الثورة – عبد الحميد غانم :
يزور رجل الأعمال الإماراتي خلف أحمد الحبتور، رئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتورفي سوريا حاملاً معه رؤية جديدة للاستثمار العربي، ورزمة من المشروعات التي تُعد من أضخم المبادرات الاستثمارية في البلاد منذ أكثر من عقد.

الزيارة التي استقبله فيها مدير عام هيئة الاستثمار السورية المهندس طلال الهلالي، ليست مجرد بروتوكول اقتصادي، بل إشارة واضحة إلى مرحلة مختلفة من الانفتاح العربي على دمشق، وإلى إرادةٍ متبادلة، وتُعدّ زيارة الحبتور إلى دمشق خطوة جديدة نحو فتح صفحة تعاون اقتصادي مشترك بين سوريا والإمارات، بما ينعكس إيجاباً على حركة الاستثمار والتنمية في البلدين.
نموذج استثماري
وتعليقاً على الزيارة وانعكاسات استثمارات الحبتور في سوريا، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور رازي محيي الدين أن اتفاقيات مجموعة الحبتور في سوريا تشكل “نموذجاً استثمارياً فريداً” يعكس تحولاً جوهرياً في مفهوم إعادة الإعمار، ويمثل بداية لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي العربي.

وأوضح الدكتور محيي الدين في تصريح خاص لـ”الثورة” أن “اتفاقيات الحبتور لا تقتصر على الجانب المالي فحسب، بل تمثل رؤية متكاملة للتنمية المستدامة تجمع بين الاستثمار في البنية التحتية الذكية وتمكين الكفاءات المحلية ونقل المعرفة والتقنية”.
وأضاف: إن هذا النموذج “يتجاوز مفهوم المساعدات التقليدية إلى شراكة استراتيجية طويلة الأمد”.
النقل الذكي
في معرض حديثه عن مشروع النقل العام الذكي، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن “توفير 3000 حافلة ذكية تعمل بالطاقة الهجينة، سيسهم بشكل كبير في حل أزمة النقل المزمنة، مع الحفاظ على البيئة وتخفيض الانبعاثات الكربونية”.
وأشار إلى أن “هذا المشروع سيوفر منصة متكاملة للنقل الذكي تشمل أنظمة الدفع الإلكتروني، وتتبع الرحلات وإدارة الأسطول بشكل ذكي”.
وتحدث محيي الدين عن المشروعات العقارية المخطط لها، قائلاً: “مشروعات المدن المستدامة في دمشق وحلب تمثل نموذجاً للتخطيط العمراني الحديث، إذ تعتمد على مفاهيم الاستدامة والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة”.
وأضاف: إن “هذه المشروعات ستضع معايير جديدة للعمران في سوريا، وتواكب أحدث التطورات العالمية في مجال المدن الذكية”.
تمكين الكفاءات السورية
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن “أهم ما يميز هذه الاتفاقيات هو تركيزها على الاستثمار في رأس المال البشري، من خلال برامج تدريبية متخصصة وتمويل المشروعات الريادية وتطوير قدرات الشباب السوري في مجال التكنولوجيا والابتكار”.
وأكد أن “هذا الجانب يضمن استدامة التنمية ويحقق نقلة نوعية في سوق العمل السوري”.
من ناحية أخرى، أكد محيي الدين أن “اتفاقيات الحبتور تمثل رسالة طمأنة قوية للمستثمرين الخليجيين والعرب، وتشكل حافزاً لتدفق استثمارات جديدة نحو السوق السورية”.
وأشار إلى أن “هذه الاستثمارات ستعيد تعريف صورة سوريا الاقتصادية، وتحولها من سوق استهلاكية إلى منصة للإنتاج والابتكار”.

أثر اقتصادي متعدد
توقع الخبير الاقتصادي أن “تشمل الآثار الإيجابية لهذه الاتفاقيات خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وتحفيز قطاعات اقتصادية جديدة، مثل التكنولوجيا المالية والطاقة المتجددة، ونقل المعرفة والتقنية إلى السوق السورية”.
وختم الدكتور محيي الدين تصريحه بالقول: “تمثل هذه الاتفاقيات نموذجاً ناجحاً للتكامل الاقتصادي العربي، إذ تجمع بين رأس المال الخليجي والخبرات الدولية والكفاءات السورية، ما يخلق قيمة مضافة للجميع”.
ولفت إلى أن “هذا النموذج سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد السوري والاقتصادات العربية الشقيقة”، وقال الخبير الاقتصادي: سوريا تقف على أعتاب مرحلة اقتصادية جديدة، إذ إن الاستثمار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي أصبح محوراً أساسياً لإعادة الإعمار.
وتمثل اتفاقيات الحبتور بداية هذا الطريق الطموح، الذي يعيد تعريف دور سوريا في الخريطة الاقتصادية العربية، ويؤسس لشراكات عربية جديدة قائمة على التكامل والاستدامة والابتكار.
مرحلة اقتصادية جديدة
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي والمستثمر في قطاع النقل عمار موسى أن اتفاقيات رجل الأعمال الإماراتي خلف أحمد الحبتور في سوريا تمثل “نقطة تحول استراتيجية” تعيد البلاد إلى الخريطة الاقتصادية العربية.
وقال موسى في تصريح خاص لـ”الثورة”: “هذه الاتفاقيات ليست مجرد مشروعات تجارية عادية، بل هي رسالة ثقة قوية يمكن أن تجذب مستثمرين خليجيين آخرين من الإمارات والسعودية والبحرين”.
وأوضح الخبير موسى أن استثمارات الحبتور التي تشمل شبكة نقل عام بـ3000 حافلة حديثة، ووكالات سيارات فاخرة، ومشروعات عقارية في دمشق وحلب، “تسهم بشكل مباشر في تحريك الاقتصاد السوري وخلق فرص العمل”.
النقل الأخضر وركز موسى على أهمية التحول نحو النقل الأخضر، مشيراً إلى أن “سوريا تشهد معدلات تلوث تتجاوز 6 – 8 أضعاف الحد الآمن في بعض المدن”، معرباً عن تفاؤله بـ “توجه الاستثمارات نحو إنشاء أسطول حافلات كهربائي ومحطات شحن موزعة”.
وأكد المستثمر في قطاع النقل أن “هذه الاتفاقيات تفتح الباب أمام نموذج اقتصادي عربي خليجي جديد لسوريا، يقوم على الاستقرار والشراكات الاستراتيجية والاقتصاد الأخضر”.
واختتم موسى تصريحاته بالتأكيد أن “التعاون مع الشركات السورية المختصة في قطاع النقل، والتي تمتلك خبرات محلية ودولية، سيكون له أثر إيجابي كبير على قطاعي النقل العام والسياحي”.
بدوره، أعرب الخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش عن تقديره لجميع الجهود والمبادرات الاستثمارية المحلية والعربية والدولية، معتبراً إياها محط آمال لتحقيق التعافي وإعادة البناء، لكنه شكك في إمكانية تحقيق استثمارات جادة على الأرض في المدى المنظور، مرجعاً ذلك إلى هيمنة العامل السياسي على ملف الاستثمار.
وأشار عياش في تصريح لـ”الثورة”، إلى أن “المشكلة أن الاستثمار تحكمه السياسة”، معرباً عن توقعه “ألا تكون هناك أي استثمارات جدية قبل نهاية عام 2026”.
وفي معرض حديثه عن أولويات البلاد، أشار عياش إلى الحاجة الماسة لاستثمارات بنيوية وإنتاجية، معتبراً إياها أولوية قصوى تسبق أنواع الاستثمارات الأخرى مثل “الخدمية والريعية”.
وشدد على أن جميع النوايا والجهود الاستثمارية “محط اهتمام وتقدير”، وأن الآمال معقودة عليها في “تحقيق التعافي وإعادة البناء والتنمية”.
ويأتي هذا في وقت تشهد فيه البلاد حاجة ملحة لجذب الاستثمارات لدفع عجلة الاقتصاد وتعزيز عملية إعادة الإعمار.