بسلاح الحجة والعقلانية.. الرئيس الشرع يفرض الحوار من أجل إلغاء قانون “قيصر”

الثورة – راغب العطيه:

شكل اجتماع الرئيس أحمد الشرع برئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي براين ماست، الليلة الماضية في واشنطن، مع مجموعة من النواب الأميركيين، أولى ثمرات الزيارة، لجهة أن ماست كان المعطل الرئيس لإلغاء قانون “قيصر”، وبعد هذا الاجتماع تغير موقفه وأصبح شبه مؤيد لإلغاء القانون، بحسب مصادر مطلعة على الاجتماع. وقال ماست وهو يسجل على دفتر نوت بوك، بحسب ما ذكره عضو التحالف السوري- الأميركي من أجل السلام والازدهار، عبد الحفيظ شرف، في حسابه على “فيسبوك”: “ما يقوله الشرع كلام مهم للغاية يجب أن أسجله”.

وأوضح الرئيس الشرع في هذا الاجتماع أن سوريا تريد السلام لأهلها وللمنطقة ومحاربة التطرف، وإعادة بناء البلاد عن طريق الاقتصاد، داعياً الشركات الأميركية إلى الاستثمار في سوريا.

دمشق وسياسة الحوار البناء

الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة دمشق، الدكتور باسم عزو، قال في تصريح خاص لـ”الثورة”: لقد فرضت الظروف المعقدة التي تركها النظام البائد، والعدوان الإسرائيلي وأطماعه التوسعية وتدخله في الشأن السوري، استخدام أسلوب جديد بعد انتصار الثورة، لإعادة بناء سوريا الجديدة وإخراجها من العزلة الدولية التي تسبب بها نظام الأسد المخلوع، وتجلى هذا الأسلوب باتباع الحوار مع الدول وعرض وجهات النظر كمنهج لرفع العقوبات عن سوريا وضمان عودتها لمكانتها في المجتمع الدولي، وبناء علاقاتها مع قدم المساواة في المصالح.

وأكد عزو، أن السياسة السورية الجديدة اعتمدت على مبدأ تقليص حجم الخلافات مع جميع الدول، وخاصة العظمى منها، مشيراً إلى أن هذا الأسلوب قد حقق نجاحات كبيرة في طريق رفع العقوبات، وفي كسب دعم دولي واسع لوحدة سورياً أرضاً وشعباً، الأمر الذي منع تقسيم البلاد رغم الضغوط الجيوسياسية، والتدخلات الخارجية من أعداء الشعب السوري.

ونوه عزو بالزيارات التي قام بها الرئيس الشرع ووزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني إلى العديد من دول العالم غرباً وشرقاً، كزيارة موسكو ولقاء الرئيس الشرع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مؤكداً أن لقاء الرئيس الشرع اليوم مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في “البيت الأبيض” يمثل أكبر الإنجازات لسياسة الحوار البناء الذي اعتمدته دمشق منذ سقوط النظام البائد، لجهة فعالية الدور الأميركي المحوري في جذب الاستثمارات والأموال من أجل إعادة البناء والإعمار.

وبيّن الأكاديمي السوري، أن مساعي الحكومة السورية لم تبلغ أهدافها كاملة، بسبب ما خلفه النظام البائد من مشكلات اقتصادية واجتماعية كبرى تقف عثرة في وجه جهود الحكومة لتأمين موارد إعادة الإعمار وتوفير الأمن والأمان للمواطنين في ظل تربص أعداء الثورة بوطننا الحبيب سوريا.

متطلبات التقارب مع واشنطن

ووفقاً لتقارير أميركية، فإن إدارة الرئيس الشرع استطاعت التعاطي بنجاح مع بعض النقاط التي وضعتها واشنطن كشرط لتطبيع العلاقات مع دمشق، وليس كلها، والتى على أساسها قيمت الإدارة الأميركية درجة قبول الشرع وحكومته لمتطلبات التقارب مع الولايات المتحدة، بحسب تقرير نشره مركز “الأهرام” للدراسات السياسية والاستراتيجية. ومن أهم هذه النقاط بحسب التقرير، نجاح حكومة الشرع في مواجهة بقايا تنظيم “داعش” في مناطق جديدة هربوا إليها في وسط وغرب وجنوب سوريا، وهذه النقطة تحديداً تعد بوابة الانفتاح الأميركي الرئيسية على الحكومة الانتقالية بقيادة الشرع، وقد تُرجمت واقعياً بتوقيع الشرع اتفاقاً يقضى بمشاركة سوريا في “التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب” سيتم الإعلان عنه خلال زيارته لواشنطن. ولفت تقرير مركز “الأهرام”، إلى أن الشرع استهدف من زيارته لروسيا محاولة إعادة التوازن في علاقات سوريا الجديدة تجاه القوى الدولية.

الحوار والعقلانية والإقناع

ويجسد لقاء الرئيس الشرع مع ماست وزملائه النواب النموذج العملي لطريقة التعاطي السورية مع الملفات الشائكة، والتي تضع “الحوار والعقلانية والإقناع” كمرتكزات أساسية للبحث والنقاش، فبدلاً من سياسة القطيعة والخصومة، تختار دمشق خوض غمار النقاش المباشر مع الأطراف التي تحمل آراء مغايرة، سعياً لتحقيق اختراقات على الأرض عبر إقناع الطرف الآخر بوجهة النظر الوطنية، خاصة فيما يتعلق بتبعات قانون قيصر وآثاره الإنسانية والاقتصادية في البلاد.

وكان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي، براين ماست، أعلن من قبل عن موقفه بخصوص سوريا، حيث أعدّ وشارك في قرار “H. Res. 1165” الذي يدين نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وداعميه، لارتكابهم جرائم حرب وإبادة جماعية في سوريا، كما أنه عارض التراجع عن قانون “قيصر” الذي يفرض عقوبات على النظام السوري، مشدداً أن الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا تجعل الأمر معقّداً.

كما يعرف عن ماست أنه داعم قوي لإسرائيل وعلاقته وثيقة بهاـ فقد تطوع في يناير/كانون الثاني 2015 مع الجيش الإسرائيلي عبر برنامج “Sar‑El” في قاعدة قرب تل أبيب، وساعد في تحضير وتجهيز المستلزمات الطبية، وقال: “كعضو الكونغرس الوحيد الذي خدم في الجيش الأميركي وفي الجيش الإسرائيلي، سأظل دائماً مع إسرائيل”. النظام البائد حرم العالم من سوريا ماست ولد في 10 يوليو/تموز 1980 في ولاية ميشيغان، وينتمي إلى الحزب الجمهوري، ويمثل ولاية فلوريدا في مجلس نواب الولايات المتحدة منذ عام 2017.

وقد التحق بالجيش الأميركي في عام 2000، حيث عمل كمهندس قتالي، ثم انتقل إلى تفكيك المتفجرات بوحدة النخبة، وفي 19 سبتمبر/أيلول 2010، أثناء تواجده في وادِ قندَ‎ار في أفغانستان، تعرض لانفجار عبوة ناسفة (IED) أدى إلى بتر ساقيه وفقدان إصبعه الأيسر، ثم تقاعد من الخدمة بعد نحو 12 عاماً.

وكان الرئيس الشرع قال في مقابلة مع صحيفة “الشرق” على هامش مشاركته في قمة المناخ (COP30) في البرازيل: إن “سوريا نجحت في تحقيق توافق دولي بين دول من الصعب أن تتفق على أي أمر، وهذا مؤشر إيجابي قد يكون بداية لحل كثير من القضايا العالقة في العالم”، مؤكداً أن سوريا بدأت تستعيد دورها الإقليمي والعالمي.

وأوضح الشرع بعد قرار مجلس الأمن رفع العقوبات المفروضة عليه وعلى وزير الداخلية أنس خطاب بتأييد 14 دولة، أن هذه الخطوة “في الاتجاه الصحيح”، وأن ذلك يصب في مصلحة الجميع، مشيراً إلى أن سوريا تاريخياً كانت تمثل وزناً مهماً في المنطقة، وأن الوضع الطبيعي هو أن تكون لها علاقات متوازنة وجيدة مع جميع دول العالم.

وأكد الشرع أن سوريا “مثلت تاريخياً وزناً كبيراً في المنطقة ولم تكن على الهامش”، مشيراً إلى أن “النظام السوري البائد حرم سوريا من العالم وحرم العالم من سوريا طوال ستين عاماً”، وقال: إن “الوضع الطبيعي هو أن تكون لسوريا علاقات طيبة مع الجميع، وأن تبادل الدول الأخرى نفس المستوى من الاحترام والتعاون”.

ويرغب الرئيس الشرع في أن تقوم الولايات المتحدة بالضغط على “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) لإتمام الاتفاق الأمني الذي تم توقيعه بين الطرفين في دمشق 10 مارس/آذار الماضي، الذي يقوم في مضمونه الأساسي على دمج “قسد” ضمن الجيش السوري، وتسليم مناطق “الإدارة الذاتية” في شمال وشمال شرق سوريا لإشراف الحكومة المركزية في دمشق، وهو ما سيسمح للحكومة باستكمال القوة القادرة على محاربة “داعش” من ناحية، ويسمح لها كذلك بتولي زمام الإشراف المباشر على مخيمات احتجاز عناصر التنظيم وعوائله من ناحية ثانية.

آخر الأخبار
الرئيس الشرع يصل "البيت الأبيض" ويبدأ محادثاته بجلسة مغلقة إعادة تأهيل 320 مدرسة في إدلب زيارة الرئيس الشرع لـ"البيت الأبيض".. ماذا تريد واشنطن من لقاء دمشق؟ بعد 116 يوماً على اختطافه.. الدفاع المدني يجدد مطالبته بالإفراج عن حمزة العمارين سوريا تطرق أبواب "التحالف الدولي".. هذه أبرز الانعكاسات على الخرائط السياسية والعسكرية   ثلاث مشاجرات وحالة إغماء.. حصيلة يوم في "كهرباء حمص"..!  30 ألف مستفيد سنوياً من خدمات مركز الإعاقة ومصابي الحرب وفد سويسري – ألماني يضع ملامح تطوير التعليم المهني في دمشق أجندة ترامب الشرق أوسطية.. لماذا زار الشرع واشنطن قبل صفقة بن سلمان الكبرى؟ بسلاح الحجة والعقلانية.. الرئيس الشرع يفرض الحوار من أجل إلغاء قانون "قيصر" خلال أقل من عام.. كيف أوصل الشيباني سوريا إلى مكاتب "البيت الأبيض"؟ "رويترز".. هل باتت الوكالة البريطانية الوسيلة الأخيرة لترويج تنظيم "داعش" في سوريا؟ ماذا تعني الاتفاقية الأمنية الجديدة بين سوريا وإسرائيل؟ لماذا يترقب لبنان نتائج زيارة الرئيس الشرع إلى "البيت الأبيض"؟ "تجارة حلب" تبحث تحديات قطاع المواد الكيماوية للأدوية ومواد التجميل بعد ارتفاع تعرفة الكهرباء.. المنتج المحلي عاجز عن منافسة المستورد ازدحام السيارات يهدد هوية دمشق القديمة ويقضم ذاكرة المكان فوضى ارتفاع الأسعار مستمرة.. حبزه: التجار يسعرون عبر الواتس آب مستشفى جبلة الوطني.. خدمات مستمرة على الرغم من الصعوبات "مغارة جوعيت" جمال فريد لم يلتفت إليه أحد!