الثورة – متابعات:
كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، في تقرير نُشر يوم الجمعة، تفاصيل جديدة حول الهجوم الجوي الواسع الذي شنّته إسرائيل على أهداف داخل الأراضي الإيرانية في 13 حزيران/يونيو، مشيرة إلى أن العملية جاءت تتويجاً لخطة معقدة وضعتها تل أبيب على مدار أكثر من عشر سنوات، وجرى تنفيذها بدقة غير مسبوقة، بمساعدة استخباراتية وتقنية من الولايات المتحدة.
وبحسب الصحيفة، فإن العملية بدأت فجر ذلك اليوم عندما اجتمع كبار قادة الجيش الإسرائيلي في مخبأ تحت مقر قيادة سلاح الجو، حيث راقبوا سير الهجوم في الوقت الفعلي، تزامناً مع تنفيذ غارات على العاصمة الإيرانية طهران، أسفرت عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، على بعد أكثر من 1000 ميل من تل أبيب.
واعتبر التقرير أن أحد أكثر عناصر الهجوم إثارة للدهشة هو نجاح عملية اغتيال متزامنة لتسعة من كبار العلماء النوويين الإيرانيين في منازلهم داخل طهران، وهي خطوة وصفها مخططوها بأنها “أقرب إلى الخيال”، حيث استُخدمت حيَل أمنية معقدة لتنفيذها في اللحظات الأخيرة.
وبيّنت الصحيفة أن إسرائيل بدأت، منذ سنوات، ببناء شبكة تجسس واسعة داخل إيران، هدفت إلى تسهيل عمليات التخريب والاغتيال، لكنها قررت لاحقاً أن تلك الإجراءات لم تعد كافية، ما استدعى التخطيط لتدمير البرنامج النووي الإيراني عبر ضربة جوية مباشرة.
وفق معلومات الصحيفة، أمضى الطيارون الإسرائيليون سنوات في تدريبات مكثفة، شملت الطيران لمسافات طويلة وتنسيق عمليات التزود بالوقود في الجو، والتدريب على إطلاق صواريخ متزامنة تصل أهدافها خلال فترة زمنية لا تتجاوز 20 ثانية، بهدف زيادة دقة وفعالية الضربة.
كما واجه المخططون تحديات كبيرة تتعلق بالمسار الجوي، خاصة فوق سوريا التي كانت حتى وقت قريب خاضعة للنفوذ الإيراني، لكن، بعد تغيّر موازين القوى وسقوط نظام الأسد في أواخر عام 2024، تمكنت الطائرات الإسرائيلية من عبور الأجواء السورية.
وذكر التقرير أن الولايات المتحدة شاركت في العملية عبر تنفيذ ضربات جوية مركزة على مواقع نووية إيرانية، الأمر الذي أثار تساؤلات حول مدى نجاح الحملة في القضاء على قدرات إيران النووية، خاصة مع تضارب المعلومات حول حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت المستهدفة.
ورغم ذلك، أكد بعض المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين أنهم فُوجئوا بنجاح الخطة إلى هذا الحد، لا سيما أنها استندت إلى بنية معلوماتية واستخباراتية يعود بعضها إلى أكثر من عقد، وأشار التقرير إلى أن إسرائيل استفادت من التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، حيث كانت قد أضعفت بشدة حركتي حماس وحزب الله خلال عامين من العمليات العسكرية.
ومع توسع شبكات التجسس الإسرائيلية داخل إيران، وإقامة قواعد للطائرات بدون طيار هناك، بات من الممكن تنفيذ عمليات من داخل العمق الإيراني نفسه، مما ساعد في استهداف أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية وشل حركتها خلال الضربة، وفق تقرير الصحيفة،
وتوقّع مسؤولون في تل أبيب وواشنطن أن تؤدي نتائج هذه الحملة إلى فتح المجال أمام اتفاقيات سلام جديدة في المنطقة، لكن لا يزال الجدل قائماً حول ما إذا كانت الأهداف الحربية قد تحققت بالكامل، خاصة في ظل قدرة إيران على إعادة بناء منشآتها النووية في المستقبل.
وفي ختام التقرير، وصفت الصحيفة العملية بأنها “نقطة تحول في المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وإيران”، مشيرة إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد اختبارات جديدة على صعيد الاستقرار الإقليمي والدبلوماسية الدولية.