الثورة- ترجمة ختام أحمد:
من المقرر أن تجادل الحكومة البريطانية في قضية تاريخية أمام المحكمة العليا بأن الحفاظ على دور بريطانيا في برنامج مقاتلات إف-35 العالمي له الأولوية على الامتثال لقوانين تصدير الأسلحة المحلية أو أي واجب قانوني لمنع الإبادة الجماعية في غزة.
وستختبر جلسة الاستماع التي تستمر أربعة أيام وتبدأ يوم الثلاثاء ما إذا كان الوزراء قد تصرفوا بشكل غير قانوني من خلال مواصلة توريد أجزاء لطائرات إف-35 التي قد تستخدمها إسرائيل في هجومها المستمر على غزة، وقد رفعت هذه القضية منظمة الحق الفلسطينية لحقوق الإنسان، وتدعمها منظمات بارزة مقرها المملكة المتحدة، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، وأوكسفام، وشبكة العمل القانوني العالمية (GLAN).
وتتركز الحجة القانونية للحكومة على الادعاء بأن أي خلل في سلسلة توريد طائرات إف-35 من شأنه أن يلحق الضرر بأمن حلف شمال الأطلسي، حسبما ذكرت صحيفة الغارديان يوم الاثنين.تُورّد بريطانيا حوالي 15% من قيمة الطائرة، بما في ذلك مقاعد القذف، وأجزاء هيكل الطائرة الخلفي، وأجهزة الليزر المُستهدفة، ومكونات أخرى، وذلك بشكل رئيسي من خلال شركة بي إيه إي سيستمز، وهي ثاني أكبر مساهم في برنامج إف-35 بعد الولايات المتحدة.
ويعترف محامو الحكومة بأن قوانين تصدير الأسلحة في المملكة المتحدة تحظر توريد المعدات حيث يوجد خطر واضح من استخدامها لارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، ومع ذلك، فإنهم يزعمون أن الأجزاء يتم توريدها إلى مخزون عالمي، وليس “مباشرة” إلى إسرائيل، وأن وقف الإمدادات قد يضر بمصداقية المملكة المتحدة داخل حلف شمال الأطلسي ويضر بالعلاقات مع الولايات المتحدة.
في مذكراته المقدمة للمحكمة، ادعى وزير الدفاع جون هيلي أن تعليق الصادرات سيكون له “تأثير عميق على السلام والأمن الدوليين”، وأن مثل هذه الخطوة قد تقوض ثقة الولايات المتحدة بالمملكة المتحدة في “منعطف حاسم في تاريخنا المشترك”، وحذّر كذلك من أن الخصوم قد “يستغلون أي ضعف يُتصور”.
وقالت المحامية في شبكة الإجراءات القانونية العالمية، شارلوت أندروز بريسكوي، التي تمثل مؤسسة الحق: إن استمرار دعم المملكة المتحدة لبرنامج إف-35 مكّن إسرائيل من شن هجمات على غزة بعواقب “كارثية ومستمرة”، وأشارت إلى أكثر من 15 ألف مهمة جوية نفذتها طائرات إف-35 الإسرائيلية منذ السابع من تشرين الأول، بما في ذلك غارات 18 آذار التي أسفرت عن مقتل أكثر من 400 فلسطيني في يوم واحد، من بينهم 183 طفلاً و94 امرأة.قال أندروز- بريسكوي لصحيفة الغارديان: “هذه الطائرات الحربية تُسبب وفيات وإصابات تُغير مجرى الحياة، كما أنها تدعم القوات البرية التي تُجوّع عمداً سكاناً مُهلكين أصلاً”، وحذّرت من أن نهج الحكومة يُخاطر بتفريغ المعنى القانوني لمنع الإبادة الجماعية من محتواه، “لقد زعموا عملياً أن اتفاقيات جنيف لا تُطبّق محلياً إلا إذا أصدرت محكمة دولية حكماً قاطعاً بشأن الإبادة الجماعية- وهو أمر يُقرّون بأنه قد يستغرق سنوات. إذا قُبلت هذه الحجة، فإنها ستُجرّد واجب منع الإبادة الجماعية من أي أهمية عملية، “كما انتقدت جينين ووكر، محامية منظمة الحق، اعتماد الحكومة على حجج الأمن القومي، قائلةً: “بالطبع، من الممكن منع وصول أجزاء من طائرات إف-35 البريطانية الصنع إلى إسرائيل دون انهيار البرنامج بأكمله، إن ما يهدد السلام والأمن الدوليين حقاً هو هذه الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي”.
وفي حديثها لصحيفة “العربي الجديد” ، قالت إميلي آبل، منسقة الإعلام في حملة مناهضة تجارة الأسلحة (CAAT): “إن موقف الحكومة في هذه القضية غير مقبول وغير قانوني وغير أخلاقي، فمن خلال استمرارها في توريد قطع غيار طائرات إف-35 عبر المخزون العالمي، فإنها تنتهك القانونين المحلي والدولي”، لا شك أن هناك خطراً واضحاً يتمثل في استخدام إسرائيل لطائرات إف-35 لارتكاب جرائم حرب، وأنها غير ملتزمة باحترام القانون الدولي. ومع ذلك، تُصرّح هذه الحكومة بازدراء بأن وقف توريد قطع غيار طائرات إف-35 سيُعرّض الأمن العالمي للخطر، ومع ذلك، فإن تجاهل اتفاقية الإبادة الجماعية، وتجاهل القانونين المحلي والدولي، هو أكبر تهديد للسلام والأمن العالميين قد نواجهه.وأضافت أبل أن “ضرورة هذه القضية القانونية تُعدّ فضيحة أخلاقية وقانونية”، واتهمت الحكومة البريطانية بتقديم أرباح صناعة الأسلحة على أرواح الفلسطينيين، وقالت: “نأمل أن تُنهي هذه القضية أخيراً تواطؤ المملكة المتحدة في جرائم الحرب الإسرائيلية المروعة”، تأتي هذه القضية في ظل تجدد الاهتمام بالدعم العسكري البريطاني لإسرائيل.
ففي أيلول 2023، علّقت الحكومة 30 ترخيصاً لتصدير الأسلحة قبل 90 دقيقة فقط من جلسة استماع مقررة في المحكمة، لكنها استثنت بشكل ملحوظ أجزاءً من طائرات إف-35 من التعليق، بحجة أنها بالغة الأهمية لحلف الناتو بحيث لا يمكن تقييدها.
وقالت ياسمين أحمد، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في المملكة المتحدة: إن الحكومة فشلت في الوفاء بمسؤولياتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، وبحلول الثاني من أيلول، كان الوزراء على علم بمقتل أكثر من 41 ألف فلسطيني، بينهم 15 ألف طفل، وتهجير 1.9 مليون شخص قسراً، ومع ذلك، استمروا في تزويد إسرائيل بقطع غيار طائرات إف-35 دون حتى التفكير في خطر الإبادة الجماعية، على حد قولها.
المصدر _ The NewArab