الثورة – منال السماك:
بعد تعرضه للإصابة بالسكتة الدماغية، تأثرت حركة ذراعه اليمنى وتراجعت قدرته على الكلام، وبدأت معاناته بالتعامل مع إعاقة طارئة، فما زال أبو طارق في منتصف العمر وها هو يبدأ في معاناته، فالاعتماد على الآخرين بات ضمن برنامجه الحياتي اليومي، وتناول الطعام والشراب وارتداء الملابس، وحتى أبسط المهام أصبحت صعبة جدا، وصعوبة النطق زادت من عزلته إلى جانب عجزه، فوجهه طبيبه المتابع لحالته إلى معالج وظيفي ليبدأ مشواره العلاجي.

فما هو العلاج الوظيفي وأهدافه وفوائده؟ القدرة على أداء المهام اليومية الاختصاصية بالعلاج الوظيفي غيد أحمد جمعة أوضحت في لقاء مع “الثورة” أهمية العلاج الوظيفي وما يمكن أن يقدمه لبعض الحالات، فقالت: العلاج الوظيفي هو مهنة صحية تختص بإعادة التأهيل، والذي يهدف إلى تحسين القدرة على أداء المهام اليومية، وذلك لدى الأفراد الذين يواجهون صعوبة في القيام بها، نتيجة حالات مرضية أو حوادث، أو بسبب إعاقات جسدية أو نفسية أو معرفية، و يسعى برنامج التأهيل و العلاج الوظيفي لمساعدة هؤلاء الأشخاص لتحقيق الاستقلالية والتمتع بحياة أكثر جودة من خلال الاندماج في المجتمع.
وهناك طريقتان في إعادة التأهيل، الطريقة الأولى يستطيع المعالج الوظيفي من خلالها أن يعوض الوظيفة المفقودة لدى الشخص بسبب الإعاقة المتواجدة لديه، سواء كانت ذهنية أو حركية أو نفسية، والطريقة الثانية يلجأ فيها المعالج الوظيفي إلى تجديد هذه الوظيفة بطريقة نظام المعاوضة لإعادة الوظيفة المفقودة، وبذلك تتغير حياته ونساعده بالوصول إلى الاستقلالية في القيام بالمهام الضرورية اليومية.
تقييم دائم و خطة مناسبة
وعن خطة عمل المعالج الوظيفي في تدبير الحالات، تشير الاختصاصية “جمعة” إلى أن خطة العلاج تعتمد على مبدأ التقييم الدائم، ففي البداية يتم تقييم الحالة، ومن ثم وضع الخطة العلاجية، وبعدها يعاد التقييم لمعرفة استفادة الحالة من هذه الخطة، لإجراء التعديل الذي يحقق استفادة أكبر.
و يمكن للعلاج الوظيفي أن يقدم الكثير من الفائدة في تكيف الفرد مع استخدام الأجهزة المساندة والتعويضية، كما يهتم بإعادة التأهيل من الناحية النفسية والعصبية، بالإضافة لبرنامج التكامل الحسي لأطفال التوحد، وتحليل الحركة الخاص بالعلاج الوظيفي، وإعادة التأهيل بعد الحوادث، أو إعاقات وتشوهات خلقية، ويمكن للعلاج الوظيفي التدخل مع المتلازمات، وحالات الإعاقة كمتلازمة داون و الشلل الدماغي، بالإضافة لاضطراب الطفولة المتفكك، وفرط النشاط وقلة الانتباه، كما أن جلسات العلاج الوظيفي تقدم فائدة للأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم أو اضطراب النطق بمساعدة اختصاصي النطق، وتسهم في تحسين أدائهم المدرسي، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وإحساسهم بالإنجاز.
تحسين الذاكرة والمهارات الفكرية وبالنسبة لكبار السن فيمكن للعلاج الوظيفي أن يساعدهم على أداء مهامهم الشخصية اليومية وتحقيق الاستقلالية، خاصة بعد التقدم بالعمر الذي يمكن أن يؤثر على القدرة على الرؤية والسمع والتوازن، بطريقة يمكن أن تزيد من مخاطر التعرض للإصابات الطارئة، كما أنهم قد يتعرضون للإصابة ببعض الأمراض الجسدية المزمنة التي تؤثر على حركتهم، فيعمل العلاج الوظيفي على مساعدتهم في استعادة بعض الحركات، وتحسين الذاكرة والمهارات الفكرية، للاعتماد على النفس نوعاً ما.
إن العلاج الوظيفي تنبع أهميته ليس فقط بإعادة بعض المهارات والقدرات المفقودة، بل بتحقيق حياة كريمة للأشخاص الذين يعانون من عجز وألم، فالاستقلالية تمنح الحرية وتعزز الثقة بالنفس وتساعد على الاندماج العادل بالمجتمع.