الثورة – معد عيسى :
“زيوت المحركات المغشوشة خطر يهدد سيارتك” عبارة نقرأها على عبوات الزيوت المعدنية المخصصة للسيارات ويدعمها سؤال نتلقاه في ورش الإصلاح ما هو الزيت الذي تستخدمه؟ هاتان العبارتان ليستا إلا تعبيراً عن وجود زيوت معدنية في الأسواق مخالفة للمواصفات تتسبب بأضرار وخسائر كبيرة لمالكي السيارات و الآليات.
زيوت سيئة
ما سبق ذكره يضعه البعض في إطار المبالغة ولكن للأسف هذا هو الواقع الذي أكده مدير معمل مزج الزيوت في حمص الدكتور صبحي حسن، حيث أوضح في لقاء لصحيفة “الثورة ” أنه يمكن التأكيد ومن خلال نتائج التحاليل المخبرية للزيوت المراد مطابقتها للمواصفات القياسية السورية الواردة إلى معمل مزج الزيوت من معامل القطاع الخاص ومن قبل زبائن سواء من القطاع الخاص أم العام أن 70 بالمئة من هذه الزيوت سيئة واستخدامها من قبل المستهلك يؤدي به إلى خسائر مادية كبيرة سواء تعلق الأمر بمحركات السيارات أو المعدات الهندسية والصناعية ويوجد توثيق لهذه الحالات في المعمل.
غير مطابق للمواصفة
مصادر تأمين الزيوت في سوريا متعددة منها المضمون والمراقب ومنها يعمل بدون كفاءة أو رقابة ومنها المهرّب حسب الدكتور صبحي الذي حدد أربعة مصادر لها:
أولاً: معمل مزج الزيوت المعدنية في مصفاة حمص والذي أنشأ عام 1974، كان المعمل الوحيد الذي ينتج الزيوت المعدنية حتى منتصف ثمانينيات القرن الماضي ويؤمن الحصة الأكبر من كافة أنواع الزيوت بنسبة تصل إلى 70 بالمئة تقريباً ويمتلك كافة المستلزمات اللازمة لإنتاج زيوت بجودة عالية.
ثانياً: معامل القطاع الخاص بدأ عدد من المعامل بالظهور في منتصف الثمانينيات وكان عددها لا يتجاوز ثلاثة معامل وفي بداية انطلاقها كان إنتاجها يقتصر على زيوت المحركات وبدأت بتطوير إنتاجها بتصنيع الزيوت الصناعية، ومع بداية عام 2000 ظهر عدد آخر من المعامل الخاصة في محافظتي حلب وريف دمشق ويمكن القول أن عددها حالياً بحدود 12 معمل مزج، جزء من هذه المعامل تملك كل التجهيزات والمواد الأولية اللازمة لإنتاج زيوت وفق المواصفات القياسية السورية والجزء الأكبر تغيب عنه هذه الإمكانيات من تجهيزات مخبرية ومواد أولية ذات جودة عالية وبالتالي منتجاتها تعتبر سيئة وبجودة رديئة.
ثالثاً: الزيوت المستوردة، وهي لا تتجاوز نسبة 10 بالمئة من الزيوت المستهلكة في السوق السورية ومن خلال المتابعة لهذه الزيوت تبين أن جزء منها يأتي من مصادر ذات جودة عالية والجزء المتبقي غير مطابق للمواصفات القياسية السورية ويمنع دخوله إلى البلد كون الجهة التي تعطي المطابقة هي جهات حكومية متمثلة ب ( مخبر معمل مزج الزيوت – مخبر البحوث العلمية) ولا يسمح لدخول زيوت مخالفة حرصاً على سلامة المعدات والآليات.
رابعاً: زيوت مهرّبة تدخل بطرق غير شرعية ومن خلال متابعة الأسواق تبين أنه يوجد كميات مجهولة المصدر وهي تحت ملاحقة قانونية من قبل الجهات المختصة لكن يتم تسويقها وهي مجهولة المواصفات من حيث الجودة و سلامة استخدامها.
الجودة في المصدر
بناء على ما تقدم من تحديد للمصادر فإن الجودة محددة في المصادر وهذا ما أكده الدكتور صبحي بالقول: يمكن التأكيد بأن الزيوت التي مصدرها معمل مزج الزيوت في حمص هي ذات جودة عالية كونها جهة حكومية ملتزمة بتأمين زيوت أساس بكر و نوعية جيدة وكذلك الإضافات الكيميائية ذات الجودة العالية إضافة إلى مخبرها المتطور والذي يحتوى لكافة المعدات الحديثة اللازمة لكافة الاختبارات لكن وللأسف في السنتين الأخيرتين وبسبب العقوبات وصعوبة تأمين المواد الأولية لمعمل مزج الزيوت أدى بشكل ملحوظ إلى انخفاض حاد في نسبة توفر منتجاته في الأسواق مما نشط حركة تسويق الزيوت السيئة ولم يستطع القطاع الخاص سواء كان مصنع أو مستورد أن يعوض كفاءة زيوت معمل مزج الزيوت ويخلق استقرار في هذا السوق لا من حيث الجودة ولا من حيث السعر وباتت الفوضى هي سيدة الموقف.
تحذير
وعن جودة ومطابقة إنتاج المعامل الخاصة للمواصفة السورية أشار الدكتور صبحي بأن هناك عدد كبير من معامل القطاع الخاص تسوق منتجها بدون مطابقة كاملة للمواصفة القياسية السورية لعدم توفر كافة الأجهزة المخبرية اللازمة ولا يوجد أي رقابة لإنتاجها ويتم تسويقها وفق مغريات الأسعار المنخفضة والمنافسة غير الصحيحة أمام المنتجات الجيدة وكذلك جهل المستهلك لأهمية الزيوت الجيدة ومدى تأثيرها الكارثي للمعدات التي تستخدم هذه الزيوت.
انخفاض الاستهلاك حاجة سوريا من الزيوت كانت قبل انطلاق الثورة تقدر بحوالي 120 ألف طن سنوياً وخلال فترة الحرب انخفض الاستهلاك بشكل ملحوظ ولا يتجاوز حالياً أكثر من 30 ألف طن سنوياً رغم زيادة عدد السيارات ولأسباب عديدة منها، انخفاض في تنفيذ المشاريع الكبيرة التي تحتاج إلى آليات هندسية وعربات والتي تتطلب كافة أنواع الزيوت، تراجع الإنتاج الزراعي بشكل ملحوظ، انخفاض في كتلة المشتقات النفطية المنتجة (بنزين – مازوت ) حيث التناسب طردي بينهما.
أخيراً.. كغيرها من السلع والمنتجات تمتلئ الأسواق السورية بالزيوت المعدنية المغشوشة بغياب الرقابة والمتابعة والكشف على معامل تصنيع الزيوت ومحلات بيعها وأخذ عينات منها وإجراء التحاليل المخبرية الدقيقة، وعليه يدفع المواطن ضريبة الغش وكذلك البيئة ولا بد من اعتماد مخابر مخصصة لاختبار الزيوت غير مخبر وزارة الاقتصاد والصناعة الفاقد لبعض الأجهزة مثل جهاز اختبار ثباتية القص ونسبة التبخر وبعض الاختبارات الأخرى والذي يؤدي إلى السماح لبعض الزيوت بالاستخدام تحت عنوان أنها مطابقة للمواصفة القياسية السورية.