الثورة – عامر ياغي:
في ظل التحولات الاقتصادية العالمية، أصبحت المعارض والفعاليات أدوات استراتيجية لترويج المنتجات الوطنية وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وفي سوريا، تلعب هذه الفعاليات دوراً محورياً في تنشيط الاقتصاد، وفتح نوافذ جديدة أمام المنتج المحلي، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص.
ومنذ التحرير، شهدت سوريا العديد من المعارض في قطاعات مختلفة، أبرزها معرض دمشق الدولي، و”سيربترو 7″، و”بيلدكس”، و”تكسبو لاند”، و”إعمار سوريا 2025″، بمشاركة مئات الشركات المحلية والعربية والأجنبية.
ورأى الخبير المالي والمصرفي يحيى السيد عمر، أن هذه الفعاليات يمكن أن تحدث أثراً كبيراً إذا ما استُثمرت بشكل صحيح، بوصفها رافعة اقتصادية تتكامل مع خطط الدولة للإنتاج والتصدير وجذب رؤوس الأموال.
وقال السيد عمر لصحيفة “الثورة”: إن صناعة المعارض والفعاليات تعدّ من القطاعات ذات التأثير الاقتصادي الكبير. ففي عام 2024، بلغ حجم سوق هذه الصناعة عالمياً نحو 45 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 74 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يقارب 5.3%. وأضاف إن هذه الصناعة توظف ملايين العاملين حول العالم، وتجذب اهتمام الحكومات والشركات الكبرى من مختلف القطاعات.
وأوضح أن أبرز المراكز الدولية للمعارض توجد في أوروبا وآسيا، إضافة إلى الإمارات العربية المتحدة، التي أصبحت منصة لاستعراض الابتكارات، والترويج للاستثمارات، وربط رجال الأعمال والمستثمرين بصُنّاع القرار العالميين. كما أشار إلى أن المعارض اليوم جزء أساسي من الاقتصاد المعاصر، متداخلة مع قطاعات السياحة والاستثمار والتسويق، ما يجعلها أداة استراتيجية لتعزيز الاقتصاد الوطني وفتح أسواق جديدة.
أداة فعالة
وعلى المستوى المحلي، لفت الخبير الاقتصادي إلى أن المعارض تمثل أداة فعالة لتحريك الاقتصاد وتحقيق الانتعاش. فهي لا تقتصر على تقديم المنتجات والخدمات المحلية فحسب، بل تعمل كجسر لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتسهيل إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص، وتوفير فرص عمل جديدة.
وبيّن السيد عمر أن المعارض الداخلية والدولية توفر منصة لترويج المنتج الوطني، ما يسهم في زيادة الصادرات وتحقيق إيرادات بالعملة الأجنبية، ودعم الصناعات الوطنية. كما تساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على التوسع وإيجاد شركاء استراتيجيين.
أسواق جديدة
وأشار الخبير إلى أن مشاركة الشركات السورية في المعارض الدولية تساعد على الوصول إلى أسواق جديدة، وتوسيع قاعدة العملاء، والتعرّف على اتجاهات السوق العالمية. كما تسهم هذه الفعاليات في نقل المعرفة التقنية والخبرات الإدارية، ما يعزز كفاءة الشركات المحلية ويزيد من قدرتها على المنافسة في الأسواق الإقليمية والدولية.
وأكد السيد عمر أن المعارض تلعب دوراً محورياً في تشجيع سياحة الأعمال، مما ينعكس على النشاط الفندقي والنقل والخدمات اللوجستية، ويعزز صورة الدولة على الساحة الدولية كمركز تجاري واستثماري يجذب رجال الأعمال والمستثمرين للاطلاع مباشرة على الإمكانيات المتاحة في السوق السورية.
وأضاف إن المعارض توفر وسيلة فعالة لتبادل المعرفة والخبرات بين الشركات المحلية والعالمية عبر ورش العمل والفعاليات المرافقة، ما يرفع مستوى الابتكار وجودة المنتجات، ويزيد من تنافسية السوق. كما تمثل منصة لتقييم الطلب على المنتجات والخدمات، ومراجعة استراتيجيات التسويق، وتعزيز العلاقات مع الشركاء المحتملين، وهو ما يخلق بيئة أعمال أكثر استقراراً وجاذبية للاستثمارات المستقبلية.
واعتبر أن الاستثمار في تنظيم المعارض المحلية والدولية ليس مجرد نشاط تسويقي، بل استراتيجية اقتصادية شاملة. فنجاحها يعتمد على قدرة الدولة على التنسيق بين القطاعين العام والخاص، وتقديم حوافز للمستثمرين، وضمان بنية تحتية قوية، بما يحقق توازناً بين دعم المنتج المحلي وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، ويعزز فرص النمو الاقتصادي المستدام، ويضع سوريا على خارطة الاقتصاد العالمي، مع ضمان استفادة القطاعات الصناعية والخدمية المختلفة، وتحقيق تكامل بين التنمية الاقتصادية والسياحة والاستثمار.