الثورة – ميساء العلي :
يمثل رفع “قانون قيصر” بداية مرحلة جديدة في الاقتصاد السوري، تتسم بفرص استثمارية متنوعة في ظل بيئة إصلاحية طموحة.

ورغم التحديات القائمة، خاصة في مجالات البنية التحتية والثقة الدولية، إلا أن الإصلاحات المصرفية والنقدية والزيادة الكبيرة في الميزانية الاستثمارية وارتفاع الرواتب، تشكل أساساً متيناً لانتعاش الاستثمار.
نجاح هذه الجهود مرهون باستمرار الإصلاحات الهيكلية، وبناء الثقة مع المجتمع الدولي، وتوفير بيئة استثمارية شفافة ومستقرة، مما يمكن سوريا من استعادة دورها في الاقتصاد الإقليمي خلال السنوات القادمة.
تحولات جذرية
يقول الخبير الاقتصادي سامر مصطفى: إن رفع العقوبات بموجب قانون قيصر يشكل منعطفاً تاريخياً في المسار الاقتصادي السوري، حيث يفتح الباب أمام تحولات جذرية في بيئة الاستثمار بعد سنوات من التحديات.
وأضاف لـ”الثورة”: إن رفع قانون قيصر المتوقع خلال زيارة الرئيس احمد الشرع لواشنطن ولقائه الرئيس ترامب يتزامن مع حزمة إصلاحات اقتصادية ومصرفية طموحة، بعد عودة نظام سويفت، كانت قد أعلنتها الحكومة، الأمر الذي يخلق مشهداً اقتصادياً جديداً.

وقال: إن رفع قانون قيصر سيفتح فرص استثمار حقيقية بعد تجاوز التحديات التي كانت تواجه المستثمرين المحليين والدوليين.
وأضاف مصطفى أن إصلاح النظام المصرفي الذي أعلن عنه حاكم مصرف سوريا المركزي من خلال خطة شاملة تهدف إلى استعادة الثقة وجذب الاستثمارات إلى السوق سيكون له دور كبير بتحفيز وتشجيع الاستثمار، مشيراً إلى أن إطلاق عملة سورية جديدة وحذف صفرين من العملة الحالية سيؤدي إلى تعزيز ثقة المتعاملين وتسهيل العمليات المالية كجزء من حزمة السياسات النقدية الرامية لتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي.
بدوره يقول الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي في حديث لـ”الثورة”: إن رفع العقوبات الاقتصادية، وعلى رأسها قانون قيصر، يشكّل نقطة تحول حاسمة في إعادة دمج سوريا بالاقتصاد العالمي، لكن نجاح التعافي والتنمية مرهون بخطة حكومية مدروسة وشاملة.
كسر العزلة
وأضاف أن رفع العقوبات الاقتصادية، وخاصة قانون قيصر الذي فرض قيوداً صارمة على التعاملات المالية والتجارية مع سوريا، يمثل انفراجة استراتيجية في مسار التعافي الوطني.
وقال: إن هذا القانون، الذي أُقر عام 2019، كان يهدف إلى الضغط السياسي لكنه أدى إلى شلل اقتصادي واسع طال قطاعات الإنتاج، التمويل، والاستيراد.
وبحسب الخبير الاقتصادي فإن إلغاء أو تعليق هذا القانون، تفتح أمام سوريا أبواب أمام الوصول إلى التكنولوجيا والمواد الخام التي كانت محظورة أو مكلفة للغاية واستعادة الثقة الدولية في التعاملات المصرفية والاستثمارية مع إعادة تشغيل خطوط التجارة الإقليمية والدولية، ما يعزز الصادرات ويخفض تكاليف الاستيراد ناهيك عن إمكانية جذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة في قطاعات الطاقة، الزراعة، والبنية التحتية.
الإمكانيات والتحديات
لكن هذه العودة ليست تلقائية؛ إنها فرصة مشروطة تتطلب استعداداً داخلياً كما يقول قوشجي فرفع العقوبات لا يعني بالضرورة نجاح التنمية، بل هو شرط تمهيدي فقط كون التنمية الاقتصادية تحتاج إلى إصلاحات مؤسسية تضمن الشفافية، استقلالية القضاء، وتحديث القوانين التجارية مع إعادة هيكلة القطاع المصرفي ليتماشى مع المعايير الدولية ويستعيد الثقة، إضافة إلى تحفيز القطاع الخاص عبر تسهيلات ضريبية، تمويل ميسر، وحماية قانونية وإعادة بناء البنية التحتية الإنتاجية، خاصة في المناطق المتضررة من الحرب و بدون هذه الخطوات، قد تتحول فرصة رفع العقوبات إلى مكاسب قصيرة الأجل لا تؤسس لتعافٍ مستدام.
ويشير إلى أن نجاح التعافي الاقتصادي يتوقف على خطة حكومية واضحة، واقعية، وقابلة للتنفيذ، وهذه الخطة يجب أن تتضمن كما يرى قوشجي رؤية اقتصادية وطنية تربط بين التعافي الفوري والتنمية طويلة الأجل مع أولويات واضحة مثل الأمن الغذائي، الطاقة، التشغيل، وإعادة الإعمار.
كذلك آليات تنفيذ شفافة تضمن مشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص ومؤشرات أداء قابلة للقياس لتقييم التقدم وتعديل المسار عند الحاجة، ناهيك عن رسائل إعلامية موحدة تعزز الثقة وتشرح السياسات بلغة يفهمها المواطن والمستثمروبدون هذه الخطة، سيبقى رفع العقوبات فرصة ضائعة، وقد تتكرر أخطاء الماضي في إدارة الموارد والانفتاح وفقاً للخبير الاقتصادي.
استعادة السيادة الاقتصادية
وتابع الخبير قوشجي كلامه بالقول: إن رفع قانون قيصر وغيره من العقوبات هو بداية الطريق وليس نهايته، وإنه بمثابة إزالة الحواجز أمام سوريا لتعيد بناء اقتصادها، لكن النجاح الحقيقي يتطلب قيادة حكومية رشيدة، إصلاحات جذرية، ورؤية وطنية جامعة.