الثورة – راما نسريني:
على الرغم من أهمية المضادات الحيوية، وما قامت به من ثورة في عالم الطب، إلا أنها سلاح ذو حدين، فقد يؤدي استخدامها الخاطئ والعشوائي لتأثير عكسي تماماً، ربما يَحرم المريض من فوائدها بالكامل.
وقد تتحول هي بنفسها للقاح للجراثيم، لتقويتها في حربها مع المضادات الحيوية، حتى تتشكل لديها مناعة قوية، تجعلها غير قابلة للخسارة، في معركتها مع جسم الإنسان.
في حديثه لـ الثورة، يؤكد الصيدلي شادي بلحيص، أن المضادات الحيوية تُباع في سوريا من دون الحاجة لوصفة طبية، لكن المشكلة لا تكمن هنا، فمشكلتنا الحقيقة هي في انعدام الثقافة والوعي الطبي لدى الناس.

أزمة مستقبلاً
وأشار إلى أن بعض الأطباء أيضاً يلجؤون لوصف أعلى زمر المضادات الحيوية بشكل مباشر، من دون التدرج في استخدامه، وذلك لكي يشفى المريض بشكل أسرع، ما يزيد في ثقته بطبيبه، إلا أن المريض في هذا الحالة يفقد قدرته على الاستفادة باستخدام المضادات الحيوية الأقل زمرةً، الأمر الذي قد يشكل له أزمة في المستقبل.
ونوه بأن هناك أربع زمر من المضادات الحيوية، يجب على الطبيب والمريض، على حد سواء، التدرج في استخدامها من الأقل حتى الأعلى حتى يتم الشفاء بالكامل، مبيناً أن الاستعجال في طلب الشفاء هو الخطأ الأكبر في استخدام الأدوية بشكل عام، والمضادات الحيوية بشكل خاص، فالمرض ضروري لتوعية الجهاز المناعي لدى الإنسان، لذلك علينا أن نتريث في استخدام الأدوية، وترك العنان قليلاً للجسم، لتشكيل مقاومته الخاصة على حد تعبيره.
الجهل السبب الرئيسي
بدوره، بين الصيدلي حسان نجار لـ “الثورة”، أن الجهل هو السبب الرئيسي وراء الاستخدام العشوائي للأدوية، إذ إن المضادات الحيوية بشكل خاص، لا يمكن للفرد استخدامها من تلقاء نفسه، حيث يحتاج المريض لإجراء تحليل معين، لمعرفة نوع الجرثومة أو الفيروس الذي على أساسه يمكن وصف المضاد المناسب للحالة، مشدداً على ضرورة إتمام الجرعة بالكامل.
وأضاف: في حال وصف الطبيب لجرعة تمثلت في 40 حبة على سبيل المثال، فإن توقف المريض عند الحبة 38، لن يحقق الفائدة المرجوة من الدواء أبداً، وإن شعر بالتحسن الآني، بل وعلى العكس قد يتسبب في مناعة للجراثيم من تلك المضادات بشكل كامل.
و ختم حديثه بالتأكيد على أننا اليوم بحاجة لحملات توعية كبيرة حول مخاطر الاستخدام العشوائي للأدوية من دون الرجوع للطبيب أو الصيدلي المختص.
رقابة على الأطباء

من جانبها، أكدت أخصائية الأمراض الداخلية الطبيبة هبة الله محمد البكري لـ “الثورة”، أن هذه الظاهرة منتشرة منذ زمن طويل في الشارع السوري، الأمر الذي يشكل مقاومة لتلك الأدوية، وحين احتياج المريض الفعلي للمضادات نجد أن الجسم لديه مقاومة لـ 99بالمئة منها !
واعتبرت أن بعض الأطباء يساهمون أيضاً في انتشار تلك الظاهرة، عبر الوصف المبالغ فيه للمضادات الحيوية للمرضى، ناهيك بعدم وجود قانون يضبط عملية بيع تلك الأدوية من دون وصفة طبية.
وأكدت البكري في ختام حديثها على ضرورة إتمام مدة العلاج بالكامل، التي يحددها الطبيب على حسب خطة العلاج، منوهة بأهمية وجود رقابة على الأطباء للحد من الوصف المبالغ فيه للمضادات الحيوية، إضافة لحملات التوعية للحد من الاستخدام العشوائي للأدوية.