الثورة – وفاء فرج:
بينما تسعى القيادة السورية لإعادة البلاد إلى مسار التعافي الاقتصادي والسياسي على المستوى الدولي، لا يزال الأداء الداخلي يواجه تحديات عميقة وضعفاً في إدارة الملفات الاستراتيجية، بحسب الخبراء الذين يرون أن تحسين الإدارة ودعم المستثمرين المحليين قد يكون مفتاح إطلاق ديناميكية اقتصادية مستدامة.
ويشير الخبير الاستشاري في التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات، مهند الزنبركجي، إلى أن هذا الضعف يتجلى في نقاط محورية عدة، أبرزها إدارة القطاعات الحيوية الرئيسة.
ويقول الزنبركجي لصحيفة “الثورة”: إن التعاقد مع شركات إقليمية وعالمية لتطوير شبكة الكهرباء تم على أساس “عقد استثمار”، بينما كان ينبغي أن يكون على أساس “شراكة”.

وقد انعكست نتائج هذا التوجه سريعاً على رفع أسعار الفواتير إلى مستويات قياسية، ما يهدد بإغراق الاقتصاد السوري المنهك، مؤكداً أن الكهرباء قطاع مهم لا يجب التفريط فيه بالكامل لأي شركة خاصة.
ويضيف أن السعي باتجاه واحد لاستقطاب الاستثمارات الخارجية لن ينجح بمجرد توفير التسهيلات أو تنظيم المهرجانات، كما يحذر من أن الشركات الكبيرة، سواء الحكومية أو الخاصة، ستأتي غالباً للسيطرة على القطاعات الحيوية ذات الجدوى الاقتصادية السريعة، التي لا تتعدى سنتين إلى ثلاث سنوات.
أما الاستثمارات الخاصة والشركات العائلية، فتتطلب شروطاً أطول تبدأ بضمان الأمن والاستقرار السياسي وإنشاء محاكم اقتصادية متخصصة، وفق الزنبركجي.
الاستثمار المحلي

ويشدد على أن الأجدى كان منح الأولوية في الاستثمار للقطاع الخاص الوطني، سواء في الداخل أو الخارج، قبل التوجه إلى المستثمرين الإقليميين والعالميين، لأن ذلك يشجع المستثمر السوري على المخاطرة برأسماله في وطنه، في ظروف يحجم فيها الكثير من المستثمرين الإقليميين عن الدخول.
ويلفت الخبير إلى أن الدولة “لم تضع خططاً احترافية” لاستقطاب أموال المدخرين من الشعب السوري، الذين يملكون مدخرات متوسطة تتراوح بين ثلاثة آلاف و15 ألف دولار لكل مدخر، لكنها تشكل مجتمعة تمويلاً ضخماً للاقتصاد السوري يصل إلى نحو 200 مليار دولار.
ويؤكد أن هذه الفئة تطمح إلى تنويع مصدر دخلها عبر استثمار آمن نسبياً، دون مخاطر كبيرة، ومن خلال قنوات موثوقة.
ويرى الزنبركجي أن سوريا بحاجة ماسة اليوم إلى فتح الأبواب أمام الخبراء ذوي الخبرة العملية والميدانية في إدارة الأزمات والتخطيط الاستراتيجي، وتذليل أي عقبات أمامهم لتطوير الاقتصاد الوطني من خلال مشاريع متكاملة ومدروسة بعناية، قبل فوات الأوان.