The New Arab :كيف تساهم العلاقات الدفاعية بين “الأوروبي” وتركيا في تعزيز نفوذ أنقرة بالأمن الإقليمي؟

الثورة- ترجمة هبه علي:

على الرغم من استمرار الثنائية في أوروبا، إلا أن هناك رغبة متزايدة في بناء علاقات دفاعية مع تركيا، مما يعزز مكانتها حتما في المسارح الإقليمية.

وفي عام 2025، ستعيد أوروبا ضبط استراتيجيتها الدفاعية، مع ظهور تركيا كشريك محوري على نحو متزايد.

برز هذا التحول جليا في 30 نيسان، عندما التقت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وناقش الزعيمان العلاقات الثنائية في مجالات الدفاع والتجارة والأمن الإقليمي، مع التركيز على الحرب في أوكرانيا، واستقرار الشرق الأوسط، والهجرة.وبالإضافة إلى التعهد بزيادة التجارة الثنائية إلى 40 مليار يورو، كانت النتيجة الرئيسية إنشاء مشروع مشترك بين شركة بايكار التركية وشركة ليوناردو الإيطالية لإنتاج طائرات بدون طيار، من خلال الجمع بين خبرة الشركتين في تصميم وتكنولوجيا الطائرات بدون طيار.

وتعكس هذه الخطوة، التي لا تقتصر على إيطاليا فحسب، الجهود الأوسع التي تبذلها أوروبا لتوثيق العلاقات مع أنقرة، وخاصة في مجال الدفاع.

وفي هذا العام، تعززت العلاقات الدفاعية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وتجلى ذلك في مشاركتها في مبادرة الدرع الجوي الأوروبية والمشاريع المشتركة، بما في ذلك إنتاج الذخيرة مع بولندا، وإمدادات المركبات إلى رومانيا، والتعاون البحري مع البرتغال.

أصر أردوغان على مشاركة تركيا في خطط الاتحاد الأوروبي لشراء الدفاع وإعادة الإعمار في أوكرانيا، وطلب فعليا مقعدا على الطاولة في التخطيط الدفاعي الأوروبي.

في الواقع، تمتلك أنقرة ثاني أكبر جيش نظامي في حلف شمال الأطلسي، وتتمتع بموقع استراتيجي حيوي في البحر الأسود، وشرق البحر الأبيض المتوسط، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما يمكنها من موازنة روسيا واستكمال المصالح الأمنية للاتحاد الأوروبي.

وبحسب ألبر كوشكون، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، فإن غزو روسيا لأوكرانيا وانخفاض موثوقية الولايات المتحدة أدى إلى زيادة قيمة تركيا بالنسبة لأوروبا.

وأضاف في تصريح لـ”العربي الجديد” أن “نجاح تركيا في تطوير صناعتها الدفاعية، إلى جانب قدراتها القتالية المتطورة (حتى لو لم تكن على قدم المساواة مع أوكرانيا، فهي بالتأكيد أكثر منها مقارنة بكل القوات الأوروبية) من حيث الحجم ومستويات الجاهزية، يزيد من قوة تركيا ” .

وأضاف أن “هذا من شأنه أن يزيد من نفوذ تركيا، الأمر الذي قد يحقق لها فوائد سياسية”.

وتقول أصلي أيدينتاشباش، الزميلة الزائرة في معهد بروكينجز، لصحيفة “ذا نيو عرب”: “لا شك أن تركيا ستلعب دوراً في البنية الأمنية المستقبلية لأوروبا- ولكن هذا الدور من المرجح أن يتضمن اعتراف الأوروبيين برغبة تركيا في إنشاء منطقة نفوذ في محيطها، من القوقاز إلى سوريا” .

من منظور دفاعي، يعد البحر الأسود منطقة رئيسية سيحتاج فيها الأوروبيون إلى تركيا، فالأسطول التركي يضاهي الأسطول الروسي الآن، ويمكنه أن يشكل قوة طمأنينة لمنع تحول المنطقة إلى بحيرة روسية.

ورغم إدراك أهمية التحالف مع أنقرة في مواجهة روسيا، كانت هناك ردود فعل متباينة تجاه نفوذ تركيا في أماكن أخرى، مثل شرق البحر الأبيض المتوسط.علاوة على ذلك، تشهد العلاقات بين تركيا وبروكسل خلافا حول وضع قبرص، حيث دعا أردوغان مؤخراً إلى “حل الدولتين” بين الإدارتين الشمالية والجنوبية .

ولكن هذا الانقسام الأوسع خفت حدته في السنوات الأخيرة، ويتجلى ذلك في المبادرات الدبلوماسية الفرنسية الأخيرة تجاه أنقرة، بما في ذلك محادثات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو في الثاني من نيسان، لمناقشة التحالف بشأن أوكرانيا ولكن أيضاً سوريا ما بعد الأسد، حيث تتطلع باريس إلى لعب دور فيها.

وفي نهاية المطاف، ساعد الموقع الجيوستراتيجي لتركيا وانفتاحها على الاتحاد الأوروبي في تعزيز دورها كشريك حيوي.مع ذلك، لا تزال هناك تحديات قائمة، ولاسيما فيما يتعلق بتباين آراء الدول الأوروبية تجاه تركيا، ولاسيما الخلافات بين الاتحاد الأوروبي نفسه وبعض دوله الأعضاء، ومع ذلك، ستشعر أوروبا بالتأكيد بضغط أكبر للتحالف مع أنقرة، ولاسيما مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتقلب تصرفات الرئيس ترامب.

ولا شك أن هذا المسار المتنامي لقبول تركيا بين صناع القرار في الاتحاد الأوروبي سيشكل دفعة قوية لأنقرة، بدءاً من انحياز إيطاليا في ليبيا وصولاً إلى اعتراف أوروبا بالدور الرئيسي الذي تلعبه تركيا في سوريا، وهو ما قد يعزز نفوذ أنقرة بشكل أكبر في هذه المجالات.

المصدر- The New Arab