الثورة – عبد الغني العريان:
تواصل لجنة “الغصب البيّن” في محافظة حلب عملها في النظر بقضايا التعدي على العقارات، والتي تعود بمعظمها إلى مهجرين غادروا المدينة خلال سنوات الحرب، وتم الاستيلاء على ممتلكاتهم من قبل أفراد متنفذين، وشكلت اللجنة بموجب قرار صادر عن محافظ حلب المهندس عزام الغريب، وتعمل ضمن الإطار القانوني المحدد بالمادة ٤٥ من قانون الإدارة المحلية، التي تُجيز معالجة هذه القضايا وردّ الحقوق إلى أصحابها.
وتتألف اللجنة من ثلاثة أعضاء من الحقوقيين والقضائيين، إضافة إلى ممثلين عن دائرة الشكاوى وقيادة شرطة حلب، وتتوزع مهامها بين التحقق من ملكية العقارات، وتسجيل الإفادات، وضبط الشهادات، وصولاً إلى تسليم العقارات المستولى عليها لأصحابها الشرعيين، بعد استكمال إجراءات التدقيق والتحقق.
ومنذ انطلاق أعمال اللجنة، تم تسجيل 693 شكوى تتعلق بالتعدي على أملاك خاصة، وأسفرت التحقيقات عن إصدار إحالات قانونية بحق 441 حالة، كما نجحت اللجنة في إزالة حالات الغصب عن 88 عقاراً، حيث أُعيدت إلى أصحابها، في واحدة من أبرز إنجازاتها الميدانية. إلى جانب ذلك، تم تحويل 50 حالة إلى عدلية حلب لاستكمال الإجراءات القانونية بحق المخالفين.
ورغم هذه الخطوات الإيجابية، لا تزال اللجنة تواجه عدداً من التحديات التي تعيق وتيرة عملها، أبرزها التعقيد القانوني المرتبط ببعض العقود، سواء كانت صورية أم غير موثقة، ما يتطلب جهوداً مكثفة لكشف تفاصيلها القانونية، كما تعاني اللجنة من تأخر في تنفيذ قرارات الإخلاء فعلياً على الأرض، ما يؤثر على سرعة إعادة الحقوق إلى أصحابها، خصوصاً في الحالات التي يرفض فيها المستولون على العقارات الامتثال للقرارات الصادرة.
ومن التحديات البارزة أيضاً، صعوبة إثبات ملكية بعض العقارات المخالفة أو غير المسجلة، خاصة مع فقدان العديد من المهجرين لوثائقهم الرسمية خلال فترات النزوح والتهجير، ما يجعل مهمة اللجنة أكثر تعقيداً في التحقق القانوني من حقوق الملكية.
في المقابل، تؤكد اللجنة أنها تتبع إجراءات صارمة لضمان دقة القرارات، إذ لا يُعاد أي عقار إلى أصحابه إلا بعد استكمال جميع مراحل التحقيق والتوثيق، بما يضمن الحياد والعدالة في معالجة كل حالة. وتدعو اللجنة المواطنين المتضررين إلى التقدم بالشكاوى مدعّمة بالوثائق والشهادات القانونية المتاحة، ما يسهم في تسريع عملية البت والتحقق وإعادة الحقوق.
من جانبها شددت محافظة حلب على أن عمل اللجنة يأتي ضمن التزام واضح وصريح بإعادة الحقوق المغتصبة إلى أصحابها الشرعيين، وبتصحيح التعديات التي وقعت خلال فترة غياب المالكين، نتيجة ظروف الحرب والتهجير التي شهدتها المدينة في السنوات الماضية.
ويُنظر إلى عمل لجنة “الغصب البيّن” كخطوة مهمة ضمن مسار أوسع لإعادة ترسيخ سيادة القانون في المناطق التي تضررت بشدة، ولحماية الملكية الخاصة باعتبارها حقاً دستورياً مكفولاً، كما يُعدّ عملها مؤشراً على توجه رسمي لمعالجة الملفات الحقوقية المتراكمة، في إطار من الشفافية والجدية القانونية.
وتواصل اللجنة حالياً عملها في دراسة ما تبقى من الشكاوى المسجلة، بالتوازي مع تنسيقها مع الجهات القضائية والأمنية المعنية، سعياً لتحقيق العدالة وإنصاف المتضررين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً، وذلك في سياق جهود أوسع لإعادة الاستقرار القانوني والاجتماعي إلى مدينة حلب.