الثورة – رفاه نيوف:
القرار الأخير لرفع أسعار الكهرباء في سوريا، ولّد الكثير من الأخذ والرد، بين من يراه ضرورة ملحة لاستدامة وترشيد استخدامها، و من يرى أن الوقت غير مناسب لرفع أسعارها اليوم، ويجب أن ترفع تدريجياً بما يتناسب مع زيادة الرواتب.
من خلال نظرته الحيادية لهذا القرار، يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور علي محمد لصحيفة الثورة، أن أسباب ارتفاع أسعار الكهرباء تكمن في أن كتلة الدعم المقدمة لقطاع الكهرباء كبيرة جداً، حيث تتكبد الموازنة العامة نفقات سنوية كبيرة.
هذه النفقات ليس لها رقم دقيق، ولكن قبل سنتين، بلغ الدعم المقدم لقطاع الكهرباء ما يعادل 4400 مليار من أصل موازنة قدرت بـ 16650 ملياراً، أي بنسبة 27بالمئة من إجمالي الاعتمادات، وهذا الرقم يقارب على ما اعتقد 2024/2025، وبهذا تكون كتلة الدعم أكثر من ربع الموازنة العامة، وبالتالي شكّل هذا الدعم عبئاً ثقيلاً.
تعديات واهتلاك
وأضاف د. محمد: يضاف إلى ما سبق ما تعرضت له محطات توليد الكهرباء في سوريا من ضرر كبير، إذ تعرضت حوالي 49 محطة توليد للتخريب، وهي بحاجة للتأهيل وإعادة بناء البنية التحتية لشبكات الكهرباء والتوزيع، والتي تعاني من قدم وتعديات و اهتلاك، ولابد من إعادة تأهيلها، وإن استدامة توفير خدمة الكهرباء في سوريا، تتطلب استثماراً في هذه البنية التحتية من المحطات إلى المنازل والمعامل.
هذه الصيانات الكاملة والبناء الجديد لبعضها، يتطلب أموالاً، لابد من أن تأتي بها الحكومة.
اليوم يعرض قطاع الكهرباء أولويات الاستثمار الأجنبي، وهذا الاستثمار يهدف إلى الربح، فتكلفة إنتاج الكيلو واط ساعي في سوريا تقارب حوالي 14 إلى 15 سنتاً، والمستثمر يود أن يستثمر ويبيع إنتاجه، والأسعار السابقة غير صحيحة للاقتصاد ولقطاع الكهرباء، ولكنها صحيحة اجتماعياً لتخفيف الفواتير عن المشتركين.
تصويب
وتابع د. محمد: وبنظرة حيادية، لابد من تعديل هذه التسعيرة وتصويبها، وما يحدث اليوم بالنسبة للشرائح، أنها سابقاً كانت ست شرائح، واليوم تم تقسيم الشرائح إلى أربع بما يحاكي الشرائح السابقة، ولكن بتغيير من قيمتها المنزلية من واحد إلى 300 واط بسعر 600 ليرة، وبهذا يكون الدعم الحكومي المقدم 60بالمئة والمواطن يدفع 40 بالمئة تكلفة الكيلو واط 14 سنتاً، أي كلفته 1700 ليرة.
وتساءل د. محمد: هل الشريحة من واحد إلى 300 تكفي المواطن لشهر أو لشهرين؟، أعتقد أنها لا تكفي والجواب عند وزارة الطاقة، وهنا يدخل الترشيد الذي تهدف إليه وزارة الطاقة على ما يبدو للحفاظ على عدم خروجها إلى الشريحة الثانية فوق 300 واط، فهي مكلفة جداً، وتشكل 82 بالمئة من إجمالي التكلفة.
وأمل د. محمد أن تعمل الوزارة على رفع الشريحة الأولى إلى ما بين 400 _ 500 واط، وتخفيض السعر حتى لا يكون عبئاً على المشترك.
والفكرة الجيدة تحصيل فواتير الكهرباء من الوزارات والمؤسسات بواقع 1700 ليرة، وهذا يحسب لوزارة الطاقة إن استطاعت التحصيل.
مهمة لأي استثمار قادم
وبالنسبة للكهرباء الصناعية، تم تخفيضها سابقاً نتيجة إلغاء الرسوم، اليوم عادت قليلاً لتصبح مشابهة للتكلفة 1700 ليرة للواط للمؤسسات والمصانع، مثل مصانع صهر الحديد، ولا يوجد تغيير كبير عليها قبل إلغاء الرسوم.
وختم د. محمد: لا شك أن الحاجة للكهرباء كبيرة، حيث تنتج اليوم 2200 ميغا واط، وربما نحتاج إلى ما بين 9000 _ 10000 ميغا، ووزارة الطاقة تقول: إن المحطات مستعدة لتوليد 5000 ميغا شرط توفر التوريد اللازم من الغاز وغيره.
اليوم في سوريا، المستثمر يريد الأمن بداية ثم الطاقة، ومجرد أن نجذب مستثمرين للطاقة وتبدأ الطاقة بالتحسن، سنجد مستثمرين آخرين نتيجة توفرها، وهي مهمة جداً لأي استثمار قادم.