الثورة – جهاد اصطيف:
انطلقت أعمال ترميم قلعة حلب بهدف الحفاظ على تاريخها العريق، وصون هويتها الحضارية الفريدة التي تختزن إرث المدينة على امتداد قرون برعاية مديرية الآثار والمتاحف.
وأوضحت رئيس القسم الهندسي في المديرية، هالة صباغ في تصريح لها، أن القلعة تشهد حالياً مجموعة من الأعمال الترميمية المتنوعة، والبدء بسياج السور المحيط بالقلعة من الخارج بعد تنظيف الحجارة بشكل دقيق، وجلي السياج الحديث وطلائه بالمواد العازلة الخاصة لحماية الحجر من التآكل والعوامل الجوية.
وأشارت إلى تزويد القلعة بالخدمات الرئيسية من كهرباء ومياه بالتوازي مع عمليات الترميم، وخط مياه رئيسي يغذيها، ودراسة ما يلزم من تجهيزات إضافية خارجها لدراستها لاحقاً ضمن محيطها الداخلي، فضلاً عن صيانة خط الكهرباء القائم وإنجاز التركيبات الكهربائية الداخلية لضمان سلامة البنى التحتية.
وبينت صباغ أن الترميم يشمل إصلاح جزء من الأسوار الدفاعية العلوية في البرجين رقم 40 و41 المتأثرين بشكل مباشر بالزلزال الأخير، ما أدى إلى تساقط الحجارة العلوية من مرامي السهام، وتوثيق الأضرار وتقييم الوضع الراهن باستخدام أساليب تقنية حديثة، على أن تتبع هذه المرحلة أعمال فرز ركام الحجارة المتساقطة وإعادتها إلى أماكنها الأصلية داخل السور وخارجه بما يحافظ على أصالة البناء وتاريخه.
وأكدت أن هذه الجهود تأتي ضمن خطة شاملة لإعادة تأهيل القلعة تدريجياً واستكمال ما تبقى من صيانة وترميم، بهدف الحفاظ على هذا المعلم الاستثنائي وإبرازه للأجيال القادمة كرمز حضاري وثقافي عريق.
أهمية قلعة حلب
قلعة حلب من أقدم وأهم القلاع في العالم، يعود تاريخها إلى العصور القديمة، ومرت عبر تاريخها الطويل بمحطات مهمة جعلت منها حصناً دفاعياً ومقراً للسلطة ومعلماً معمارياً متميزاً، تحتل القلعة موقعاً استراتيجياً في قلب حلب على تلة مرتفعة، وتشرف على المدينة بأكملها، ما منحها ميزة دفاعية كبيرة ساعدت على حمايتها عبر العصور، وتتميز بأسوارها الضخمة وأبراجها العالية وبوابتها الكبرى ونفقها الداخلي المعقد، فضلاً عن احتوائها على منشآت دينية وعسكرية وإدارية تعود لحقب مختلفة من الحضارات المتعاقبة على المنطقة، وإضافة إلى ذلك، تصنف كأحد أبرز المعالم الأثرية المدرجة على قائمة التراث العالمي لما تمثله من قيمة معمارية وتاريخية استثنائية.
أبرز أعمال الترميم
شهدت القلعة على مدى تاريخها عدداً من حملات الترميم والصيانة الواسعة، بينها أعمال في الفترة العثمانية للحفاظ على متانة أسوارها وتدعيم بعض أبراجها، وفي القرن العشرين، خضعت القلعة لأعمال ترميم موسعة شملت تدعيم الأساسات، وصيانة البوابة الكبرى، وترميم أجزاء من الأسوار والأبراج الداخلية.
نفذت مديرية الآثار، في تسعينيات القرن الماضي، مشروعاً متكاملاً لتوثيق القلعة ومعالجة التشققات والاهتراءات الناتجة عن العوامل الطبيعية، فيما أعقب ذلك تدخلات طارئة بعد الزلازل، بهدف إزالة الركام وحماية الأبنية التاريخية من الانهيار.
تتواصل الجهود اليوم، بخطى حثيثة للحفاظ على القلعة كمعلم خالد في وجدان السوريين، وذاكرة حية لتاريخ مدينة عريقة صمدت أمام الحروب والكوارث وبقيت شاهداً على حضارة ممتدة منذ آلاف السنين.