الثورة – مريم إبراهيم:
تباعاً تتأكد أهمية الطاقات المتجددة والتي بدت هوس العالم في الظروف الحالية وحديث الساعة وهي هدف و وسيلة، أي هدف للتحول الطاقي ومكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري وتخفيض انبعاثات الغازات، ووسيلة للهروب من التهام الاقتصاديات العالمية للنفط والغاز والتذبذب الموجود في أسعارها، وتخفيض فواتير الاستيراد.
وضمن مجال الاستثمار في الطاقات جاء توقيع اتفاقية بين سوريا والولايات المتحدة الأميركية لإنشاء محطتين شمسيتين، وبموجب المذكرة سيتم إنشاء المحطة الأولى باستطاعة 100 ميغاواط من دون نظام بطاريات، فيما ستُنفَّذ المحطة الثانية باستطاعة 100 ميغاواط مع بطاريات تخزين للطاقة، على أن يتم تحديد مواقع تنفيذ المحطتين لاحقاً بالتنسيق والاتفاق بين الشركة والمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء.
ويتوقع خبراء الطاقة أن يعكس هذا الاتفاق آثارا ايجابية كبيرة على واقع الكهرباء بشكل عام في ظل ما يعانيه هذا الواقع من صعوبات وتحديات وعجز يصل لأرقام ونسب عالية.
الخيار المتاح
المهندس السموءل مصطفى من هيئة الطاقة الذرية بين في لقاء لـ”الثورة” أهمية الاتفاقيات والتي كانت لبناء محطتي طاقة كهرضوئية باستطاعة إجمالية 200 ميغا واط في ظل الواقع السوري، ومع النقص الحاد في كميات الوقود، إذ تبقى الطاقة المتجددة الخيار الأقرب المتاح لتحقيق زيادة، ولو كانت محدودة، في الطاقة الكهربائية المزودة للشبكة، وهذه المشاريع في حال إتمامها، ستوفر للشبكة 90 إلى 350 ميغا واط ساعي من الطاقة الكهربائية سنوياً، وهي طاقة تكفي لتأمين الحد الأدنى من الكهرباء لنحو 90 ألف منزل (باعتبار استهلاك شهري يعادل 300 كيلوواط للمنزل الواحد).
طاقة مستدامة
وأشار المهندس مصطفى إلى أن هذه الطاقة هي طاقة مستدامة نظيفة- أي أنه لن يصاحبها حرق أي كمية وقود، ويمكن أن تصل كمية الوقود الموفرة لأكثر من 74 ألف طن مكافئ نفطي سنوياً، كان سينجم عن حرقها ملوثات من غاز ثاني أكسيد الكربون بما يعادل 213 ألف طن سنوياً، إضافة إلى جانب مجتمعي مهم يمكن لحظه في هذا الأمر وهو إمكانية توفير فرص العمل الدائمة والمؤقتة التي ستترافق مع بناء وتشغيل هذه المشاريع المخطط إقامتها في ضوء الاتفاقيات، وهناك أيضاً نقطة تتعلق ببيئة الاستثمار، وهذا جانب مهم للغاية في الوقت الحالي، ويمكن أن يكون عبر دخول شركات أجنبية تستثمر في أي قطاع، وهذا سيخلق مناخا إيجابيا يشجع المستثمرين على القدوم وضخ المزيد من الاستثمارات في مختلف قطاعات البنية التحتية والخدمية في سوريا، والتي يأتي في مقدمتها قطاع الكهرباء والطاقة التي تعتبر العصب الأساسي لأي عملية نمو في الاقتصاد الوطني في البلاد، والواضح أن القيادة الحكومية تحاول فتح جميع الأبواب الممكنة، وهذه نقطة إيجابية هامة وخطوة ملفتة تسجل في هذا المجال طبعاً، وخصوصاً عندما يتم البدء بالمشاريع المقررة وتتحول من عقود إلى حقول عمل.
تشجيع استثمار
ولفت المهندس مصطفى إلى أن قرار رفع العقوبات يكتسب أهمية بالغة بما يخص موضوع تشجيع الاستثمار وتسهيل تدفق ونقل رؤوس الاموال، وحتى تكاليف تمويل الاستثمارات ممكن أن تنخفض، وكذلك التأمين وخلافه من الجوانب الأخرى، وكذلك تسمح للشركات المرموقة وذات الخبرة بالدخول إلى السوق السورية والاستثمار فيها، وهناك جانب يمكن الإشارة إليه وهو إمكانية وضرورة أن تشمل اي عقود قادمة الاستثمار في توليد الكهرباء من طاقة الرياح، وهذا أيضاً أمر مهم للغاية ويحقق نتائج إيجابية كبيرة.
وأشار المهندس المصطفى إلى الميزات الكثيرة للطاقات المتجددة، فعالمياً يتم التوجه إليها بأربعة عوامل لجهة تلبية الطلب على الطاقة وهو غاية وطنية، وتخفيض فاتورة الاستيراد وتخفيض انبعاثات الغازات الدفينة، وكذلك خلق فرص عمل، ومن مميزاتها أنها يتم توليدها بشكل محلي، أي زيادة المساهمة الوطنية في مزيج الطاقة الوطنية، مما يؤدي لتخفيض فواتير الاستيراد ويسمح بتخصيص إرجاع قطع أجنبي لخزينة الدولة، مضيفاً: وفي سوريا البلد الخارج للتو من الأزمة تم تحقيق الجزء الأصعب، إذ إنه حتى الآن لا سيطرة على مصادر الطاقة فيه، ويبدو الخيار المتاح وهو الطاقة المتجددة الشمسية والريحية بشكل أساسي.
عجز وإعاقة
يذكر أن سوريا تعاني من عجز بالكهرباء يصل إلى 80 بالمئة من احتياجاتها الفعلية، في ظل أضرار جسيمة تعرضت لها محطات التوليد أدت لخروج بعضها عن الخدمة، مما يشكل تحدياً كبيراً على صعيد البنية التحتية اللازمة لدوران عجلة الإنتاج في سوريا، كما أن إصلاح قطاع الكهرباء بحاجة إلى مبالغ إجمالية تقدر بنحو 40 مليار دولار، منها نصف مليار مخصصة لتطوير أعمال النقل والتحويل، وتعمل سوريا في الفترة الراهنة على جذب استثمارات خاصة لقطاع الكهرباء وطرح فرص استثمارية في الطاقات البديلة وتشجيع إشراك القطاع الخاص في مجال التوزيع حسب ما أشارت إليه معلومات