية في كلية التربية بجامعة دمشق، الدكتورة نسرين موشلي، التي بدأت حديثها عن “التميز المؤسسي” من باب جامعة دمشق التي اعتبرتها أنموذجاً جديراً بالدراسة في هذا الإطار، نتيجة الجهود الكبيرة التي تبذل نحو تحقيق التميز رغم التحديات التي تمرّ بها البلاد.

مضيفة: إن هناك عدداً من الخطوات الجادة والمدروسة التي تهدف إلى تحديث البرامج الأكاديمية، وتعزيز البحث العلمي، وتوسيع التعاون مع المؤسسات التعليمية الدولية، ولاسيما في ظلّ ارتفاع نسبة الرضا عند طلاب الجامعة، وهو ما يعد مؤشراً مهماً على فاعلية الإجراءات والخطوات المتبعة.

وأوضحت موشلي أن التميز المؤسسي في الجامعات لا يتحقق من فراغ، بل يتطلب تضافر عناصر متعددة يأتي على رأسها وضوح الرؤية الاستراتيجية، وجودة القيادة، والالتزام بمعايير الجودة الأكاديمية والإدارية، إضافة إلى تعزيز ثقافة التحسين المستمر، وقد أظهرت الدراسات أن الجامعات التي تعتمد بشكل صريح على خطط تربوية استراتيجية تحقق أداءً أعلى بنسبة 28 بالمئة في التصنيفات الإقليمية مقارنة بغيرها، كما أن وضوح الأهداف وتناسقها مع حاجات المجتمع وسوق العمل يعد أحد المحددات الأساسية للنجاح المؤسسي.

خريطة طريق

وعن أبرز أدوار التخطيط التربوي في هذا الإطار، بينت الأستاذة في كلية التربية، أن الأهم في ذلك هو توفير خريطة طريق واضحة تُسهم في اتخاذ قرارات مبنية على بيانات ومعطيات دقيقة، فمثلاً: عندما تُخطط الجامعة لتحديث أحد برامجها الأكاديمية، فإنها تبدأ بتحليل احتياجات السوق، وتقييم مدى ملاءمة المقررات الحالية، ومقارنة مناهجها مع مثيلاتها في جامعات عالمية، ثم تُجري تعديلات تتناسب مع متطلبات العصر.

وفي هذا السياق، أطلقت جامعة دمشق في وقت سابق مشروعاً لتطوير مناهج كليات الهندسة، حيث تم إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في بعض المقررات، ما منح الطلاب فرصة لمواكبة تطورات سوق العمل الدولي.

وفيما يتعلق بالتحديات والمعوقات التي تواجه تحقيق التميز المؤسسي، أشارت الدكتورة موشلي، إلى بعضها، أبرزها: العقبات التي تتعلق بالموارد المحدودة، ولاسيما في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الحالية، فضلاً عن صعوبة إدخال تغييرات جذرية في بيئات تعاني من مقاومة للتغيير، كما أن ضعف البنية التحتية والتقنية يشكل عائقاً أمام تنفيذ بعض المبادرات التطويرية، ومع ذلك.

تضيف: إن الفرص متاحة وبقوة، فتوفر كوادر أكاديمية مؤهلة، ورغبة حقيقية في التطوير لدى فئات متعددة داخل الجامعة، والتوسع في استخدام التكنولوجيا، كلها تمثل عوامل يمكن استثمارها ضمن خطط تربوية فعّالة وموجهة نحو تحقيق نتائج ملموسة.

التقييم بشكل دوري

وقالت الباحثة في التخطيط التربوي: إن ربط الخطط التربوية برؤية الجامعة ورسالتها يلعب دوراً حاسماً في توجيه الأنشطة الأكاديمية والبحثية، وذلك من خلال اعتماد مؤشرات أداء واضحة، تقوم بتقييم التقدم بشكل دوري وتؤدي دوراً بتصحيح المسار عند الحاجة، موضحة أن جامعة دمشق أنشأت وحدة مختصة بتقييم الأداء الأكاديمي، تعمل على تحليل نتائج الامتحانات، ونسبة التخرج، ونشاطات أعضاء الهيئة التدريسية البحثية، وترفع تقارير دورية للإدارة العليا، وهذا النوع من المتابعة يعكس مدى ترسيخ مفاهيم الجودة في التخطيط والإدارة.

وختمت الدكتورة موشلي حديثها بالقول: إن التخطيط التربوي هو العمود الفقري لتحقيق التميز المؤسسي في الجامعات، وهو ليس مجرد أداة إدارية، بل هو فلسفة عمل متكاملة تتطلب إشراك جميع الأطراف المعنية في الجامعة، من قيادة وإدارات وأساتذة وطلاب، وفي حالة جامعة دمشق، فإن الجهود الحالية تعكس جدية التوجه نحو التحول من النمط التقليدي في إدارة التعليم إلى نموذج يعتمد على التحليل والتقييم والاستشراف، ولعلّ المرحلة القادمة تتطلب مزيداً من التوسع في الشراكات الدولية، والاعتماد على أدوات التحول الرقمي، وتدعيم ثقافة الابتكار والجودة، حتى تظل الجامعة في موقع متقدم بين نظيراتها على المستويين الإقليمي والدولي.

آخر الأخبار
"مكتب الاستدامة" تجربة رائدة في بناء قدرات الطلاب ودعم البحث العلمي  تكريم كوادر مستشفى الجولان   عودة ألف تاجر حلبي منذ التحرير ... "تجارة حلب": رفع العقوبات يعيد سوريا إلى الاقتصاد العالمي فعاليات من حلب لـ"الثورة": رفع العقوبات تحول جذري في الاقتصاد مجموعة ضخ أفقية لمشروع بيت الوادي في الدريكيش  رسالة للصين.. تايوان تختبر نظام  HIMARS الصاروخي الأمريكي لأول مرة   DW:  سوريا مستعدة لازدهار الاستثمار مع رفع العقوبات الأمريكية خبير مصرفي لـ"الثورة": تعافٍ اقتصادي شامل يوم السوريين الجميل...ترامب: ملتزمون بالوقوف إلى جانب سوريا.. الشرع: سنمضي بثقة نحو المستقبل  عصب الحياة في خطر ....  شبح العطش يهدد دمشق وريفها.. والمؤسسة تحذر..درويش لـ"الثورة": 550 ألف م3 حا... أساتذة وطلاب جامعات لـ"الثورة": رفع العقوبات انتصار لإرادة سوريا رحبت برفع العقوبات عن سوريا... القمة الخليجية الأمريكية: صفحة جديدة نحو النمو والازدهار الدكتور الشاهر لـ"الثورة": رفع العقوبات عن سوريا يعكس الثقة بالإدارة الجديدة رفع العقوبات.. الطريق إلى التعافي شركات خاصة لتوزيع الكهرباء..وزير الطاقة : الأمور نحو الأفضل و٦ ملايين م٣ غاز تركي يومياً   بعد رفع العقوبات.. خبراء ورجال أعمال لـ"الثورة": القادم أجمل  لبناء سوريا.. الوقوف صفاً واحداً ويداً... فلا خاسر مع القراءة ....  2694 طالباً وطالبة في تصفيات مبادرة تحدي القراءة العربي   720 ألف طن تقديرات أولية ...  في الاجتماع السنوي لتسويق القمح.. سعر مجزٍ  وهامش ربحي جيد "قيد الدراس... أمريكا وسياسة " الضغط الأقصى" على إيران   ليست مفهوماً قانونياً بل تجسيد لإرادة الدولة وزير التعليم العالي: العدالة الانتقالية أحد الأعمدة ال...