الثورة – جاك وهبه:
في تقرير لصندوق النقد الدولي، أشاد الخبراء بالتحول الاقتصادي الجاري في المملكة العربية السعودية، معتبرين أن الإصلاحات الشاملة التي تنفذها المملكة تواصل تحقيق تقدم ملموس.
ويبرز التقرير أن النمو غير النفطي لا يزال قوياً رغم تباطؤه من 5,3 بالمئة في عام 2022 إلى 3,8 بالمئة في 2023، مدعوماً بالطلب المحلي القوي والاستثمارات غير النفطية، مما يعكس نجاح جهود التنويع الاقتصادي وفق مستهدفات “رؤية السعودية 2030”.
استقرار اقتصادي
وفقاً للتقرير سجل الاقتصاد السعودي انكماشاً في الناتج النفطي بنسبة 9 بالمئة في عام 2023 نتيجة تخفيضات الإنتاج ضمن اتفاق “أوبك+”، مما أدى إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 0.8بالمئة، ومع ذلك، بقيت فجوة الناتج غير النفطي إيجابية، ويواصل الاقتصاد تجاوزه للتوترات الجغرافية – السياسية في المنطقة بفضل متانة البنية الاقتصادية وقوة قطاع الخدمات.
وأظهر التقرير انخفاضاً تاريخياً في معدل البطالة، وأضاف الاقتصاد أكثر من مليون وظيفة جديدة عام 2023، معظمها في القطاع الخاص، وانخفضت نسبة البطالة بين السعوديين إلى 7,7 بالمئة، وهو مستوى يقترب من المستهدف الوطني البالغ 7بالمئة، كما تجاوزت مشاركة المرأة في سوق العمل 30بالمئة، وهو ما يفوق المستهدف في رؤية 2030.
ورغم ارتفاع أسعار الإيجارات، تراجع معدل التضخم العام من 3,4 بالمئة في يناير 2023 إلى 1,6 بالمئة في أبريل/ نيسان 2024، بدعم من قوة الريال السعودي المرتبط بالدولار، والإجراءات الاحترازية للبنك المركزي السعودي (ساما)، إلى جانب مرونة سوق العمل وسياسات الدعم الحكومي.
كما انخفض فائض الحساب الجاري من 13,7 بالمئة من الناتج المحلي في 2022 إلى 3,2 بالمئة في 2023 نتيجة انخفاض عائدات النفط وارتفاع الواردات، لكن ارتفاع دخل السياحة بنسبة 38 بالمئة ساهم في الحد من التراجع، مع احتفاظ المملكة باحتياطيات أجنبية ضخمة تغطي أكثر من 15 شهراً من الواردات.
يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الكلي بنسبة 4,5 بالمئة في عام 2025، مدعوماً بزيادة الاستثمارات في مشاريع كبرى مثل “إكسبو 2030” وكأس آسيا، ويتوقع أن يظل النمو غير النفطي مستقراً عند 3,5 بالمئة عام 2024، بينما يتراجع الناتج النفطي بسبب استمرار خفض الإنتاج.
ورغم تفاؤل الصندوق بمستقبل الاقتصاد، أشار إلى مخاطر محتملة، منها تقلب أسعار النفط، والتباطؤ العالمي، وتسارع الطلب على مصادر الطاقة البديلة، ما قد يؤثر على الإيرادات النفطية على المدى البعيد.
عجز مالي معتدل
بعد تسجيل فائض مالي في 2022، عادت المالية العامة إلى تسجيل عجز في 2023، متوقع أن يبلغ نحو 3بالمئة من الناتج المحلي في 2024 بسبب انخفاض الإيرادات النفطية وارتفاع الإنفاق. ورغم ذلك، يظل الدين العام عند مستويات آمنة (26,2بالمئة)، مع خطط للحد من العجز تدريجياً حتى 2029.
ويحث صندوق النقد الدولي المملكة على تعزيز الإيرادات غير النفطية، وترشيد دعم الطاقة، ورفع كفاءة الإنفاق، ضمن استراتيجية تضمن العدالة بين الأجيال وتحافظ على الاستدامة المالية.
استقرار مالي
أظهر القطاع المصرفي في السعودية أداءً قوياً مع نسبة كفاية رأس مال تتجاوز 20بالمئة، وارتفاع معدلات الربحية والسيولة، وأوصى الصندوق بمواصلة استخدام أدوات السياسة الاحترازية الكلية لمواجهة مخاطر الائتمان العقاري المتزايد، إلى جانب تحديث الإطار الرقابي والتشريعي لتعزيز الاستقرار المالي.
وأكد التقرير أن السعودية تقطع خطوات ثابتة نحو اقتصاد متنوع ومستقر، داعياً إلى مواصلة الإصلاحات والسياسات الاقتصادية الكلية المتزنة لضمان استمرار زخم النمو وتحقيق مستهدفات رؤية 2030 بكفاءة واستدامة.